نفذت روسيا تهديدها واستخدمت - مع الصين - حق النقض "الفيتو" أمس للمرة السابعة في مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار أعدته فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة هذه المرة بغية فرض عقوبات بموجب المادة 41 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية، في سياق الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا منذ عام 2011.
ويعكس الفيتو المزدوج هذا صداماً ديبلوماسياً هو الأول من نوعه بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة والكرملين بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين متحالفاً مع الزعيم الصيني شي جينبينغ من جهة أخرى، على رغم اللغط الذي تشهده الولايات المتحدة منذ أشهر في شأن طبيعة العلاقة بين ترامب وبوتين. بل أن كثيرين ينظرون الى ما حصل باعتباره باكورة الإصطفافات والإستقطابات الجديدة على الساحة الدولية، من خلال مجلس الأمن، علماً أن نذر ذلك لاحت في المواقف التي أعلنتها المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي من احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا ومن الحرب السورية خلال جلسات لمجلس الأمن خلال الأسبوعين الماضيين. وعشية هذا التصويت كانت هايلي اجتمعت في واشنطن مع الرئيس ترامب ونائب الرئيس مايك بنس.
والى روسيا والصين، صوتت بوليفيا ضد مشروع القرار، وامتنعت كل من مصر وقازاقستان وأثيوبيا عن التصويت. أما الدول التسع التي صوتت لمصلحة المشروع فهي الى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، اليابان والسنغال وأوكرانيا والأوروغواي وايطاليا وأسوج.
وأعلن ديبلوماسيون غربيون أن هذا الفيتو يطرح تساؤلات حول موقف روسيا من حظر انتشار الأسلحة الكيميائية والمعاهدة الخاصة بها لعام 1925.
واستندت الديبلوماسية الفرنسية والبريطانية والأميركية في اعداد مشروع القرار قبل أشهر على التقارير الخمسة التي أعدتها آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة بعدما تثبتت من استخدام القوات الحكومية السورية لغاز الكلور ما لا يقل عن ثلاث مرات بين عامي 2014 و2015 واستخدام تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لغاز الخردل ما لا يقل عن واحدة خلال عام 2015.
وعقب التصويت، حملت المندوبة الأميركية بشدة على روسيا والصين، معتبرة أنهما يحميان فقط نظام الأسد. وقالت إنه "يوم حزين على مجلس الأمن حينما تبدأ دول أعضاء بإعطاء الأعذار لدول أخرى تقتل شعبها"، مضيفة أن "العالم بالتأكيد صار مكاناً أخطر" بعد تعطيل القرار.
وقال المندوب الفرنسي السفير فرنسوا دولاتر إن التصويت السلبي يوجه رسالة خاطئة من المجتمع الدولي.
وأفاد المندوب البريطاني السفير ماثيو رايكروفت قبل التصويت أن القرار يتعلق باتخاذ موقف حين يجري تسميم الأطفال. الأمر بهذ البساطة. الأمر يتعلق باتخاذ موقف حين يجري تعذيب المدنيين وقتلهم بأسلحة سامة".
وأعلن نائب المندوب الروسي الدائم فلاديمير سافرونكوف أن "المشكلة" هي أن رعاة القرار "اختاروا مفهوماً خاطئاً وبغيضاً"، مما دفع ستة أعضاء الى عدم تأييد المشروع. ورفض الإنتقادات التي وجهها المندوبون الغربيون لروسيا والصين، قائلاً لهم "أمركم لله". واعتبر أن "الصدام أو المواجهة اليوم ليست بنتيجة تصويتنا السلبي" بل لأن نظراءه الغربيين "قرروا الإستفزاز مع علمهم بموقفنا مسبقاً".
وأعلن المندوب الصيني السفير ليو جيي أن بلاده ترفض استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقال المندوب المصري عمر أبو العطا إن بلاده امتنعت عن التصويت لأن مشروع القرار "تجاهل الأدلة ووجه الاتهامات جزافاً في مسائل قد ترقى الى جرائم حرب".