2017.. كيف ستكون ملامحُ دولة الجنرالات؟!

لم يعد خفياً على أي كان، أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية، باتت دولة للجنرالات بإمتياز؛ فلا وجود لأطر ولا مثقفين ولا حتى نخب من دون أن يكون لجنرال أو جنرالين دور في ذلك.. وهم وحدهم من يرسمون ملامح سياسة الدولة ويكلفون من يمثلوهم بلعب دور المسؤول والمسير..

حقيقة مرًة عايشناها كدولة فقيرة منذ أن وضع رجال العسكر أحذيتهم الخشنة على مصالح البلاد والعباد، وكانت مناوبتهم على مراحل، بعضها ممزوج بسطوة الشيوخ التقليديين والوجهاء وبعضها الآخر حيًد المؤسسة العسكرية عن صناعة القرار وإن أبقى على دورها خلف الكواليس، إلا أنه ومع ظهور رتب "الألوية" و"الفرق"، أصبح البلد يُدار من داخل الكتائب والوحدات، بل بات لكل جنرال امبراطورية خاصة ذات نفوذ وصلاحيات محددة.. مع التصرف في أموال هذا الشعب حسب ما يراه مناسباً، دون حسيب ولا رقيب.

إفلاس البلد من قبل بعض "موميات" الجيش هذا، والذي طال حتى المنظومة الأخلاقية لمجتمعنا المسلم المسالم، صاحبه إفلاس نخبوي يهدد كيان الوطن ويؤسس لمستقبل مُظلم لم يعد ينظر فيه للمواطن إلا على أساس الولاء والمحاباة، وليس بمقدوره أن يحصل على حقه الطبيعي في التعليم والصحة والتوظيف.

وإن كانت المؤسسة العسكرية في موريتانيا قد استطاعت خلال السنوات الأخيرة، أن تنجح في الحصول على الوسائل اللوجستية للجيش وقوات الأمن، إلا أن هذا التحسن لم ينعكس في المقابل على الجنود وأصحاب الرتب الصغيرة، بل عزز من قوة مجموعة (القادة) وجعلتهم يعيشون في أبراج عاجية يحركون من خلالها كل شاردة وواردة بأجهزة تحكم عن بعد، ويوزعون التعليمات على عملائهم ممن أوصلهم النفاق والتملق إلى تسيير مصالح المواطنين.

ونحن إذ نعيش أولى ساعات العام الجديد ونحاول استشراف ملامحه خصوصاً فيما يتعلق بالقطاعات الحكومية والوجوه التي ستتصدر المشهد وما إن كانت قديمة أم سنكون أمام طبعة جديدة؟، ونحن من "اتهم" سابقاً بعض أعضاء الحكومة والمسؤولين السامين في الدولة بالفساد، فإننا اليوم وبعد الاعتذار لهم طبعاً، نؤكد على أن موريتانيا باتت دولة للجنرالات بامتياز؛ ولم يعد حلم الدولة المدنية إلا مجرد أضغاث بدًدها العسكر وأشباه الأطر، ممن كدًسوا المال واستحوذوا على مقدرات البلد وكأننا في حالة حرب، مع أن حرب بلادنا الحقيقية هي مع الجهل والفقر.