ارتبط اسم صمبا غلاديو منذ نعومة أظافره بالسلاح والفن ، حيث يرى بعض المؤرخين أن جميع الحروب التي خاضها ضد أعدائه كان للفنانين دور بارز فيها، تشجيعا ومؤازرة، هذا بالإضافة إلى تعلقه بالشجرة المعروفة، والتي جعل منها برج مراقبة لتحرك أعدائه، تلك الشجرة التي لايزال مكانها معروفا لدى ساكنة قرية جينكى، حيث قام بعض سكان هذه القرية بغرس شجرة أخرى مكانها.
وحول هذا الموضوع، يرى الباحث السيد انجاي سعيدو أمادو، أن ملحمة صامبا غلاديو ترتبط بمحاولة الحصول على الملك وتثبيت الخلافة التي انحرفت في لحظة معينة لصالح الأقوى أو الأكثر سخاءً من الساتيغوي، حيث كان صمبا ضحية هذا الاغتصاب الدائم للسلطة، الذي أصبح قاعدة من قواعد اللعبة لتولي العرش أنذاك.
ويضيف الباحث انجاي: “نظرا لأن أغلب الأحداث المرتبطة بتاريخ هذه الشخصية، شخصية صمبا غلاديو، جرت في بلدي، وتناقلتها المخيلة الشعبية عبر شعرائها ورواة القصص والباحثين في التراث عبر الزمان والمكان، والأجيال، حتى يومنا هذا، فإني أؤكد أن هذه الشخصية تعتبر نادرة ولا مثيل لها في المنطقة، شجاعة وقوة وبطشا”.
ويشير الباحث إلى أنه رغم كون صمبا نشأ في هذا العالم الاجتماعي الذي تمتزج فيه الأسطورة بالتاريخ والخرافة، فقد كان همه الوحيد هو حفظ هذا التراث غير المادي لهذه الشخصية وتخليده، لذلك حرصتُ – يضيف انجاي – على استبدال شجرة الباوباب، لصامبا غلاديو، التي سقطت في الثمانينات بشجرة صغيرة لا تزال قائمة حتى اليوم وفي نفس المكان.
وبالعودة إلى صامبا غلاديو، يقول انجاي، فإن ملحمته هي أشهر ملاحم الفولاني في فوتا تورو، وغالبًا ما يعظم الرواة من شجاعته وذكائه واستقامته وحسّه المرهف الذي يرفعه إلى مرتبة صانع القيم، وبالإضافة إلى هذه الفضائل، سنتحدث أيضًا عن ثلاثة أشياء لا تنفصل عنه وهي: بندقيته الخارقة التي أهداها له عفريت، حسب بعض الروايات، ومركبه الذي كان يتجول عليه، وشجرة الباوبا.
ويشير الباحث انجاي أن والد صمبا غلاديو كان قد اعتلى العرش عام 1710 إطاحته بابن عمه بوكار سيري تاباكالي، وبعد هزيمة هذا الأخير وطرده، ذهب هو وحاشيتُه إلى المنفى في غوميل (سينيمادي الآن بالقرب من مقاطعة مونغل في كوركول)، ومن هناك أرسل أحد أبناء أخيه في مهمة إلى المملكة المغربية لطلب مساعدته عسكريا، وكانت نيته استعادة العرش في جول والانتقام للإهانة التي ألحقها به ابن عمه الغاصب غلاديو، والواقع أن تين يوسف كي رحمه الله، كان قد كتب مسرحية عن استعادة السلطة في جول، وقد تم عرض هذه المسرحية في مهرجان لاغوس في نيجيريا عام 1977م.
ويرى آخرون أنه بدلًا من الذهاب إلى بلاد المغرب انسحب سامبا إلى بوندو للإعداد لهجوم مسلح، وعاد إلى جول في عام 1725، في ذلك الوقت، كان بوبو موسى، والد كونكو بوبو موسى، يحكم فوتا، فأطاح به من الحكم واستقر من 1725 إلى 1735، وخلال هذه الفترة التي استمرت عشر سنوات اكتشف صامبا شبه جزيرة ديوريل تومبيري في تومبيري دجينغو، على بعد حوالي عشرة كيلومترات شمال موطنه جول. كانت توجد في شبه الجزيرة شجرة باوباب عملاقة تعلو المنطقة المحيطة بها، وكان صامبا قد بدأ يتردد على المكان منذ أن كان صغيرا، وكان يربط حصانه بها، وعندما نمت الباوباب، كانت بمثابة برج المراقبة الذي يصعد لمراقبة الأماكن التي يمكن أن يهاجم منها.
استمر هذا التآلف بين صامبا والشجرة لعدة عقود، ومنذ ذلك الحين، ظل اسمه واسمها متلازمان لا ينفصلان، ويكمِّل كل منهما الآخر في الملاحم والأساطير والروايات الواقعية.
وأشار الباحث السيد انجاي سعيدو أمادو، وهو احد أبناء قرية دينكى إلى أن شجرة الباوباب عاشت فترة طويلة جدًا بعد صامبا، قبل أن تسقط عام 1980 بسبب صاعقة برق مزقت جزءًا من جذعها وأحرق الباحثون عن العسل ما تبقى منها. وفي نهاية المطاف، تم جمع الجذور من قبل عقيد في قطاع البيئة والغابات يدعى دودو بول، رحمه الله، الذي أودعها الدوائر الأثرية المختصة.
وفي عام 2007، قام أحد أبناء دجينغوي يدعى ندياي سعيدو أمادو بوضع شجرة الباوباب الصغير في مكانها لإنقاذها من النسيان واستمرارها في التاريخ.
وقال الباحث السيد انجاي سعيدو أمادو، إنه عندما هُزم بوبو موسى، غادر ابنه الوريث كونكو بوبو موسى جول لمدة عشر سنوات للإعداد لتغيير السلطة في المستقبل، وعاد في عام 1735، وقد استعد بشكل جيدٍ، وواجه صامبا غالاديو، وهزمه، وبعد ذلك بعامين أو ثلاثة وقعت معركة بلباسي الشهيرة، وسقط في هذه المعركة العديد من القتلى والجرحى، وتحولت الرمال البيضاء إلى اللون الأحمر بسبب أنهار الدماء المتدفقة من أجساد المحاربين، وكل هذه القصص وغيرها شكلت فقرات هذه الملحمة التاريخية.
وفي هذه المعركة – يضيف الباحث انجاي – فضل المحاربون الذين شجعتهم الأغاني الملحمية التي كانت تغنيها نساء سيق الصغيرات والغلمان لرفع معنوياتهم وتحفيزهم في هذه المعركة الحاسمة، الموت في الميدان على مواجهة العار أي الفرار من العدو أو التوسل إليه للإبقاء على حياتهم، كانت الأجواء متوترة ومخيفة للغاية، ولهذا السبب، وعلى الرغم من ضجيج النسور التي غطت السماء ودوي بنادق البارود الذي لا يطاق، ودوي طبول الحرب وأغاني نساء سيق الشابات المتشحات بأبهى ثيابهن والمتزينات بأبهى الحلي والمزخرفات الجاثمات على أبراج المراقبة على ضفاف البلبيسي، لم يكن هناك شيء يمكن أن يؤثر على معنويات هؤلاء المحاربين البواسل الذين كان همهم الوحيد هو الانتصار الذي وقع في نهاية المطاف.
أما المطرب دمب صلي سك، وهو أحد المطربين الكبار لهذه العائلة الكبيرة عائلة صمبا غلاديو جيجي، فيقول إن أصل صمبا غلاديو من الفلان من قبيلة دانينكي وآباؤه آباء كرام أصحاب شوكة وقوة، ويمتاز صمبا بالشجاعة والكرم وأتباعه كثيرون خاصة من الفنانين، حيث لا يمكن ذكر صمبا غلاديو إلا وذكر بجانبه مطرب أو مطربة، فهو بحق فتى عصره الذي استطاع أن يبسط نفوذه على الضفة وما جاورها.
ويضيف الفنان دمبا، أن من أشهر معارك صمبا، معركة بلبس التي وقعت في جول، وانه من أشهر ملوك دانينكي وأكثرهم قوة وبأسا ومعاركه لا تعد، وكانت له عدة خيول كل واحدة تسمى باسم، وشارك في معارك كثيرة كان النصر دائما حليفه فيها.