معلوم أن الحوار سنة حميدة دأبت علها البشرية وحضت عليها كل الرائع السماوية فكانت يعقد عليها الرجاء في إصلاح ذات البين وما أفسده الوشاة وما لاكته ألسن المرجفين وتفسيرات المتسيسين
في وطننا الحبيب منذ ميلاد الدولة الحديثة ظلت الآراء السياسية حبيسة الصدور ومعششة في الأذهان لاما رحم ربك .
وهو استثناء حاكته قلة من الساسة تختطفهم أيادي القمع وغيبتهم غياهب السجون من قبل أنظمة القمع الشمولية التي تعاقبت علي الحكم طيلة نصف قرن من الزمن
ومع وصول فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم أطلق الحبل علي الغارب فكان الانفتاح الكلي علي الأخر لتتبوأ بلانا الصدارة لسنين متتالية علي عرش الريادة في الحريات علي مسوي العالم العربي .....فألغي الحبس بحق الصحفيين وتم تحرير فضاء السمعي البصري وألغيت مصادرة الصحف .وقد ظن البعض أن شبح الحكم الشمولي سيخيم علي البلاد من جديد خاصة مع ظهوري ما سمي بالربيع العربي الذي جنبن الله شره وعافانا من مخلفاته الهدامة المفرقة للخلان والمقسمة للأوطان ....إلا أن الوقائع أتت بعكس ذلك فنزلت المعارضة بجموعها رافعتا شعار الرحيل ...يومها عجزت عن خلق أذان صاغية فقال الشعب لا لا بل البقاء للأصلح لتعزيز الحريات ومضاعفة المكتسبات وصون الوطن من كل المخاطر ورغم أن المجازاة بالمثل كان من الممكن انتهاجها من قبل النظام ضد من سعي لتقويضه بغير وجه في تنكر كلي لأبسط أبجديات الديمقراطية إلا أن الصفح كان شعاره والدعوة إلي الحوار نهجه فكان حوار 2011والذي شكل إضافة نوعية لخدمة الديمقراطية ودولة المؤسسات فمنع الترحال السياسي وقدم عدة إصلاحات هامة
اليوم وفي تشبث من قبل فخامة رئيس الجمهورية بالحوار وسعيه إلي إشراك الكل في بناء الوطن يشرف علي افتتاح حوار شامل هدفه لأوحد هو مشاركة الكل في رسم مستقبل واعد لوطن يسع الكل وجد فيه كل مواطن ذاته
إن اتساع رقعة المشاركة في هذا الحوار من طيف سياسي موالاة ومعارضة وهيئات مجتمع مدني وتشكيلات نقابية وشخصيات مستقلة يجعلني في ثقة تامة بأن مئات من العقول الفذة و الأطر النادرة قد اجتمعت تحت سقف واحد وهي قادرة علي حلحلة مشاكل الوطن حاملة هموم المواطن البسيط المتطلع إلي تنمية حقيقية يشارك فيها الكل
إن المواضيع المطروحة للنقاش في هذا الحوار هي جد هامة ولعل أبرزها هو حل مجلس الشيوخ واستبداله بمجالس جهوية ذات استقلالية مالية وهو أمر سيعزز دون شك مبدأ للامركزية مما سيعطي نتائج ايجابية بالنسبة لسكان الداخل ولأرياف بصيفة أخص
الأمر ذاته ينطبق علي مراجعة سن الترشح بالنسبة لمنصب الرئيس وهو أمر ربما يخدم أكثر الطيف المعارض حيث الشخصيات السياسية الطاعنة في السن الطامحة إلي الوصول إلي سدة الحكم أضف إلي ذلك استقلالية القضاء وتدعيم روح القانون ودولة المؤسسات وهو مسار يعتبر جد هام ولا يخفي علي حد الخطوات الكبيرة التي تعزز بها مجال العدالة في السنوات الأخيرة حيث أنشئت المحاكم الخاصة بمكافحة أثار الاسترقاق وأنشئت وكالة التضامن لذات الغرض
و انطلاق من جملة الملاحظات هذه فإنني أجد المتحاورين بقصر المؤتمرات لم يختلفوا الا بقدر ما تحددت أراءهم صوب خدمة الموطن والوطن فكان الحور هو الحل الأمثل ....وسار تحقق.