التعليم في ولاية اينشيري: الواقع والافاق

يعتبر التعليم نقطة الإرتكاز ومربط الفرس في تقدم الأمم والشعوب وضمان صيرورتها ونهضتها عبر الحقب والأزمان، فهو ينبوع الثقافة الحاملة لعصارة التجارب الإنسانية عبر مختلف مراحل النشأة والتفاعل.

وتحتل الأمم التي أخذت بناصية العلم المكانة اللائقة في خضم التحضر والرقي وصراع البقاء والتأثر والتأثير.

وفي هذا الإطار أوضح المندوب الجهوي للتهذيب الوطني السيد محمد محمود ولد أمحمد الملقب أرده لمراسل الوكالة الموريتانية للأنباء أن البنية التربوية في ولاية إينشيري تتمثل في 29 مدرسة إبتدائية منها 3 مدارس مجمدة نظرا لنقص التلاميذ والمعلمين ومنها 13 مدرسة مكتملة يرتادها 2600 تلميذا من بينهم 1200 من البنات

أي ما نسبته 42% ويؤطرهم 67 معلما منهم 46 معلما للعربية و 11 معلما للفرنسية

و10 معلمين مزدوجين.

وأبرز في ذات السياق أن التغطية التربوية في الولاية تحتاج إلى 94 معلما، 57 منهم للعربية و21 للفرنسية و16 معلما مزدوجا.

وتبلغ الاقسام التربوية 102 فصلا دراسيا كما تبلغ الاقسام متعددة المستويات 26 قسما وتوظف الإدارة الجهوية 21 موظفا من بينهم المدير الجهوي والمدير المساعد ورؤساء المصالح ورؤساء الأقسام إضافة إلى 3 مفتشين و29 من عمال الدعم.

وأضاف المدير الجهوي أن المتعاقدين في التعليم الاساسي بلغ السنة الدراسية الماضية 11 متعاقدا مبرزا الحاجة الماسة لزيادة هذا العدد خلال السنة الدراسية الحالية.

وأكد أن الوزارة وزعت خلال العام الدراسي 2015-2016 50000 كتابا على المستوى الوطني ولكن معظمها لايتناسب مع الحاجة من حيث الكيف إذ لاتوجد كتب مدرسية وخاصة في التعليم الثانوي كما لاتوجد مكتبات في المدينة، مشيرا إلى أن الوزارة فرضت بموجب تعميم وزاري على الإدارات الجهوية تسليم كافة الكتب المدرسية للمعهد التربوي الوطني بمحضر مشترك.

وفيما يخص البنى التحتية المدرسية على مستوى التعليم الأساسي قال المدير إن النقص ليس كبيرا إلا أن ثمة مدرستان أو ثلاث في المدينة تحتاج لأقسام جديدة لحل مشكل الإكتظاظ كالمدرسة رقم 8 ورقم 9 ورقم 1 كما تحتاج بقية المدارس إلى الترميم وخاصة مدارس اللويبدة ودمان وبعض مدارس المدينة.

وفي مجال المتابعة والتأطير أوضح المدير الجهوي أنهما يعتمدان على الإرادة نظرا لضعف وقلة وسائل النقل مستعرضا التحديات المطروحة للتعليم الأساسي والمتمثلة في نقص المعلمين والأقسام والتكوين المستمر وخصوصا للمتعاقدين مع عدم وجود مكتبات للمطالعة وضرورة تفعيل وتأطير مكاتب آباء التلاميذ.

وأشار إلى أن الثانوية الوحيدة في الولاية تحتوي على إعدادية توجد بها 15 قاعة للدرس وتحتاج لتفادي الإكتظاظ الذي بلغ ما بين 70 و 80 في القسم الواحد إلى عدة فصول جديدة علما بأن الإدارة الجهوية أخذت المدرسة رقم 2 من أجل سد نقص القاعات على مستوى التعليم الثانوي.

وطالب بفصل الإعدادية عن الثانوية وبناء ثانوية مستقلة من أجل خلق جو تنافسي بين التلاميذ والأساتذة جاعلا من فلسفة التشاور والثقة بين مختلف الفاعلين التربويين والقيام بالتحسيس داخل المؤسسات مع التلاميذ والشركاء، خير ضمان لرفع التحديات وكسب الرهانات الواعدة.

وتحدث السيد محمد الامين ولد دده مدير ثانوية أكجوجت التي أنشأت 1978 يرتادها 1150 تلميذا تمثل البنات منهم ما نسبته 47% ويعمل بها 25 أستاذا من بينهم مدير ومديرو دروس و 3 مراقبين مستعرضا أهم المشاكل المطروحة للمؤسسة كنقص عمال الدعم وانعدام التكوين المستمر وندرة المراجع مع أنها لا تتوفر إلا على 22 قسما من بينها 5 فصول بحاجة إلى إعادة بناء كما تستخدم مختبرين يحتاجان لتجهيزات التطبيق إضافة إلى ضرورة بناء حائط على هذه المؤسسة التي تحتاج إلى 38استاذا أغلبهم في المواد العلمية وتفعيل دور الآباء ومنح علاوة البعد والسكن.

**التعليم الحرفي أكجوجت :الإنجازات والتحديات

رغم التجربة الفتية للتعليم الحر في ولاية إينشيري والتي بدأت 2004 إلا أنه استطاع خلال العشرية الاخيرة أن يترك بصمته على الساحة التربوية من خلال جودة المدارس ونسبة النجاح في المسابقات التجريبية والوطنية حيث كان موضع إشادة من مختلف الفاعلين في الحقل التربوي.

وقال مدير مدرسة بلال الولي الحرة السيد محمد يحيى ولد الخالص لمراسل الوكالة الموريتانية للأنباء إن المدرسة انتقلت من الايجار إلى الملكية 2007 حيث تم بناء مدرسة مكتملة الفصول وفق المقاييس التربوية المطلوبة موضحا أن المؤسسة تشمل روضة أطفال لسن ما قبل التمدرس يوجد بها 30 طفلا أما المدرسة الام فيرتادها 240 تلميذا يؤطرهم 12 معلما و3 معاونين وتتوفرعلى التهوية الطبيعية والصناعية والمرافق كما انها مغطاة بالإسمنت المسلح باستثناء مكاتب الادارة.

وأضاف المدير أن نسبة النجاح وصلت خلال العام الدراسي 2015-2016الى75 % كما تتكفل المدرسة بتعليم اليتامى مجانا وتسخر مدرسة بلال الولي قاعاتها لتقديم دروس التقوية التي يقدمها الاساتذة بالتعاون مع شركة (أم سى أم) في مواد العلوم الطبيعية والرياضيات والفيزياء لصالح تلامذة الثانوية.

واستعرض مدير مدرسة بلال الولي المشاكل المطروحة للتعليم الحر في ولاية إينشيري والمتمثلة في انعدام التكوين المستمر ونقص الكتاب المدرسي باستثناء استفادة المؤسسة من الكتب السنة الماضية.

وطالب المدير بتخصيص قاعات للمعلوماتية وتوفير ساعات التقوية للأقسام النهائية وتوفير الكتاب المدرسي والكفالات من أجل ضمان مستقبل واعد يساهم في الرفع من مستوى التعليم في الولاية ويفتح آفاق التنافس الإيجابي.

وأشاد السيد أسليمان ولد آهنيك رئيس المكتب المقاطعي لرابطة آباء التلاميذ بالتحسن الحاصل منذ سنتين و بتعاون الشركة في مجال دروس التقوية مطالبا بتحسين وضعية المعلمين وتوفير البنايات وانشاء ثانوية لحل مشاكل الاكتظاظ وزيادة عدد المعلمين وخاصة في المدرسة رقم 9 وكذا توفير قطعة ارضية لمدرسة الفرصة الحرة.

** مدرسة تكوين المعلمين في أكجوجت: بين التكوين وتأهيل الاطر:

تشكل مدرسة تكوين المعلمين في أكجوجت والتي أنشئت بموجب المرسوم 186/2014 الصادر بتاريخ 13 نوفمبر 2014 أحد أهم المنشآت التعليمية والتكوينية في الولاية من خلال مساهمتها في إعداد الكادر البشري المؤهل لمزاولة مهنة التدريس كما أنها واحدة من أربع مدارس على المستوى الوطني في كيهيدي ولعيون ونواكشوط وأكجوجت

وأوضح رئيس القطاع الإداري في المؤسسة السيد محمد المامون ولد سيد في لقاء مع مراسل الوكالة الموريتانية للأنباء أن أهداف المؤسسة تتمثل في التكوين الأولي والتكوين المستمر لمنتسبي المدرسة من الموريتانيين الحاصلين على شهادة الباكلوريا مبرزا أن عدد التلاميذ يصل هذا العام 220 من بينهم 120 في السنة الثالثة و100 في السنة الثانية يتلقون تكوينا من شقين أحدهما تكوين أكاديمي يثري معارف الطلاب بالعديد من المعلومات والثاني تعليمي يهتم بالجانب التطبيقي والوسائل المستخدمة وكيفية التعامل مع التلاميذ وهو ما يختص به تلامذة السنة الثالثة.

وأشار إلى أن نسبة البنات تبلغ 35 في المائة من طلاب المدرسة التي يؤطرها 9 أساتذة وتستغل 6 فصول دراسية من أصل 8 قاعات كما تتبع للمؤسسة مدرسة ابتدائية ملحقة .

وقال رئيس القطاع الإداري إن تخرج الدفعة الاولى من مدرسة تكوين المعلمين في اكجوجت ستكون نهاية هذا العام الدراسي الجاري بعد ثلاث سنوات من التكوين للمعلمين المؤهلين علميا ومهنيا لمزاولة مهنة التدريس.

كما استعرض المشاكل المطروحة للمؤسسة وخاصة نقص اساتذة اللغة العربية الا أنها اصبحت تمتلك بناية جديدة ستنتقل إليها حينما تصلها أعمدة الكهرباء.

و رغم جملة التحديات الماثلة فإن ولاية إينشيري حققت نجاحات باهرة إذ كانت الأولى وطنيا في مسابقة السنة الأولى إعدادية كما حققت خلال العام الدراسي الماضي نسبة نجاح قاربت 57% وذلك رغم عزوف البنين عن التعليم في المدن المنجمية.

ويبقى التعليم القاطرة والرافعة الحقيقية لبلوغ أهداف التنمية المنشودة وحصن المجتمعات من مخاطر تيارات العولمة الهوجاء وعنصرالتفاعل والتأثير في العالم المعاصر.

إعداد/السعد ولد مصطافي