أحمد الأمين-نواكشوط - الجزيرة
رحل الرئيس الغامبي المتنحي يحيى جامي فدخل الجيش السنغالي وقوات من دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) إلى العاصمة الغامبية بانجول، لكن الرئيس المنتخب آداما بارو بقي في داكار بـ"انتظار توفر الظروف الملائمة" وفق حديثه للدبلوماسيين خلال لقائه بهم يوم الاثنين.
"توفر الظروف الملائمة" تعبير يعكس حالة توجس لدى الرئيس المنتخب ومحيطه -وربما مستضيفيه وحلفائه في الإقليم- من البنية العسكرية والأمنية الغامبية التي تكونت على يد جامي وكانت وسيلته للبقاء في السلطة على مدى أكثر من عقدين من الزمن.
وقد جاء التعبير عن هذا التوجس واضحا في تصريحات ماي فاتي مستشار الرئيس بارو، والذي قال إن "الأمن في غامبيا لا يزال هشا"، وأضاف "ننتظر بيانا علنيا من رؤساء الأجهزة الأمنية بشأن التزامهم بالولاء للجمهورية والدستور، والولاء أيضا لرئيس الدولة".
بارو (يسار) ينتظر "توفر الظروف الملائمة" قبل العودة إلى غامبيا رئيسا (رويترز)
وقد أعطى هذا التوجس مبررا -علنيا على الأقل- لتدخل إكواس، وقال رئيس مفوضيتها مارسيل دي سوزا إن تدخلها جاء لـ"تسهيل تسلم بارو السلطة"، مضيفا أن مسلحين ومرتزقة مؤيدين لجامي ما زالوا داخل البلاد، وقد أطلقوا النار على القوات الأفريقية لدى عبورها الحدود.
وتناغمت مواقف الحكم الغامبي الجديد مع هذه المواقف ترحيبا بوجود قوات إكواس في مناطق غامبيا، وقال فاتي إن الرئيس يطالب قوات إكواس بالبقاء إلى حين استعادة الأمن بشكل عام.
وفي مقابل ترحيب بارو والمقربين منه بهذا التدخل، فإن أطرافا إقليمية وغامبية رأت فيه خرقا صريحا لاتفاق تنحي جامي عن السلطة، خاصة أن الاتفاق ينص على عدم دخول أي قوات أجنبية إلى الأراضي الغامبية.
وقد أكدت الوساطة الموريتانية الغينية أن الطرف الغامبي الآخر يرفض هذا التدخل العسكري الخارجي، ويعتبره نقضا لنص اتفاق التسوية التي رحل بموجبها جامي عن السلطة.
ساغو: الرئيس السابق اتهم بتجنيد مرتزقة من بلدان أفريقية (الجزيرة)
الهواجس الأمنية التي عبرت عنها السلطة الغامبية الجديدة تبدو مبالغا فيها بحسب بعض المحللين السياسيين، خاصة أن جامي لم يتنحَّ عن الحكم بشخصه فقط وإنما بمقربيه وأركان نظامه، مع ضمانات بعدم المضايقة والمتابعة والحق في ممارسة السياسة، مما يعني أن تحركهم ضد مخرجات الاتفاق يظل احتمالا مستبعدا إلى حد كبير، بحسب رأي أستاذ العلوم السياسية بجامعة غامبيا أبو بكر ساغو.
ويقول ساغو في حديث للجزيرة نت من غامبيا إن هذه الهواجس مجرد شكوك تجد مبررها في الخشية من الجيش تحديدا، نظرا إلى أن الرئيس السابق طالما اتُّهِم بتجنيد مرتزقة من بلدان أفريقية، كما أن الجيش يقوم على بنية قبلية بدرجة كبيرة.
ويعتقد ساغو أن الحكم الغامبي سيبقي على قوات إكواس في البلاد فترة قد تصل إلى ستة أشهر أو أكثر، ويشير إلى أنه كلما طالت مدة وجود هذه القوات سترتفع الأصوات ضدها أكثر بين الغامبيين.
وبينما يؤكد المقربون من السلطة الجديدة في غامبيا أن هذا التدخل جاء لحماية الديمقراطية الوليدة في البلاد، فإن آخرين يرون أنه "إذا كان ظاهره كذلك، فإن المسكوت عنه في هذه العملية هو إعادة صياغة وترتيب البيت الغامبي وفق الأجندة السياسية السنغالية"، بحسب تعبير المحلل السياسي الموريتاني محمد ولد سيد أحمد فال.
ويقول فال في حديث للجزيرة نت إن "احتفاظ السنغال بالرئيس المنتخب رغم خروج سلفه من البلاد، هدفه تمرير مخططاتها من خلاله، وذلك يؤكد رغبتها الصريحة في السيطرة على القرار الغامبي".
المصدر : الجزيرة