الاغتيال مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل منظمة ومتعمدة تستهدف شخصية مهمة ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري أو قيادي ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة أسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو انتقامية تستهدف شخصاً معيناً يعتبره منظموا عملية الاغتيال عائقاً لهم في طريق انتشار أوسع لأفكارهم أو أهدافهم.
والاغتيالات السياسية ظاهرة قديمة وشائعة جدا ولاتكاد أي فترة تاريخية أو بقعة جغرافية تخلو من هذه الظاهرة، وهناك حوادث اغتيال سياسية سلطت عليها الأضواء وهناك حوادث أخرى لم تلق اهتمام كبير من قبل الإعلام.
في موريتانيا ومع بداية الدولة الوطنية الحديثة برزت الإغتيالات السياسية وطفت على السطح حيث تمت تصفية زعماء سياسيين ومناضلين ومعارضين ووصلت التصفيات بشكل أكبر وأقوى داخل المؤسسة العسكرية ، والمثير في مختلف التصفيات والإغتيالات الموريتانية هو الغموض الذي يجمع بينها وتشترك فيه، حيث لاتتسرب معلومة واحدة دقيقة عن تفاصية حادثة معينة، ويبقى الموضوع رهينا للتخمينات والتأويلات المختلفة .
مقتل ولد عبيد الغموض يسيطر على تفاصيل العملية :
عبد الله ولد عبيد أحد أقوى الزعماء السياسيين في عصره، وواحد من الوجهاء القبليين المرموقين في البلد ، ولو منحه العمر فرصة لإكمال مشروعه السياسي لكان واحدا من أهم شخصيات موريتانيا، لكن يد الإغتيال سبقت له في أحد أحياء العاصمة انواكشوط، دون أن تترك أي أثر ويبقى الملف مفتوحا والتخمينات تتجه لأكثر من جهة محلية وخارجية دون أي أدلة مقنعة دقيقة .
جدو ولد السالك هل كان يجب ان يموت ؟؟
قاد فعليا تغيير العاشر من يوليو وحرك الجيش لأول مرة ليكون له قدم في المشهد السياسي الموريتاني، وهو الأمر الذي يضعه بعض خصوم الرجل في خانة “من سن سنة سيئة”.
في حادث سير غامض نجى منه السائق فاضت روح جدو ولد السالك لبارئها تاركة عشرات الأسئلة وحزنا يخيم على العديد من الموريتانيين أملوا فيه طوق نجاة لوطن تتلقفه في تلك الفترة رياح الحروب وعدم الإستقرار .
المقدم أحمد ولد بوسيف : الطائرة اللغز
الشخصية العسكرية الموريتانية القوية والتي جمعت مقاليد السلطة العسكرية والسياسية في قبضة من حديد حين أختلف رفاق السلاح على ترتيب الملفات وعلى قيادة مشروع البلد الذي أنتزعوه من المدنيين ذات عاشر من يوليو.
كان الجو صحوا والسماء صافية ولم تكن هناك من غيوم في الأفق غير ان طائرة ولد بوسيف هوت في قاع البحر بالقرب من العاصمة السنغالية دكار، تاركة غيوم الشك تلبد كل شيئ.. وتسيطر على النقاش كل ما أثير الموضوع، واللغز الساكن في الطائرة هو تغيير قبطان الطائرة في آخر لحظة قبل الإقلاع وركوب قبطان آخر …هل كان يحمل معه أوامر الموت ؟؟
والى انواذيبو ..الطائرة اللغز من جديد :
في عز إنتشاء نظام ولد الطايع بسيطرته وضبطه للإنتخابات التي حسمها بقوة الدولة لصالحه ، جاء صوت محتج ورافض من داخل السلطة ومن داخل طاحونة الدولة العميقة .
إداري ووالي على واحدة من أهم الولايات وأكثرها نشاطا إقتصاديا يحتج او يتردد في تنفيذ بعض التوجيهات، والنتيجة يطلب منه تسليم الملف لوالي جديد والعودة على جناح السرعة في نفس الطائرة للعاصمة لكنه لم يعد ولم تعد الطائرة ..هل هو القدر أم كان هناك من يريد أن يحرم الرجل من الجلوس بعد زمن ليحكي للتاريخ أنه أنتصر للديمقراطية .
العقيد محمد الأمين ولد أنجيان .. المقتول أكثر من مرة
ذات صباح من يونيو كانت دولة ولد الطايع تهتز وكانت الريح تعصف بنظام من ورق هرب جنوده وتوزع مطبلوه على السفارات..وكان العقيد محمد الأمين ولد انجيان يغادر منزله قبل منتصف الليل قليلا في سيارة شخصية ويذهب لمكتبه في قيادة الأركان العامة للجيوش.
لم يكن ولد انجيان المحبوب من كل جنوده وعناصره يعتقد أنها النهاية وأن المكالمة التي أجرى في الفجر مع عائلته وطمأنهم على أحواله وعلى أحوال البلد ستكون المكالمة الأخيرة.
قتل ولد أنجيان بقذيفة حطمت نصف جدار المكتب ..لكنها حطمت الحقيقة وصنعت ثقبا كبيرا في كل الروايات التي أستمعنا لها طوال 13 سنة قضاها هو في رحاب الله وقضاها أهله يريدون تحديد القاتل ونريد نحن الحقيقة .
الدم الأخير ..
لايوجد توصيف يضيف قيمة للحقيقة، والإجابة التي تستقبلك عند طرح أي سؤال هو أن الأمر يتعلق بالتصفية والإغتيال وأن حقائق هذه الملفات تشبه صفحة الإنسان أمر غيبي لايكشف عنه إلا بين يدي الله .. تضيع الدماء وهذا حق لأولياء الدم كفلته كل التشريعات التنزيهية والتطبيعية، لكن الأصعب هو أن تضيع الحقيقة التي هي ملك لجيل بكامله ..ملك لذاكرة جماعية تستحق ان تتغذى بالحقائق بدل التلفيق وفي أحسن الأحوال حكايا الجدات الخرافية.