يشكل التعليم وسيلة الدول والشعوب للرقي والازدهار، إذ لا أمل لاي شعب في التقدم والتطور بدون تعليم صالح مناسب، لذلك ظل إصلاح التعليم في موريتانيا مركز اهتمام النخب الوطنية والمهتمين بالشأن العام لارتباطه الوثيق بالهوية والانسجام الاجتماعي من جهة، وبالتنمية الاقتصادية من جهة أخري.
وقد علقت آمال كبيرة علي إصلاح النظام التعليمي الأخير لما أحيط به من هالة إعلامية وصدر عنه من تشخيص واقتراحات وقرارات وإجراءات ، وكان منتظرا منه إعادة الثقة للمدرسة الجمهورية عن طرق تدريس الناشئة باللغة الرسمية وتطوير اللغات الوطنية والقضاء علي التمايز اللغوي وتعزيز اللحمة الوطنية ، وجعل التلاميذ من مختلف الشرائح والأعراق يدرسون تحت سقف واحد نفس المنهج ، فضلا عن تعزيز قدرات وتحفيزات طواقم التدريس والتاطير وتوفير العدد الكافي منها والاعتناء بالبنية التحتية المدرسية كما ونوعا وبالتجهيزات والأدوات التربوية ,
لكن سرعان ما أحبطت امال الكثيرين بعد تجربة ثلاث سنوات فقط من تنفيذ هذا الإصلاح بسبب غياب الإرادة والجدية في تحقيق الأهداف والخطط المتفق عليها نظريا وعدم تعبئة الموارد المالية الضرورية وإفساد ما توفر منها؛ فلم تمنح المصادر البشرية ما تستحق من دعم وتحفيز مادي ومعنوي، ولم يتوفر من البني التحتية والتجهيزات المدرسية ما يناسب القرارات المتخذة والشعارات المرفوعة، حيث ظل الاكتظاظ في الفصول سيد الموقف وعجزت المدارس عن استيعاب الأطفال الصغار الراغبين في دخول المدارس وزاد من استفحال الأمر القرار المتهور الذي منع المدارس الخصوصية من استقبال الأطفال في السنوات الأولى والثانية والثالثة من الابتدائية، دون أن توفر الدولة بديلا يستوعب هؤلاء الأطفال حيث يوجد اليوم عدد كبير منهم لم يتمكنوا من ولوج المدرسة، خاصة من أبناء الشرائح الهشة.
ولم يتوقف العجز عن حسن تسيير التعليم عند هذا الحد، بل أقدمت السلطة، في سابقة خطيرة وغريبة، على السماح لبعض المدارس الخصوصية بتدريس أطفال موريتانيين في مقتبل أعمارهم منهجا تعليميا أجنبيا على أرض الوطن، دون مبالاة بسيادة البلد وصيانة مصالح شعبه ،ذلك القرار المشئوم الذي يؤكد الارتماء في أحضان دولة الاستعمار وإظهار الولاء لها، في وقت صدت عنها كل دول المنطقة.
وأمام هذه الوضعية الخطيرة نوجه نداء عاجلا لانتشال نظامنا التعليمي من الضياع باتخاذ إجراءات صارمة لتطبيق التوجهات الصادرة عن المنتديات الأخيرة حول التعليم ، من خلال :
1- تطبيق قرار تدريس المواد العلمية باللغة العربية علي مستوي التعليم الأساسي بشكل جدي ودون محاباة.
2ـــ إلغاء قرار استثناء بعض المدارس الخصوصية من تطبيق مضامين القانون التوجيهي وعدم السماح لها بتطبيق مناهج تربوية أجنبية علي أطفال موريتانيا
3ـ رصد وتعبئة الموارد المالية الضرورية لتحسين ظروف المدرسيين علي اختلاف أسلاكهم، بشكل يتناسب مع تكاليف الحياة وتكوينهم وتأهيلهم ليتمكنوا من تأدية مهمتهم النبيلة في ظروف جيدة،
4ـ القيام بالاستثمارات الضرورية لتوفير بني تحتية وتجهيزات مدرسية تغطي حجم التلاميذ في كافة المستويات
5ــ تحميل الدولة الأعباء المالية لقراراتها وسياساتها، كفرض الزى المدرسي علي التلاميذ، الذي تم تحويل عبئه المالي علي الأسر او الهيئات والمنتخبين ، وغيرهم من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ، بشكل مجحف بهولاء ومخل بهيبة الدولة ومذل للتلاميذ وأولياء امورهم .
أنواكشوط 26 اكتوبر 2024
الوحدويون الناصريون