قبل التعليق على كلمة “بلاس” التي ألقاها في قصر المؤتمرات بانواكشوط , بمناسبة انطلاق فعاليات الحوار الوطني الشامل , أود أولا أن أقدم بعض الملاحظات :
الأولى : أن الخطاب معد بعناية فائقة تدل على تنسيق محكم بين مرجعياته والتي ما فتئت تمرر من وقت لآخر رسالة عدائية تجاه البلد وتجاه حقيقة الوقائع التاريخية والتي تتعرض لتشويه منهجي .
الثانية : أتساءل هل أن وروده في هذه اللحظة يخدم المصالحة ولم شمل الموريتانيين في حدث يؤمل أن يكون بداية لخارطة وطنية جديدة ؟! الثالثة : هل الخطاب التصعيدي يخدم المقام , مقام الحوار والتهدئة وفكرة التنازل والاستماع للآخر والقبول برأيه ومشاركته ؟!.
إن مطالب رئيس حزب “خط الندي” بفرنسة موريتانيا لا يخرج عن مبدأ حمل الحجارة إلى الجبل , فالفرنسية ضاربة بأطنابها في الإدارة الموريتانية منذ تأسيس الدولة , إلا إذا كان يريد إجبارية تعلمها قبل سن الخامسة ؟؟!! , فالتعريب لا يوجد إلا على الأوراق وفي النصوص التشريعية , غير أن ذلك لا ينتقص شيئا من لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة في أذهان الموريتانيين بمختلف مكوناتهم المجبولة على حب احتضان الإسلام ولغة القرآن إلى الأبد والدفاع عنها حتى آخر رمق. أنا أعرف أن صاحب قوس قزح لا يريد تغيير اللغة فقط , فسوف يطالب غدا بتغيير كل الرموز التي تعبر عن عروبة وإسلامية البلد , والتي تضايق الكثيرين من أصحاب مشاريع المسخ الحضاري , وسوف يطالب بعد غد هو ومن معه بتغيير اسم الكيان الموريتاني , وإعادة رسم حدوده وتقطيع أوصال خريطته , فالعملية مدروسة في دوائر معروفة التوجه والأهداف والأجندات !. فأين الموضوعية في مطالبته بحصول البعض على بنوك ومصانع وأراضي …؟!! مثل هذه الأمور لا يمنح بمراسيم وقرارات إدارية .
أما الحديث عن البعثيين فهو تكرير لايختلف عن الحديث عن العربية , فالتآمر عليهم وتصفيتهم ليست بالجديدة , فقد سبق إليها نظام معاوية ولد الطائع الذي سجنهم وشردهم وعذبهم وطردهم من الوظائف المدنية والعسكرية بسبب مواقفهم التاريخية المشرفة , من أجل خدمة الوطن والشعب الموريتانيين , ولأنهم من القلائل الذين تصدت قياداتهم له ولنظامه , وهو في سدة الحكم لاطمئنانهم على عدم إمكانية إخراجه لملفات تتعلق بالتسيير ضدهم , ولا زالت مختلف الأنظمة تتبع سنة نظام ولد الطائع في إقصائهم وتصفيتهم , فقد أزيح منذ سنة تقريبا بعض المستشارين والأعوان المحسوبين عليهم , وفي الأسابيع الماضية أبعد بعض الأمناء العامين للوزارات والحبل على الجرار . إنها خطة “ابريمر” الحاكم الأمريكي للعراق بعد الاحتلال “اجتثاث البعث” , وليكن في علم ” ألاسان” وإخوته أن البعثيين هم روح هذا الشعب الذي لا يطمئن إلا لشيء وجدهم في مقدمته , وقد شاهد ذلك بنفسه من القاعة حين تعرض لهم وخرج عن حدود اللباقة , وسوف يجد في الورشات أشد من ذلك ليعرف أن أبناء الوطن الموريتاني متمسكون بثوابتهم رافضين لمختلف أنواع المزايدات.
فلو لم نجد سلاح نظام البعث في العراق لما كان “ألاسان” اليوم يتطاول على الشعب ورموزه الخالدة (انظر مذكرات الرئيس عبدو اديوف) , فأين كنت أيام مجيء سلاح البعثيين هنا ؟! السلاح الذي كان يشحن مباشرة من بغداد, بغداد العز , بغداد التاريخ , بغداد البعث , بغداد الشهيد صدام حسين !!!. وهنا لايفوتني قبل نهاية هذا التعليق المقتضب أن أتقدم بتحية إجلال للرئيس الشجاع بيجل ولد هميد على رده الواضح والمعبر عن إرادة الشعب .
وفي الأخير أشير لضرورة الإحتفاظ بمجلس الشيوخ الذي يمثل المقاطعات ولا يتعارض مع المجالس المحلية، والتي ستلغي دور الولاة حيث يبقى دورهم فقط مقتصر على الجانب الأمني وذلك يكفي فيه الدور الذي يلعبه الحكام , وإن كان لا بد من التخفيف من الهيآت التشريعية فليكن النقص في عدد النواب بحيث لايتجاوزون 100 نائب برلماني .
أحمد فال ولد الشين. الملقب (دفالي)