لم يكره الجنرال عزيز التمديد لنفسه. لم يكره حتّى أن يكون ملكاً. ولكنّه لا يجد القوة. للأمانة يجِدُ الحيلة، ولكن ليس القوة. فقد أطلقَ وزير عدله، وهو "قانوني"، محاججة لاستبقائه. وقد أثارت المبادرة سعادة الجنرال. إلاّ أنه سرعان ما قدّم إشارة بوقف هذه الأنشطة عندما بدأ العقيد أحمد بمب ولد باي في سرقتِها. ثمّ أعطاها الضوء الأخضر بعد أن ابتلع العقيد لسانه. ومع اكتوبر الحالي صارت الألعوبة الخطابية لإبراهيم ولد داداه هي السلاح الكلامي للوزير الناطق باسم حكومة الجنرال. وكانت إشارة قد وصلت إلى علم مدير الوكالة الموريتانية للأنباء بدعم بقاء الجنرال في الرئاسة. ولم يتباطئ "فقهاء" دستوريون، من بينهم فضيلي ولد الرايس، في تقديم ملتمس تجاهل "اليمين الدستورية" التي تحظر ولاية ثالثة للجنرال عزيز.
وفي هذه الأثناء يُطلِقُ الجنرال عزيز- المتواري عن الأنظار مثله مثل أمير فرعوني يتغيّبُ عن الشمس في انتظار أربيعينة تأليهه- "حواراً" حول الرموز التاريخية للدولة الموريتانية بغرض إطلق عهدٍ جديد يتأمّرُه.
والواقع أن ما يحدثُ في موريتانيا هذه الأيام هو محاولة شبيهة بـ"البطاقة البيضاء" التي أُطلِقت في صيف 2006 بهدف العثور على مسوّغ دستوري للتمديد لـ"المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية". ولا تُخفي تحركات سياسيي الجنرال وماشيته السياسية رغبته الماسّة في البقاء على العرش (حتّى بمطلب التمليك الغبي).
الجنرال يريد البقاء. ولكن الإكراهات أمامه صعبة: علاقات القوى في داخل اللجان العسكرية، الحاجز الخطابي، التخريج الدستوري، القوى الشعبية في الداخل، الوضع الدولي. إنه يُحاول ولكن الأرجح أنه سيفشل. ومن المهم أن نتذكّر هذا. من المهم تذكّر أنه لم يبخل حيلة في محاولة الالتفات على الدستور. وقد ظل أنصاره، من الذين لهم جذور ديمقراطية، ساكتين عن خروقاتِه هذه. ونحن نعرِفُهم بتواريخِهم. سيظلّون صامتين يستمعون للأغاني إلى أن يتكشّفَ فشل الجنرال في التمديد. عندها سيكتبون قصيدة فيه أنه بطلٌ ديمقراطي. والواقع أنه لم يتخلّ يوماً عن خرق الدستور. وإن ينهزم فليس لأنه يحترِمُ الدستور بل لأنه فشل في تمرير إرادته.
والآن عليه أن يأخذ أمواله ويذهب. إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم.
نقلا عن صفحة الكاتب