“جوكاري” قرية موريتانية يمتد تاريخها لأربعة قرون و تواجه اليوم خطر الفيضانات

كان سكان قرية “جوكاري” يستعدون ليوم عادي كغيره، حيث يتوجه الرجال إلى حقول الزراعة لري محاصيلهم، بينما تتولى النساء تدبير شؤون البيت، لكن مياه نهر السنغال جرت بما لا يشتهي سكان القرية.

فقد اجتاحت مياه النهر، بعد ارتفاع منسوبه، القرية فجأة ودون سابق إنذار، لتفرض حصاراً عليها وتمنع الوصول إليها.

تحذيرات منظمة استثمار نهر السنغال من فيضانات تهدد المناطق الواقعة على ضفافه، لم تمنح السكان الوقت الكافي للنزوح وإخلاء قريتهم.

خطر الفيضانات

تقف قرية جوكاري التابعة لبلدية لكصيبة2 بولاية اترارزة، التي تحمل عبق تاريخ يمتد لأربعمئة عام، اليوم على حافة الاندثار، وفقاً لسكانها.

ويقول اسحاق، أحد أعيان القرية، في تصريح لـ”صحراء ميديا” إن هذه القرية العتيقة، التي كانت شاهدة على أجيال من الحكايات والموروثات، تواجه خطر الفيضانات التي اجتاحت بيوتها وحاصرت أهلها.

زورق تابع للبحرية يحمل مساعدات للقرية (صحراء ميديا)

وتهدد مياه نهر السنغال بإزالة آثار هذه القرية التاريخية، التي قاومت الزمن والتغيرات؛ فقد تكون المياه المتدفقة قادرة على محو ذاكرة المكان وإنهاء قصة عمرها قرون.

وفي هذا السياق، يضيف اسحاق أنهم اعتادوا على السيول التي كانت تجتاح القرية من حين لآخر، لكن هذه المرة كانت الأوضاع مختلفة تماماً، إذ كانت الفيضانات أقوى بكثير وأكثر قسوة.

ويسترجع اسحاق مشاهد تدفق المياه المحاصرة لقريته المنكوبة، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من الخروج من منزله منذ أسبوع، مثل باقي السكان الذين ينتظرون إمدادات من البحرية.

المشاهد في جوكاري قاسية، حيث تعزلهم الفيضانات عن العالم الخارجي، ولا يمكن الوصول إليهم إلا عبر الزوارق، لذلك أطلقت السلطات المحلية حملة إغاثة بالتعاون مع البحرية الموريتانية.

ويقول مراسل “صحراء ميديا”، الذي رصد مشاهد الفيضانات في هذه القرية، إن السكان يعتمدون على المساعدات التي تقدمها البحرية، مشيراً إلى أن الوصول إليهم لا يمكن إلا عبر الزوارق.

ويضيف المراسل أن أهالي القرية يخشون من تمدد الفيضانات إلى بيوتهم، مؤكداً أن بعض الأسر نزحت إلى منطقة أخرى من القرية بعد أن اجتاحت المياه بيوتهم.

ترقب وقلق

أما في قرية لكصيبة رقم 2، فيعيش السكان في حالة من الترقب والقلق، حيث يداهمهم الخوف من الفيضانات التي بدأت تقترب منهم، وفق السلطات المحلية في ولاية اترارزة.

تقول إحدى سكان لكصيبة2، إن المياه تحاصر منازلهم من كل الجهات دون الحصول على أي مساعدة حكومية”. 

وتضيف في تصريح لـ”صحراء ميديا”: “نحتاج إلى تدخل عاجل لإنقاذنا مما نعيشه، فقد باتت الأوضاع لا تُحتمل”.

وفي غضون ذلك، أفاد مراسل “صحراء ميديا” بأن البحرية الموريتانية بدأت في إجلاء سكان “كرفاتة” بعد أن غمرتها مياه نهر السنغال. 

قال المراسل إن القرية تقع على الحدود مع لكصيبة رقم 2 بمقاطعة انتيكان، وتقدر عدد الأسر القاطنة فيها بحوالي 50 أسرة.

من جهة أخرى، ذكرت الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية) أن وفداً من لجنة الطوارئ وتسيير الأزمات قام بزيارة تفقد وإطلاع للتجهيزات اللوجستية والفنية التي ستتدخل في المناطق المتضررة من الفيضانات في ولاية كيدي ماغا.

وقد زار الوفد مقر الإدارة الجهوية لوزارة المياه والصرف الصحي التي أرسلت 6 صهاريج كبيرة لتوفير المياه الصالحة للشرب للمتضررين. كما زار المنطقة العسكرية الرابعة التي وفرت سيارات لنقل المعدات إلى مقاطعتي غابو وومبو.

وزار الوفد مخازن مفوضية الأمن الغذائي، حيث يتم تخزين المواد الغذائية والخيام والأفرشة والبطانيات والناموسيات، ومقر التكافل التابع لمندوبية تآزر، إذ سيتم توزيع مبالغ نقدية على الأسر المتضررة.

نقلا عن صحراء ميديا