عينت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (الخميس) البرتغالي أنتونيو غوتيريس أميناً عاماً جديداً للمنظمة الدولية على أمل أن يعطي زخماً جديداً لمؤسسة تراجع نفوذها أمام الأزمات المتعددة التي يشهدها العالم.
واعتمدت الدول الأعضاء الـ 193 في الجمعية العامة قراراً بتعيين رئيس الحكومة البرتغالية السابق والمفوض الأعلى السابق لشؤون اللاجئين أنتونيو غوتيريس أميناً عاماً للأمم المتحدة لولاية من خمس سنوات تبدأ مطلع العام المقبل.
وكان غوتيريس حصل الخميس الماضي على موافقة الدول الـ 15 الأعضاء في مجلس الأمن. ولن يتولى غوتيريس، أول رئيس حكومة يتولى هذا المنصب، مهامه خلفاً للكوري الجنوبي بان كي مون إلا في الأول من كانون الثاني (يناير). لكن الآمال معلقة عليه بأن يستعيد زمام المبادرة في الأزمات الكبرى حالياً خصوصاً النزاع في سورية أو أزمة اللاجئين، في إطار التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر إن «الأمم المتحدة سيكون لديها (مع غوتيريس) أفضل ربان في هذه المرحلة من العواصف: قائد قادر على تحديد نهج ولم الشمل، مسؤول كبير قادر على الإصلاح والابتكار وإنساني لديه مرجعية أخلاقية كبيرة».
وعلق السفير البريطاني ماثيو راكروفت أن غوتيريس «لديه قدرات قيادية ورؤية ووحي وبوسعه تحديد مسار وأيضاً إجراء إصلاحات داخلية لمزيد من الفاعلية».
والتوقعات كبيرة إزاء غوتيريس الذي يتقن لغات عدة، خصوصاً وأن أداء سلفه بان كي مون كان مخيباً للآمال لا سيما وأنه لم يكن يتمتع بقدرات كبرى على التواصل ولم يتخذ أي موقف قوي من النزاعات الكبيرة في سورية أو اليمن أو جنوب السودان.
وأوضح ديبلوماسي في مجلس الأمن طالباً عدم نشر اسمه أن «الجميع كان مهذباً جداً تجاه بان كي مون لكن علينا أن نكون صادقين... لم يكن أميناً عاماً قوياً سواء على صعيد القيادة الخارجية أو الإصلاحات الداخلية». وتابع هذا المسؤول أن بان كي مون «كان لديه الحدس الصحيح حول سورية وسائر القضايا لكنه فشل في الضغط على الرأي العام حولها». أما غوتيريس «فلا أقول إنه سيعد خطة سلام لسورية لكنه سيبذل كل الجهود الممكنة حتى يضطلع الأمين العام بدور مركزي في هذه القضايا».
ومنذ الأسبوع الماضي، تعهد غوتيريس أن تكون الأولوية في منصبه الجديد لـ «خدمة الأكثر ضعفاً» مثل «ضحايا النزاعات والإرهاب»، وأعرب عن الأمل أن يكون تعيينه الذي تم بأسرع مما كان متوقعاً «رمزاً على قدرة مجلس الأمن على العمل بالإجماع وبشكل موحد للرد بشكل سريع على التحديات الرهيبة في أيامنا هذه».
وقال غوتيريس في مؤتمره الصحافي الأول اليوم بعد تعيينه رسمياً أميناً عاماً، إن الوقت حان لتجاوز الانقسامات حول إنهاء الحرب في سورية، وإنه «أياً تكن الانقسامات الموجودة اليوم فإن الأهم هو أن نتحد. حان الوقت للقتال من أجل السلام».
وأضاف أن «الدول الأساسية المعنية ستجتمع مجدداً لمحاولة المضي قدماً في عملية السلام: لا يسعني إلا أن أتمنى لها أن تنجح لأنه واجبنا الأخلاقي تجاه الجميع أن ننهي معاناة الشعب السوري».
من جهة ثانية شدد غوتيريس على وجوب «التصدي بحزم للجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة (...) وكذلك للتعبير عن الشعبوية ومعاداة الأجانب»، مؤكداً أن هاتين الظاهرتين مرابطتين و«تعزز الواحدة منهما الأخرى».
وكان غوتيريس حظي بدعم مجلس الأمن بالإجماع وذلك بعد حملة غير مسبوقة بشفافيتها. وطوال عقود كان انتقاء الأمين العام يتطلب مشاورات مغلقة بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا. إلا أن سفيرة الولايات المتحدة سامنثا باور حذرت من أن غوتيريس يرث «التحديات الأكثر تعقيداً أمام السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية في التاريخ».
ويشهد مجلس الأمن منذ أشهر انقسامات حول النزاع في سورية، ما يسلط الأضواء على التوتر الحالي بين القوى العظمى. وتم رفض مشروعيْ قرار أحدهما قدمته فرنسا والآخر روسيا لوقف إطلاق النار في حلب.
وعلاوة على النزاع السوري وأزمة اللاجئين، تواجه بعض مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام صعوبات خصوصاً في أفريقيا الوسطى حيث اتهم جنود أمميون باعتداءات جنسية على أطفال، أو في جنوب السودان الغارق في فوضى دموية.