نفذت قطر الخيرية مشاريع مدرة للدخل في منطقة الوسط الموريتاني، تمثّلت في بناء عشرة مخابز تقليدية محسّنة في مدن وقرى متفرقة في ولاية لبراكنة وسط موريتانيا، أسهمت في تمكين الأسر المستفيدة منها اقتصادياً، وخدمت 8000 شخص من السكان المحيطة بالمناطق التي بنيت فيها، فيما شيدت الجمعية العام الماضي 30 مخبزاً آخر موزعة على عدة قرى ومقاطعات موريتانية داخلية استفاد منها 24000 شخص.
وقد توزعت المخابز التقليدية التي أُنشأت حديثاً على مدينة باركيول، وبلدية الغبرا، وقرى أخرى مثل: قرية بوحراث، وقرية ودي النص، وقرية بامبيرة، وقرية جب صونداج.
وتم تشييد المخابز وفق مواصفات معينة، تفادياً للأضرار التي تصيب المخابز التقليدية المبنية بالطوب، وتتكون المخابز من غرف للخبز وتحضير العجين، بالإضافة إلى أفران تعمل بالحطب، نظراً لغياب الكهرباء في المناطق التي شيدت فيها المخابز، وهو ما يجعل المخابز في مثل هذه المناطق تستخدم الحطب بشكل كبير، كبديل عن الطاقة الكهربائية، ويعتمد بعض أرباب المخابز على أنفسهم في جلب الحطب من الوديان والغابات التي يتوفر فيها بكثرة.
وقبل تدخل قطر الخيرية لبناء مخابز جديدة كانت وضعية المخابز القديمة سيئة ومتهالكة، لأنها مبنية من الطين الذي ينهار مع أبسط تساقط للمطر، أو تصيبه تشققات ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في موسم الصيف.
معاناة المنطقة
وتعاني المنطقة من نزوح أرباب الأسر من القرى إلى المدن للبحث عن عمل، حيث لا تتوفر فرص العمل بكثرة في قراهم معظم فصول السنة، باستثناء فترة الأمطار الموسمية التي تنتعش فيها الزراعة المطرية لفترة وجيزة، لكن المشكلة تكمن في تدني مستوى التساقطات المطرية التي لا تكفي لمواصلة النشاط الزراعي فترة أطول، وهذا الوضع هو الذي يؤدي إلى هجرة غالبية الرجال في رحلة بحث عن العمل في العاصمة والمدن الكبيرة، مُشكلاً عبئاً على العائلات التي يبتعد عنها معيلوها هرباً من البطالة، لتبقى الأم وحيدة مع أبنائها لعدة شهور.
نتائج إيجابية
وقد انعكست نتائج هذا المشروع بشكل إيجابي على الأسر المستهدفة، حيث وفرت فرص استقرار لأربابها، كما أنها وفرت لسكان القرى المستهدفة الخبز بأسعار في متناول السكان، وبالكمية التي تغطي جل احتياجاتهم، من مادة الخبز الأساسية التي يعتمد عليها الكثير من السكان في غذائهم.
وعبر المستفيدون عن سعادتهم بهذه المشاريع المدرة للدخل التي جعلتهم يمتلكون مخابز جديدة خاصة بهم، مبنية بمواصفات عصرية مقاومة لعوامل الطبيعة الصعبة، وسيكون ريع إنتاجها خالصاً لهم ولأفراد أسرهم المحتاجين له بشدة، بعد أن كانوا يعملون في المخابز القديمة بالأجرة اليومية التي بالكاد تكفي لإطعام أسرهم.
وعبر المستفيدون عن امتنانهم وشكرهم للمتبرعين في دولة قطر لكريم بذلهم ولقطر الخيرية نظير ما تقوم به من دور تنموي، في موريتانيا، خصوصاً المناطق النائية التي تغيب عنها مقومات الحياة الحضرية.
تمكين اقتصادي
وتلقى المخابز التقليدية المحسّنة من المشاريع الصغيرة المدرة للدخل نجاحاً ورواجاً لمساهمتها بشكل كبير في تحسين الظروف الاقتصادية للمستفيدين منها، إذ تؤمن لهم دخلاً معتبراً يساهم في الإحاطة بمصاريف أسرهم وحاجاتهم اليومية، والاستقلالية المالية عن طلب المساعدة واللجوء إلى الغير، كما أنها توفر الخبز لقرى بعيدة ونائية يصعب على سكانها الحصول على خبز طازج أو صنعه بيسر، فالخبز مادة استهلاكية مهمة نظراً للتقشف والفقر الذين يسيطران على هذه القرى البعيدة.
وقد سبق أن شيدت قطر الخيرية في موريتانيا 30 مخبزاً تقليدياً محسّناً خلال السنة المنصرمة، موزعة على عدة قرى ومقاطعات داخلية تغيب عنها جل الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتشكل المخابز إضافة ضرورية لتقديم خدمة حيوية لسكانها.