بادئ ذي بدء يجب على المرأة بصفة عامة، والمسلمة منها بصفة خاصة أن تعرف حق المعرفة أن الرجل لا يمكن أن يكون عدوها لأنها زوجه، وأمه وأخته وابنته الأمر الذي يفرض عليه حبها والعطف عليها وحمايتها من أي أذى كان.
وإذا كان هذا هو حال الرجال مع النساء بصفة عامة، فإن المرأة المسلمة بالإضافة إلى ذلك قد تكفَّل الله تبارك وتعالى بحقوقها وبصيانتها منذ مئات السنين مما ينفي الحاجة لتدخل هيئات مشبوهة الأهداف لا تبغي لها الخير والأمن والاستقرار.
وعلى أية حال هناك بعض الثوابت الدينية والتاريخية التي ينبغي لكل مواطن شريف مسلم قراءتها بتأن وتمعن خاصة أولي الأمر منهم، كالحكام، والقضاة، والعلماء، والمشرعين، فضلا عن السياسيين، والمثقفين الغيورين على دينهم ووطنهم.
وهذه الثوابت الواجب معرفتها أولا، ثم التمسك بها ثانيا، والدفاع عنها ثالثا، سنوردها في النقاط التالية:
أولا: على المرأة المسلمة التي لا ترضى الآن عن حقوقها، التي منحها إياها ربها جل وعلا، أن تقرأ التاريخ جيدا، لتتبين كيف كانت حقوقها قبل الإسلام، لتقارنها مع الحقوق التي حصلت عليها في ظل الإسلام، وأن تقارن هذه الحقوق من حيث السمو والأخلاق، والقيم الرفيعة، والديمومة وملاءمتها في كل زمان ومكان مع القيم والحريات، الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر بتاريخ 10/12/1948، والذي اتخذته منظمات حقوق الإنسان وما يسمى بالمجتمع المدني ذريعة للتدخل في شؤون الدول.
ثانيا: على المرأة المسلمة أن ترجع إلى الله تبارك وتعالى وأن تعلم يقينا لا تخمينا أن الخير كله في اتباع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، واجتناب ما نهى عنه، وأن تقلد النسوة اللاتي رفعن أيدهن إلى الله تبارك وتعالى فاستجاب لهن، كامرأة إبراهيم عليه السلام، عندما بلغت سن اليأس وكانت امرأة مسلمة، "ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا، ولكن كان حنيفا مسلما"، فبشرها الله تبارك وتعالى بولدين، هما إسحاق ويعقوب "وامرأته قائمة فضحكت، فبشرناها بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب" وآسية امرأة فرعون التي تبرأت منه ومن قومه ورفعت يداها إلى السماء قائلة: "رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين"، فاستجاب لها ربها ونجَّاها من عمله، وبنى لها بيتا في الجنة استجابة لدعائها، وطهارتها وعفَّتها.
ومريم العذراء التي انتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذت من دونهم حجابا، فأرسل إليها ربها، جل وعلا، الروح الأمين، فتمثل لها بشرا سويا، ليهب لها غلاما زكيا، هو نبي الله ورسوله عيسى عليه السلام، فحملته فانتبذت به مكانا قصيا، وعندما جاءها المخاض إلى جذع النخلة، تمنت الموت قائلة: "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"، لكن الاستغاثة جاءتها سريعة "فناديها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا، وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا".
وإذا كان على المرأة المسلمة أن تتخذ من سلوك هذه النسوة نهجا يحتذى فعليها أن تعتبر بما حل بامرأتي نوح ولوط عليهما السلام "وامرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين، فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين".
فغرقت الأولى، بالطوفان، وخسف بالثانية مع قوم لوط "...فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم".
ثالثا: المرأة في ظل الإسلام: جاء الإسلام والمرأة تُمتهنُ كرامتها، فمعاشرتها مشاعة بين الرجال، ومن حالفها الحظ وظفرت بزوج، فكان يعاملها بقسوة وبلا رحمة، ومن مات زوجها، يرثها ابنه البكر إن كان، أو شقيقه، إن شاء تزوجها بلا رضاها وبلا مهر، وإن شاء زوجها لغيره، ويأخذ مهرها لنفسه، وإن شاء تركها معلقة بلا زواج حتى تموت، فأبطل هذه العادة واعتبرها سفاحا وقرر لمن يمارسها عقوبة رادعة "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة... إلى قوله تعالى ... وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"، يعني تنفيذ العقوبة على رؤوس الأشهاد.
ثم جاءت السنة النبوية لتبين أن الجلد مقتصر على البكر الذي لم يتزوج، أو تزوج ولم يدخل، أما الثيب ذكرا أو أنثى، فعقوبته الرجم حتى الموت، فجسد النبي ذلك في حكميه، على "ماعز والغامدية".
وكان الرجل يتزوج ما يشاء فجاء الإسلام وقصر ذلك على أربع لمن هو قادر على العدل بينهن "مثنى وثلاث ورباع"، "فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة".
ومنع الميل الذي تصبح معه المرأة معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة "ولا تميلوا كل الميل فتذروه كالمعلقة"، وحث على الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان.
ثم جعل لحكمة أرادها تزويج المرأة بيد أولياء أمورها، لأنهم هم القوامون عليها، ويدركون مصالحها، ومع ذلك أمر باستشارتها مفرقا بين البكر التي اكتفى بصمتها، والثيب التي لا بد أن تعرب عن نفسها، واشترط لتزويج اليتيمة شروطا خاصة.
وكانت المرأة لا ترث من تركة أبيها ومن باب أولى تركة زوجها التي تعتبر من مشمولاتها، فأبطل ذلك وأقر لها الإرث "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس ..... ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم.... وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث....".
وقد منع الإسلام الزوج الذي يريد استبدال زوج مكان زوج من أخذ أي شيء مما سبق وأن أعطاه لزوجه (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحدى هن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتخذونه بهتانا وإثما مبينا)، كما منع الرجل من إرث المرأة كرها أو عضلها ليذهب ببعض ما أعطاها بقصد الإضرار بها وحثه، على معاشرتها بالمعروف (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشرهن بالمعروف ...).
وبالإضافة إلى ما تقدم أباح الإسلام للمرأة التجارة، والعمل في الأماكن المأمون عليها فيها، والسفر مع محرم لها، أو جماعة مؤتمنة عليها.
وقد استجاب الله تبارك وتعالى من فوق سبع سموات لدعوة نساء مسلمات عندما التجأن إليه وأيقن أن لا ملجأ منه إلا إليه، فهذه خولة يستجيب لها سبحانه وتعالى ويردها على زوجها "لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" إلى قوله تعالى "فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا"، وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يستجيب لها جل علاه ويبرئها من فوق سبع سموات من حديث أهل الإفك "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم...".
وهذه حفصة أم المؤمنين يردها الله تبارك وتعالى من فوق سبع سموات إلى عصمة النبي استجابة لدعائها ورحمة بأبيها.
فعلى المرأة الموريتانية أن تقتدي بهذه النسوة وتتجه إلى الله تبارك وتعالى وتشتكي إليه همومها، وبالتأكيد لن يخذلها وتترك عنها طَرْقَ أبواب المنظمات الغربية، التي لا تعنى بالبحث عن الخير لها.
رابعا: حقوق المرأة المسلمة في موريتانيا: إن الشعب الموريتاني يتكون من قوميتين إحداهما عربية والثانية إفريقية زنجية، والعربية بدورها تنقسم إلى شريحتين بيض وسمر، يجمع بينهما الدين واللغة، والمصاهرة، والعادات والتقاليد الواحدة الموروثة منذ مئات السنين، وقد من الله تبارك وتعالى على هذا الشعب بأن جعله مسلما بكافة قومياته وشرائحه وجعله ينتمي لمذهب واحد، وهذا الاتحاد في الدين والمذهب هو الذي وقف حائلا في وجه المستعمر دون تفكيكه، وتشتيته على أساس ديني مذهبي طائفي، كما فعل في بلدان كثيرة.
وإذا كان الاستعمار بمفهوم الاحتلال قد ولى، أو تراجع إلا أنه استُبدل بمفهوم آخر أكثر خطورة وتدميرا لقيم الشعوب وتشكيكها في صلاحية معتقداتها للبقاء، فما يروج له على منابر الساسة الغربيين من وجوب أخذ الآخر بالقيم الغربية وما يحاك في الدهاليز والمطابخ ويرسل سرا إلى منظمات حقوق الإنسان، وربيباتها منظمات المجتمع المدني لتطبيقه في البلدان المستهدفة أخطر وأدهى بكثير، لأنه يهدف إلى تدمير كل القيم المستمدة من الدين الإسلامي ورميها في سلة المهملات، وإحلال قيم الغرب محلها.
ورغم تغليف هذه السياسة الممنهجة بغلاف الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، إلا أن الغرض منها هو التغلل في جسم الدولة والتحكم في مفاصلها، وإدراج نصوص قوانين في منظومتها، مخالفة لشريعتها، ولقيمها ستتحول في المستقبل إلى سيف مسلط على رقاب أبنائها تبتزهم وترغمهم على المزيد من التنازلات عن دينهم وقيمهم.
فالمرأة الموريتانية وبخاصة تلك التي تنتمي إلى الشريحة المستهدفة قديما وحديثا، ظلت تحظى طيلة القرون الماضية بما لم تحظ به مثيلاتها في العالمين العربي والإفريقي، فالمرأة العربية في المدن هي التي تطبخ وتكنس وتعجن، وتحيك الثياب وتخيطها، وفي البوادي والأرياف بالإضافة إلى الأعمال المتقدمة هي التي تحلب الغنم والبقر والإبل وأحينا ترعى مواشيها، أما المرأة العربية الموريتانية ظلت على مر العصور لا تصنع أي عمل ولا تقوم بأي جهد له مردود إنتاجي، وسبب ذلك ما تحظى به من تقدير واحترام لدى الرجل، سواء كان زوجا، أو أبا، أو أخا، أو ابنا، حتى أن الرجال من شدة تقديرهم لها وحرصهم على تفادي ما يعكر صفوها ويثير مشاعرها تنازلوا طائعين عن حقهم بالزواج بأكثر من واحدة .
وإذا كانت المرأة العربية تقوم بالدور المبين أعلاه فإن المرأة الإفريقية في بلادنا تقوم بكل شيء حتى أنها تتولى أحيانا الإنفاق على زوجها وعياله من عرق جبينها.
إنما يقوم به الرجل الموريتاني اتجاه المرأة ليس منة وإنما هو واجب ديني وأخلاقي مقدس غير قابل للانتقاص يجد أساسه في الدين والمروءة، ومكارم الأخلاق، وكلها أمور داخلة تحت عباءة ديننا الحنيف الذي يراد بنا أن نقفز عليه وندوسه بأقدامنا، ولا يطعن في صدقية هذا وجود حالات عنف شاذة مستهجنة ومرفوضة وهي من الجميع محل انتقاد وتنديد، مع أنها حالات دخيلة وطارئة على مجتمعنا وسببها ابتعاد البعض عن دينه وقيمه.
خامسا: إن إدراج مواد قانونية مخالفة للشريعة الإسلامية في منظومة دولة إسلامية، أمر لا تقل خطورته عما قام به ولد لمخيطير، ومن هو على شاكلته، فما روج له ولد لمخطير هو ما يراد تقنينه تحت ذريعة "قانون النوع"، والعنف ضد المرأة ومضايقتها، ومغازلتها، وضرورة تحررها من كل شيء حتى من دينها وقيمها.
سادسا: إن إدراج مادة في القانون تنص على حبس والد بنت زوجها تحت سن الثامنة عشر (18) سنة إرضاء للغرب، وأزلامه لا شك أنه يغضب الله ورسوله، لأن من أدرجها يرى أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر غير صالح ولا عادل، وأصلح منه لهذه البنت ما ينادي به الغرب ومنظمات المجتمع المدني.
فمعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة وهي بنت ست سنين، ودخل بها وهي بنت تسع، وتوفى وهي أحب نسائه عليه، وفعله ركن أساسي من أركان الشريعة الإسلامية، وكل من يستبدله بمادة وضعية تخالفه، لابد وأنه ليس راض عنه، ويعتبره امتهانا لكرامة البنت واعتداء عليها، وهذا ما يخرجه عن الملة كابن لمخيطير تماما "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم"، "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" فعلى من يقف وراء محاولة اعتماد قانون النوع وعيد الله تبارك وتعالى (ومن يعصي الله ورسوله ويتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا).
سابعا: إن إدراج نصوص قانونية في منظومتنا القضائية تسلب الرجل حقه في القوامة على نسائه، لهو أمر في غاية الخطورة فهو بالإضافة إلى أنه مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة، "الرجال قوامون على النساء..."، يجعل الرجل في بيته "كالديوث" يشاهد زوجه، وابنته وأخته يخرجن متزينات متعطرات، متبخرات، متبرجات كاسيات عاريات، مائلات مميلات لا يستطيع زجرهن ولا وعظهن، لأن ذلك يعتبر انتقاصا من حريتهن المحمية بالقوانين الوضعية التي لم تحسب أي حساب للقوانين الربانية المنزلة من فوق سبع سموات "يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا". فكيف بهذا الرجل المسكين الذي أصبح لا حول له ولا قوة أن يقي أهله النار وهو محرم عليه وعظهم وإرشادهم والتدخل في شؤونهم؟
ثامنا: إن إدراج مادة في القانون تعاقب الرجل على معاكسة المرأة بالاتصال بها أو غمزها أو لمزها إلى غير ذلك مما هو مسلسل في تلك المادة لا شك أنه سيفتح بابا للفتنة، وسيكون سببا خطيرا لتصفية الحسابات السياسية والشخصية، وتلطيخا لسمعة كثير من الشرفاء دون وجه حق، وتوجيه تهم لا أساس لها ضدهم.
فكان ينبغي على مُعِدِي هذا المشروع أن يقترحوا مادة تضبط سلوك المرأة وتفرق فيها بين المحتشمة الغاضة لبصرها وتلك المتبرجة المتعطرة المتسكِّعَةِ العارية، لأن الأولى تستحق الحماية فعلا، والثانية تستحق العقوبة، لقوله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ....".
كما كان ينبغي أن تكون تلك المادة تتضمن فقرة رادعة لمن كان هدفها تشويه سمعة الأبرياء الشرفاء ـ وهم المستهدفون في كل هذا ـ بنصها على عقوبة شديدة إن اتضح كيد تلك الدعوى وزيفها.
ونحن نعلم علم اليقين أن في هذا المجتمع من كافة شرائحه نساء عفيفات طاهرات محتشمات لا نخاف عليهن وكلامنا لا يعنه منه إلا حرصنا وغيرتنا على بقاء تلك الصفات عالقة بهن وعدم تعريضها لخطر الزوال.
تاسعا: إن الخطورة ليست في اعتماد هذه المواد فحسب، وإنما في الخطوات التالية إن لم يتدارك أولي الأمر المسألة ويضعوا الأمور في نصابها.
فهدف المنظمات الغربية المنشود هو تحرر المرأة المسلمة مما تبقى لديها من القيم الإسلامية التي لا تزال تقف حائلا بينها وأوكار الرذيلة العالمية، كشر عنة المساحقة "علاقة المرأة بالمرأة"، وزواج الشواذ "المخنثين" وتكوين علاقة مع من تشاء والزواج المدني، وحرية تغيير الديانة والمذهب، دون أن يكون لأبيها أو زوجها أو أخيها أو ابنها أدنى سلطة للتأثير عليها.
عاشرا: إن هذه النصوص إذا تم اعتمادها فإنها بالتأكيد ستستخدم يوما ما ضد الدولة الموريتانية في المحافل الدولية وعندها سيحصل الندم حين لا ينفع الندم.
وإذا كان المشرع الموريتاني لا يرى غضاضة في أن يضع مادة وضعية مكان آية قرآنية وسنة نبوية مخالفة لها، فعليه أن يحترم ترتيب القوانين الوضعية، فالدستور الموريتاني وهو أب القوانين ينص في ديباجته على أنه "يحترم أحكام الدين الإسلامي المصدر الوحيد للقانون" وينص في الفقرة الثالثة من المادة 13 على أن "الدولة تضمن شرف المواطن وحياته الخاصة، وحرمة شخصه ومسكنه ومراسلاته"، فكيف بها تسمح للأطباء ومنظمات المجتمع المدني التدخل في حياته الشخصية والأسرية، ويرفعون نيابة عنه قضايا اجتماعية قد يكون الكشف عنها أكثر ضررا عليه وعلى أسرته اجتماعيا من معالجتها أسريا بعيدا عن ضجيج المحاكم وتدخلات المجتمع المدني.
الحاد عشر: إننا نرى أن منظمات حقوق الإنسان في الغرب تضع بين نصبي أعينها شريحة رئيسة من شرائح مجتمعنا، ظلت عصية على المستعمر طيلة القرن الماضي وتحاول عن طريق أتباعها، من أبناء جلدتنا عن وعي أو بدون وعي ترويضها لتتمكن من تمرير مخططاتها ولكن على المتعاونين معها سواء من أبناء تلك الشريحة المستهدفة أو من أبناء الشرائح الأخرى التي ترى أنها ليست معنية بما يحدث الآن في الساحة إن لم تكن تراه يصب في مصلحتها أن تعلم علم اليقين أنها سَتُسْقَى ذات يوم من الكأس التي نُدفع الآن للشراب منها وعندها ستتذكر بعد فوات الأوان مقولة الثور الأسود للأسد بعد تخليه عن مساعدة ونجدة الثور الأبيض "أكلت يوم أكل الثور الأبيض ولم أحرك ساكنا لنجده".
الدكتور/ المحامي: محمد سيدي محمد المهدي