قدمت مؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا اليوم الأربعاء نظرة جديدة للخروج من الأزمة السياسية الخانقة التي تمر بها البلاد والتي مضي عليها الآن أكثر من سبع سنوات !.
ودعت مؤسسة المعارضة الأطراف السياسية للدخول في حوار شامل وعاجل يفضي لقيام دولة مؤسسات حقيقة.
وقال الحسن ولد محمد رئيس مؤسسة المعارضة خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة نواكشوط اليوم ، ‘‘ إن الأزمة السياسية استفحلت بين الفرقاء في ظل تمنع “النظام تارة وفشله تارة فى إقامة حوار جدي وشامل يضمن انتشال البلاد و الخروج بها إلى بر الأمان”، متهما النظام بالتنكر لمنطق الشراكة الوطنية وانتهاج سياسات أحادية تقوض العمل الديمقراطى ، وفق تعبيره‘‘.
ودعا ولد محمد القوى السياسية المعارضة إلى تناسي خلافاتها و العمل الجاد من أجل أن تكون سنة 2019 سنة مفصيلة في تاريخ الديمقراطية الموريتانية، وفق تعبيره.
وطالبت المؤسسة بإشراك كافة الفاعلين السياسيين في البلد من أجل وضع استراتجية تضمن تعزيز الوحدة الوطنية وحسن التعايش بين مكونات الشعب الموريتاني ، واتخاذ سياسات صارمة لمعالجة الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية التي يواجهها المواطنون من خلال خفض الأسعار.
وخلال المؤتمر الصحفي جري توزيع بيان هذا نصه :
نظمت مؤسسة المعارضة الديمقراطية صباح الأربعاء 15 فبراير 2017 مؤتمرا صحفيا لعرض التقرير السنوي للعام 2016 حول تقييم السياسيات الحكومية والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلد.
وقد افتتح المؤتمر الصحفي بكلمة لزعيم المعارضة الاستاذ الحسن ولد محمد ترحم في بدايتها على الفقيدين شيخنا ولد ابي مراسل الجزيرة نت و سيدي ولد سيد أحمد مدير موقع الديار، كما أكد على ضرورة تكثيف الجهود من أجل إطلاق سراح الصحفي اسحاق ولد المختار.
الزعيم الحسن تحدث عن المؤتمر الصحفي السنوي للمؤسسة وبأنه أصبح تقليدا سنويا، تقيم من خلاله المؤسسة الأداء الحكومي وتقدم رؤيتها للأوضاع في البلد وتقترح فيه الحلول المناسبة، كما تحدث عن المعوقات التي واجهتها في سبيل إعداد هذا التقرير وغياب التعاطي الرسمي من طرف السلطة مع رسائل المؤسسة وطلباتها للحصول على معطيات رسمية حول مختلف القطاعات الحكومية ، وذكر بأن ميزة المؤتمر ر لهده السنة، أنه سيكون مصحوبا بوثيقة شاملة توثق رؤية المؤسسة ستنشر وتقدم للرأي العام.
ثم تحدث الأمين العام الاستاد ايدوم ولد عبد ولد اجيد مستعرضا التقرير وأهم المحاور التي عالجها.
وقد شمل التقرير عدة محاور: أولا الوضعية السياسية للبلد كما تعرض التقرير للحراك الحقوقي وواقع الحريات وموضوع المظالم ، إضافة إلى الحكامة ومحاربة الفساد والحالة المعيشية ليختتم التقرير بالوضع الاقتصاد وقراءة في أهم الأرقام والمؤشرات .
نص التقرير:
مؤسســــــــــــة المعارضــــــــــــــة الديمقراطيـــــــــــــــة
التقرير السنوي للعام 2016
حول تقييم الأداء الحكومي ورؤية المؤسسة لأوضاع البلد
15فبراير 2017
لقد انشأ المشرع الموريتاني مؤسسة المعارضة الديمقراطية من أجل دعم و توطيد الديمقراطية التعددية و تشجيع مشاركة جميع القوي السياسية في عملية البناء الوطني.
و شدد المشرع على أهمية المؤسسة في ضبط الحوار السياسي ضمن حدود الشرعية و الاحترام المتبادل و ضمان تناوب سلمي و هادئ على السلطة.كما كفلها حق انتقاد العمل الحكومي بصورة تصب في اتجاه توطيد المبادئ الديمقراطية و البناء الوطني و التقدم مع احترام القيم السامية المشتركة للشعب الموريتاني ضامنا لها حرية التعبير.
و تأسيسا على ما سبق و انطلاقا من دور المؤسسة في تنوير الرأي العام الوطني فإن المؤسسة تتقدم بهذه الوثيقة التي تعكس رؤيتها للحالة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الأمنية للبلد على مدار العام 2016.
كان بودنا أن نؤسس هذه الوثيقة على تحليل المعطيات الرسمية ودراستها بطريقة علمية، غير أن منطق إقصاء المؤسسة كشريك وطني بقوة القانون يجب التشاور معه في القضايا الوطنية الكبرى، وسياسة التعتيم والرفض الحكومي للتعاطي معها وتمكينها من الولوج للمعلومات والمعطيات حالت دون ذلك، رغم الطلبات والرسائل التي وجهنا للدوائر الحكومية بغية تمكين طاقمنا من مباشرة عمله الفني حول تقييم السياسات الحكومية وأثرها على خدمة المجتمع ورفاه المواطن، الأمر الذي دفعنا لاعتماد المعطيات والمعلومات الموثقة في بعض التقارير الدولية والوطنية الصادرة عن الجهات والهيئات المختصة.
إن أي دراسة متأنية للمعطيات المتوفرة حول السياسات الحكومية ستقود حتما إلى الخروج بخلاصة مفادها أن سنة 2016 لم تكن سوى استمرار لسياسات حكومية قادت البلاد نحو وضعية متدهورة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
فعلى المستوى السياسي تستفحل الأزمة السياسية وتتسع الهوة بين الفرقاء يوما بعد يوم في ظل تمنع النظام تارة و فشله تارة اخري من إقامة حوار جدي وشامل يضمن انتشال البلاد والخروج بها إلى بر الأمان، في تنكر واضح لمنطق الشراكة الوطنية وتجسيد الحد الأدنى من متطلبات الفعل الديمقراطي، واستمراره في انتهاج سياسات أحادية تقوض العمل الديمقراطي وتهدد التلاحم والوئام الوطنيين.
وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فرغم توفر البلاد على مقدرات هائلة، وطفرة اقتصادية في السنوات الأخيرة مكّنت الحكومة من الحصول على موارد كبيرة، لا يزال الوضع المعيشي صعب و الفقر يضرب بأطنابه ويعاني منه أكثر من ثلث السكّان، كما تنتشر البطالة خصوصا بين الشباب ذي المؤهلات العلمية، وتزداد وضعية التعليم سوء، وتواصل تدهور الخدمات الصحية، إضافة إلى غياب شبه تام لمختلف الخدمات في الوسط الريفي وشبه الحضري و انهيارها في الحضر.
وفي المجال الأمني يعاني سكّان المدن الموريتانية من شبه غياب للأمن الحضري وانتشار العمليات الإجرامية في ظل ضعف القوى الأمنية وفشلها في انتهاج سياسية أمنية ردعية تمنع قيام الجريمة، وتوفر الأمن والسكينة للمجتمع رغم التبجح بالانفاق الكبير في هذا المجال.
أولا: الوضعية السياسية
ترتكز فلسفة النظام ورؤيته السياسية على الأحادية وإقصاء الفاعلين السياسيين شركاء الوطن، سواء تعلق الأمر بمؤسسة المعارضة الديمقراطية كشريك سياسي قانوني منحه القانون الحق في تمثيل المعارضة، ومكنها من حق إبداء الرأي في القضايا الوطنية للنظام بناء على استشارة النظام لها ، أو تعلق الأمر بالأحزاب والتجمعات السياسية المعارضة (قانون رقم:019_2008)يهدف هذا القانون الي وضع نظام قانوني للمعارضة الديمقراطية من اجل دعم و توطيد الديمقراطية التعددية و تشجيع مشاركة جميع القوي السياسية في عملية البناء الوطني
لقد ظلت القطيعة السياسية هي السمة الأبرز التي طبعت المشهد السياسي، رغم محاولات الحوارات المتعددة التي لم تنه القطيعة ولم تحل الأزمة السياسية، نتيجة مقاطعة أطراف من الطيف المعارض لمختلف الحوارات استشعارا منها لعدم الجدية وغياب الضمانات المطلوبة و التنازلات المطمئنة.
و حتي الحوار الذي شاركت فيه أطراف سياسية معارضة أبانت ظروفه و أجواؤه والمراحل التي سبقت تحضيره وتلكأ النظام في تطبيق العديد من مخرجاته عن حالة من الارتباك السياسي و التنكر لروح الشراكة الوطنية التي يجب أن يتسم بها الفعل السياسي لأي سلطة.
مما قد يعمق القطيعة و يخيب آمال قوى سياسية كانت في القريب شريكة للنظام في بعض جوانب الفعل السياسي.
لقد زاد من عمق القطيعة واتساع الشرخ تعامل النظام مع مؤسسة المعارضة الديمقراطية وتنكره للدور السياسي الممنوح لها قانونا، حيث اتسمت علاقته بالمؤسسة بالتجاهل و الإقصاء بدء بالتأخر المتعمد لتسليمها مبكرا في بداية المأمورية، وتجاوزه ودوسه على القانون الذي يبوئها صدارة المشهد السياسي خلال يوميات الفعل السياسي الوطني
ان تنكر النظام لمؤسسة المعارضة تجسد من خلال تمنعه ورفضه لواجب الاستشارة المنصوص عليها قانونا، حيث انقطعت الاتصالات وغابت اللقاءات التشاورية طيلة الفترة المنصرمة من المأمورية بعد اللقاء الوحيد عند مستهل مدة الانتداب، مما يشي باستبطان النظام لفلسفة تقويض المؤسسات وتعطيل القانون. (المادة 12 يستشير رئيس الجمهورية و الوزير الأول كلما اقتضت الضرورة ذلك الزعيم الرئيس و أعضاء مجلس الإشراف علي مؤسسة المعارضة الديمقراطية حول المشاكل الوطنية و القضايا الكبرى المتعلقة بحياة الأمة و في كل الحالات ومن اجل تشجيع الحوار السياسي بين الحكومة و المعارضة ينظم لقاء دوري كل ثلاثة أشهر)
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعددت مظاهر الإقصاء والتهميش، وتجسدت في رفض ولوج المؤسسة للمعلومات ومنع خبرائها من تقصي المعطيات الرسمية حول السياسات الحكومية رغم مراسلتنا وإلحاحنا في ذلك على الجهات المعنية، (المادة 11للتشكلات السياسية المعارضة الحق في الإعلام حول جميع القضايا المتعلقة بالحياة الوطنية و من اجل ذلك يحق لها تسهيل حرية النفاذ إلي الإعلام من طرف الوزارات و الإدارات العمومية في حدود النصوص المعمول بها ,,,)إضافة إلى تجاهل مطالب المؤسسة لاستكمال الترسانة القانونية من خلال إصدار المرسوم التطبيقي لقانون المؤسسة، و لم يكن النقص الممنهج لميزانية المؤسسة طيلة هذه السنوات إلا مظهرا من مظاهر الإقصاء وضربا من ضروب التقويض و الحصار، ينضاف إلى هذا عدم تمكين الزعيم من الحصول على امتيازاته البروتوكولية، وحرمان أعضاء مجلس الإشراف من امتيازاتهم المادية.
إن التصرف الارتجالي الذي يدير بيه النظام البلاد لم يقتصر فقط على تغييب و تحييد المعارضة بل نالت الأحزاب المكونة للأغلبية حظها من التهميش و عدم الاستشارة.
يعكس هذا السلوك الأحادي مع الشركاء السياسيين أننا بحق في ممارسة ديمقراطية صورية أو شكلية أنتجت أزمة مستفحلة يتطلب الخروج منها إجماعا وطنيا لمختلف القوى الوطنية السياسية والمدنية حول تجاوز كافة الإشكالات الجوهرية العالقة بشأن مختلف القضايا الكبرى للأمةـ، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي، أو على مستوى التعايش والوحدة الوطنية، وهو ما يفرض على النظام الاستماع بشكل أكثر جدية للمطالبات المتكررة بإعطاء ضمانات حقيقية تثبت جديته في هذا الحوار من حيث التحضير، و من حيث المجريات، ومن حيث ضمانات التنفيذ المجسدة للتفاهمات الناتجة عن هذا الحوار دون مراوغة أو تلكؤ.
وفي المقابل نعتبر أن سياسية الهروب الي الأمام التي ينتهجها النظام و تغييبه للكثير من القوي الوطنية السياسية و المدنية عن المشاركة في رسم معالم واضحة وجدية للفعل السياسي الوطني رهانات خاسرة لن تزيد الحالة السياسية إلا تأزما، ولن تزيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلا ترديا.