كثر في الآونة الأخيرة – على نحو صارخ – ترديد شائعات استأثرت بالرأي العام؛ واستبدت بأروقة الجمعية الوطنية، حتى كانت محل الخوض في قبة البرلمان تمهيدا للنكوص عن القرار الذي مكن وحده في الحقيقة بصفة ديمقراطية، في ظل السكينة والاستقرار، من النجاح في تجاوز الخلافات التي ظهرت بجلاء بخصوص بعض مقترحات تعديل الدستور.
إن خيارا من هذا القبيل يبقى رهن نتائج الاقتراع المباشر للشعب عبر تنظيم استفتاء يكون له القوة والفضل في إيجاد التوافق بين الفرقاء؛ بينما يبدو هذا المخرج الجيد يتهدده إقرار خفي لا شرعي، ولا دستوري بشأن التعديلات المذكورة من طرف البرلمان.
وإذا ما تأكد مثل هذا التوجه المختل فإن التحالف الشعبي التقدمي يؤكد أنه سيعارضه بقوة عملا بما يوائم هدفه الدائم للمساهمة باستحقاق وسلمية وبشكل مستمر في تأسيس دولة قانون حقيقية، ديمقراطية وموحدة، لأنها تحترم القوانين التي تؤسسها والالتزامات التي تأخذها والاتفاقات الموقع عليها.
وسيكون لاغيا ولا مفعول له، أحاديا، لا شرعيا متناقضا تناقضا صريحا مع مقتضيات الوثيقة الختامية للحوار المنقضي قبل أشهر. فليس لرئيس الجمهورية أي سلطة في تجاوز الاتفاقيات الموقعة من قبل المتعاقدين مهما كانت مبرراته.
كما انه تعطيل لحجة الحوار الوحيدة الصريحة التي يواجه بها المشاركون فيه خصومهم فيما يتعلقبمقترحات تعديل الدستور موضوع الجدل. وعليه فإن اقتصار الاقتراع الشعبي آليا على أغلبية سياسية (موالية بل ومتعددة الولاءات الحزبية) برهان ساطع على ضعف الاهتمام الذي يوليه النظام لرأي الشعب، الأكثرية الصامتة غير المسيسة التي تشكلأغلبية ساحقة محتملة من الناخبين، وحتى إن أطرتها الأحزاب.
هذا في حين أن هدفنا في التحالف الشعبي التقدمي، عندما نشجع على الحوار وعند ما نشارك فيه، ظل دائما وأبدا أملا في إعطاء البلد فرصة بداية جديدة حسنة، وهو أمل عززه التصريح المهيب الأخير لرئيس الجمهورية حول المأمورية الثالثة والتي شكلت منطقيا وأخلاقيا فرصة تلطيف وتهدئة، خاصة لتنحية الرهانات المقلقة والمتعددة المساوئ.
إن هذا التحول سيعتبره الجميع بلا محالة عودة سريعة للعادات السيئة ورفضا لأي مبادرة ولأي تسوية، وهو ما من شأنه أن يلحق ضررا كبيرا بالسلم والأمن في مجتمع تطبعه الهشاشة المخلة بفعل مخاطر الانفجار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
ولهذه الأسباب كلها، فإننا نوجه نداء حارا خالصا إلى كافة الإرادات الوطنية الخيرة ومهما كانت انتماءاتها، في المعارضة والأغلبية للتوحد من أجل قطع الطريق على ما ينذر بانحراف استبدادي جديد حتمي للديمقراطية وللمكتسبات الجمهورية.
انواكشوط، 17/01/2017
المكتب التنفيذي