بقلم: محمد اجيوالي
كاتب صحفي
471 يومًا من اللهب والدمار، 471 يومًا من الصمود والإعجاز، 471 يومًا من الملحمة التي سُطِّرت بالنار والدم.. واليوم، ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، لا يقف الفلسطينيون كمهزومين، بل كأسيادِ هذه المعركة، كصُنَّاع التاريخ، كأحفاد صلاح الدين الذين هزموا أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وأجبروا الاحتلال على الركوع!
“طوفان الأقصى”.. لم يكن مجرد معركة، بل كان بركانًا فجَّر أحشاء الكيان الصهيوني، فدمَّر أمنه، وكسر هيبته، وجعل مستوطنيه يفرّون كالجرذان المذعورة!
من نصرٍ إلى نصر.. ومن هزيمةٍ إلى زوال!
في 7 أكتوبر 2023، خرج الأسود من عرينهم.. انطلقت الكتائب كالإعصار، اجتاحت الحواجز، اقتحمت القلاع، وأذلَّت جيشًا ادَّعى التفوّق لعقود، وفي ظرف ساعاتٍ قليلة، تحوَّلت إسرائيل بعدها من “دولةٍ عظمى” إلى كيانٍ مذعورٍ يتوسَّل النجاة ممن أوجدوه! آلاف الجنود سقطوا قتلى وجرحى، المستوطنات تحوَّلت إلى ساحات حرب، والقيادة الصهيونية وقفت عاجزةً كأنها تنتظر الضربة القاضية.
لكن العدو لم يستوعب الدرس، وظنَّ أن بإمكانه استعادة هيبته عبر حملةٍ عسكريةٍ همجيةٍ على غزة، فأطلق جحافله ليُبيد المقاومة.. لكنه اصطدم بحائطٍ من نارٍ وعزمٍ وإرادةٍ لا تنكسر!
كمينٌ خلف كمين، صواريخ لا تتوقف، أنفاق تبتلع الجنود، عبوات تحيل المدرعات إلى خردة.. غزة لم تكن تقاتل فحسب، بل كانت تلقِّن العدو درسًا لن ينساه ما دام على هذه الأرض!
مسودة الاتفاق.. الركوع الإسرائيلي المهين!
لأكثر من عام، حاول الاحتلال فرض إرادته بالقوة، لكنه وجد نفسه مضطرًا في النهاية للقبول بمطالب المقاومة، وها هي بنود الاتفاق تكشف حجم الهزيمة التي لحقت به:
1. وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، دون تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أعلنها الاحتلال عند بدء عدوانه.
2. انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في غزة، تمهيدًا لانسحاب كامل من القطاع.
3. إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، بينهم قادة كبار، مقابل الإفراج عن عددٍ من المحتجزين الإسرائيليين.
4. فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، في ظلّ تعهّدات بوقف الاستهداف المباشر للمدنيين والمنشآت الحيوية.
5. العمل على وقف دائم للحرب، وفق شروط وضمانات دولية، مع استمرار المفاوضات لتحقيق تسويةٍ تُلبّي مطالب المقاومة.
مظاهر الفرح في غزة والضفة.. “هذا نصر وليس هدنة!”
منذ اللحظة الأولى لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تحوّلت غزة والضفة الغربية إلى ساحات احتفالٍ عارمة، خرج الآلاف إلى الشوارع، ملوّحين برايات المقاومة، مهللين بانتصارٍ كُتب بالدم والتضحيات.
في غزة، علت التكبيرات من المساجد، ودوّت زغاريد الأمهات، ورفع الأطفال شارات النصر وهم يهتفون: “انتصرنا.. انتصرنا!” رجال المقاومة جابوا الشوارع، رافعين سلاحهم بفخر، فيما استقبلت العائلات أسرى تحرّروا من سجون الاحتلال، بدموع الفرح وأهازيج الصمود.
أما في الضفة الغربية، التي عاشت سنواتٍ من القمع والاعتقالات، فقد عمّت المسيرات الشعبية ابتهاجًا بالنصر، اشتعلت المفرقعات في سماء المدن والبلدات، وارتفعت صور القادة الشهداء، فيما تعالت الهتافات: “غزة انتصرت.. والاحتلال إلى زوال!”
استُشهد القادة.. لكن المقاومة خُلقت لتبقى!
اغتيل السنوار.. فخلفه غيره لتستمر الرحلة.. ويتحقق وعده بتحرير الأسرى
ظنَّ الاحتلال أنه باغتيال يحيى السنوار مهندس الطوفان ومن قبله إسماعيل هنية قائد الحركة الأول سينكسر الجهاد، لكنه لم يدرك أن المقاومة ليست أشخاصًا، بل عقيدةٌ راسخةٌ في قلوب الأحرار!
استُشهد السنوار، لكنه ترك خلفه وعدًا صارخًا: “الأسرى سيخرجون أحرارًا، شاء من شاء وأبى من أبى!”
وها هو الوعد يُنفَّذ.. خرج أسرى فلسطين من زنازين الاحتلال، فيما قادة الصهاينة يعضّون أصابع الندم، يدفعون الأثمان مضاعفة، ويُقرّون بهزيمةٍ ما بعدها هزيمة!
“وقف إطلاق النار”.. ليس النهاية بل البداية!
اليوم، ونحن على ندخل في هدنةٍ فرضتها المقاومة بشروطها، يقف حيالها الاحتلال مفكَّكًا، مرتبكًا، منهارًا سياسيًا وعسكريًا، فيما غزة تخرج أصلب عودًا، أقوى شكيمةً، وأكثر استعدادًا لمعارك قادمةٍ تُتوَّج بالنصر المبين.
“المعركة لم تنتهِ.. والطوفان لم يتوقف.. وما زال الزلزال يتأهَّب ليقتلع الاحتلال من جذوره!”