لم يكن اختيار مدينة مشهد الإيرانية عاصمة للثقافة الاسلامية للعام 2017 مجاملة لهذه المدينة او محاباة للنظام السياسي في إيران نظرا لما كشفت عنه هذه المدينة في تظاهرة انطلاقة الاحتفاء الرسمي بهذا الحدث يوم الى 24
من الشهر الماضي فمدينة مشهد الإيرانية المقدسة ليست مجرد حاضرة إسلامية ترمي وراء ظهرها ذالك الماضي الذي كان في يوم من ايام زاخرا بكل أنواع العلوم ومركز ا لاستقطاب العلماء والنوابغ الذين لمع نجمهم في سماء الثقافة والفكر والفلسفة والفقه والطب والأدب وحسب فلازالت هذه المدينة العريقة حتى يومنا هذا ورغم او الحداثة والتطور السريع في البنية التحتية ونمط الحياة صامدة في وجه كل المتغيرات بما تختزنه من الآثار والشواهد التاريخية التي تستعصي على الانمحاء والذوبان والتي تدل بلا شك على عراقتها وأصالتها.. لا يكاد المرأ يلتفت الى أي و جهة من هذه المدينة دون ان يكتشف أثرا للأقدمين او طلل من الماضي القديم يرفض الاندراس رغم عاتيات الزمن ومتغيراته السريعة والهائلة ..
فهناك عديد المتاحف والمعارض الفنية التي تحكي قصة هذه المدينة مع التاريخ والتي تحوي ميئات المخطوطات التاريخية النفيسة والنادرة من كتب بعضها خط على رق الغزال وهناك المقتنيات اليدوية التي صاغتها أنامل الأولين لتكون شاهدا على عظمتهم ومدى رقيهم وتحضرهم في ذالك الوقت.. كما تحكي تفاصيل حقب طويلة ومتنوعة من التاريخ الإسلامي والعربي وعبر الإمبراطوريات التي سادت في تلك المنطقة..
ففي متحف الحرم الرضوي الطاهر
نسبة الى أبو الحسن الرضا علي بن موسى بن جعفر الصادق ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، ثامن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام .يوجد متحف قرءاني يضم عشرات المصاحف والكتب النادرة التي تعكس دون شك مدى الحضور الإسلامي العربي في هذه المنطقة وكيف انها كانت مركزا ينبض بالعمل والثقافة والفكر في اجل تجلياته.. وهناك السيوف والرماح والأدوات الخزفية والصخرية والبلورية النادرة جدا والتي تم الحفاظ عليها بعضها يعود إلى ملوك وسلاطين ومنها ما هو عبارة عن هدايا نفيسة قدمت للائمة ولملوك إيران ومنها ما قدم في العصر الراهن للمرشد الأعلى قائد الثورة الإسلامية سماحة السيد علي الخامنئ .. ولا يختلف الأمر مع ضريح الشاعر الإيراني العظيم الفردوسي صاحب كتاب شاهنامه حيث تحكي الرسوم على نصبه التذكاري ملاحم بطولية ومعارك تكفي لتملأ المجلدات بقصص وبطولات غاية في الروعة والجمال وهي إن دلت إنما تدل على هذا صلابة الشعب الإيراني وقدرته على تحقيق إرادة البقاء... وتحوي هذه المدينة مساجد بمآذنها الشاهقة وقببها العالية المطرزة و أضرحة ومزارات لعلماء وإعلام وأولياء وصالحين لهم من الكرامات ما يدل على خصوصيتهم وقد نبغوا في شتى معارف العلوم العربية والإسلامية ولا زالت كتبهم اليوم تدرس وقصصهم تلوكها الألسن بكل دقة مثل الخليفة العباسي هارون الرشيد والامام الغزالي و الشيخ الطبرسي صاحب تفسير البيان و الشيخ البهائي العاملي من أعاظم علماء الإمامية، إضافة إلى مقبرة الشيخ الحرّ العاملي... أما عن الهندسة العمرانية فحدث ولا حرج حيث تحكي النقوش على حيطان الحرم الرضوي الطاهر عن طراز فني وجمالي يكشف مدى عبقرية وذكاء وصبر وحكمة الإيرانيين ومدى محبتهم للامام الرضا ولأهل البيت عليهم السلام ..
الأغرب ما في الأمر أن هذه المدينة التي يحكي كل حجر فيها قصة له مع التاريخ تبدو اليوم مدينة فتية بالنظر إلى نظافتها والى حيوية سكانها وسعة شوارعها.. وساحاتها العمومية وأسواقها العامة التي بنيت عبر تصاميم حضارية غاية في الجمال الإبداع... فضلا عن حدائقها الغناء كحديقة ملي" الشعوب" التي تعتبر الملاذ والمتنفس لأهالي المدينة حيث يقصدونها أملا في الحصول على الراحة والاستجمام ولو للحظات مع الطبعة وأجوائها المريحة..
اعد التقرير مندوب الموقع الى المدينة محفوظ الجيلاني