تنتظر إسرائيل (وليس وحدها!) بفارغ الصبر تدخل الولايات المتحدة للإطاحة بالنظام الإيراني وتفكيك برنامجه النووي (مهما كان هذا البرنامج...). هل يمكن أن نكون أكثر نسياناً، أو سذاجة، أو يأساً إلى درجة نسيان هذه الحقيقة القاسية: الولايات المتحدة، القوة العسكرية الأولى (تقنياً وعلى الورق!)، خسرت جميع الحروب الكبرى التي خاضتها بمفردها منذ حربها لضم تكساس المكسيكية في أواخر أربعينات القرن التاسع عشر.
صحيح أنها لعبت دوراً محورياً في الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكن هذا جاء متأخراً في كل مرة، بعد أن كانت المعارك الحاسمة قد بدأت وخيضت من قبل الحلفاء (بريطانيا وفرنسا أولاً في الأولى، والاتحاد السوفيتي بشكل خاص في الثانية!). لم تربح هاتين الحربين فعلياً، لكنها صاغتهما لاحقاً كأفلام على طريقة "جون واين" لبيع صورة أسطورية عن "قوة لا تُقهر"، وهي صورة يعشق ترديدها، بعيون مفتونة، الجنرالات المتقاعدون والخبراء في كل شيء ولا شيء على الشاشات الغربية (وأسوأهم ربما هم نخبة المعلقين الفرنسيين!).
فما هي الحروب الأخرى التي ربحتها؟ حرب كوريا؟ لقد أوقفهم الشيوعيون الكوريون والصينيون عند الحدود الحالية بين الكوريتين. حرب لبنان سنة 1958؟ انتهت بهزيمة حلفائهم الموارنة بقيادة شمعون، ونهاية الهيمنة العشائرية للقوى الموالية للغرب لصالح القومية المنتصرة في مصر وسوريا والعراق. حرب فيتنام؟ رغم الحملات الجوية العنيفة للغاية (بما في ذلك الأسلحة الكيميائية وربما الجرثومية)، فقد عرفوا أسوأ هزيمة في تاريخهم أمام شيوعيين آخرين.
لقد تم إذلالهم في خليج الخنازير في كوبا على يد مقاتلي فيدل كاسترو. وتكررت الهزيمة المدوية مؤخراً في أفغانستان على يد طالبان. رغم تدخلهم غير المباشر في نيكاراغوا، لم يستطيعوا منع انتصار الساندينيين. ولا ننسى هزيمتهم في الصومال...
أما على "رصيدهم"، فيمكن تسجيل "انتصارهم" على قوات صدام حسين، وكذلك ضد معمر القذافي: لكنهم كانوا في كل مرة يقودون تحالفاً غربياً واسعاً لعبت فيه بعض الدول الأوروبية دوراً أساسياً (فرنسا في ليبيا مثلاً). نعم، لقد انتصرت الولايات المتحدة بلا منازع في بنما، لكن ضد من؟ ضد عميلهم السابق، رئيس الدولة وتاجر المخدرات في المنطقة، مانويل نورييغا.
في رأيي، فإن الانتصار "الصافي" الوحيد للولايات المتحدة ضد دولة أجنبية خلال قرن طويل ودامٍ من التدخلات، هو ذلك الذي تحقق ضد بنما نورييغا. ويكفي أن نرى الخريطة الجيوسياسية لتلك المنطقة لفهم طبيعة ذلك "الانتصار".
على الأرض، لا يمكن للقوات الأمريكية أن تربح إلا من خلال عمليات خاطفة، أو عندما تعتمد على قوات مرتزقة من العالم الغربي (أوروبا، أستراليا...). وهذا هو النموذج ذاته الذي يلهم هيئة الأركان الإسرائيلية في مواجهاتها مع جيرانها منذ 1948. وفي كل مرة، لم ينتصروا إلا بفضل الحرب الخاطفة، والإهمال الكارثي لقيادات الجيوش المعادية.
هذه إذن هي الحقيقة التاريخية العسكرية للولايات المتحدة. ومن خلال النظر في هذه الحقيقة عن قرب، يمكن بسهولة فهم لماذا لا ينبغي لإسرائيل أن تعتمد كثيراً على القوة الأمريكية وحدها كإله معجِز ينقذها. لكي تنتصر، يجب النزول إلى الميدان. القصف الجوي لا يكفي وحده أبداً. إنه فقط يمهّد لتدخل بري محتمل. هذه هي خلاصة تجارب الحروب الماضية.
لكن على الأرض، هناك عوامل عديدة تُبطل الميزة التكنولوجية: جغرافيا الأرض وما تحتها (أنفاق غزة على غرار أنفاق فيتنام)، عزيمة السكان ووطنيتهم، جودة القيادة، الثقافة التاريخية للأمة، الدعم الدولي المعلن أو الخفي... وكلها عوامل حاسمة غالباً ما يغفلها محللو القنوات الغربية، سادة العالم الافتراضي.
في ضوء هذه المعطيات، يبقى الشك قائماً حول احتمال تدخل ترامب عسكرياً ضد إيران. ولكن من خلال التجربة التاريخية، فإن تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً ومباشرة ضد إيران، فإنها ستُهزم لأنها لن تستطيع خوض حرب طويلة، بينما هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن الإيرانيين مستعدون للأسوأ من أجل الانتصار في هذه الحرب الوجودية بالنسبة لهم.
– 21 يونيو