صحفي موريتاني يروي قصته مع حواحز السفارة الفرنسية

"تحدَّى قوات الشرطة وأهانها، اعتدى عليكما، سبكما أليس كذلك؟!"، يخاطبهما وهو يحدث شخصا عبر الهاتف مقدما رواية مختلقة للتو يستنطق عنصري الشرطة المعنيين حتى يشهدا على أنها حصلت بالفعل.. يضيف ضابط آخر بزي مدني لحظتها، أذكره جيدا ضمن قوات مكافحة الشغب في الاحتجاجات: "نحن نشكو منه، فقد أفسد معداتنا وشتمنا"..

تدخلت قائلا: "لا تملوا على الشرطيَّين رواية غير دقيقة، رجاء استمعوا لروايتي وانقلوا لمسئوليكم المعلومة الصحيحة فذلك ما يلزمكم"!.. كنت أتحدث في فراغ فلا أحد يلتفت إلي سوى ضابط مداومة يذكرهم من حين لآخر: "اسحبوا هاتفه وقيدوه".

شعرت حينها داخل مباني مفوضية تفرغ زينه1 بشيء من الذل والامتهان.. إنه الشعور ذاته الذي انتابني قبل ساعة وجعلني أقرر النزول من سيارتي لإزاحة حواجز اعترضتني أمام مبنى السفارة الفرنسية ثم مواصلة السير بدل العودة أدراجي وسلوك طريق طويل يفرضه حائط السفارة التي يقارب محيطها 4 كلم.

رفعت صوتي بنبرة أعلى مخاطبا ضابط مكافحة الشغب: "حضرات، استصحب أنكم تجاهلتم روايتي وأبلغتم قادتكم رواية مشوهة لما حصل"، نظر إلي شزرا وهو يغادر مستعجلا قبل أن يعود مستفسرا إياي عن روايتي فأجبته نافيا أن أكون قد وجهت أي اعتداء أو إساءة من أي نوع لأفراد الشرطة المسئولين عن حاجز السفارة الفرنسية، بل لم يكن لدي علم بأن الشرطة والأمن الموريتاني هم من وضعوا هذه الحواجز التي كنت أظنها تابعة لأمن السفارة، وأضفت:

مساء الخميس الساعة 20:00 تقريبا، اعترضني حاجز أمام مبنى السفارة الفرنسية، كان الحاجز عبارة عن قضبان حديدية على شكل قطعتين إحداهما على الجانب الأيمن من الطريق والثانية على جانبه الأيسر، ولا يوجد بالقرب منه حراس من شرطة ولا غيرهم.. ولأنني أرى في هذه الحواجز استمرارا لمظاهر استعمار بلدي من قبل الفرنسيين قررت إزاحة الحاجز وتجاوزت، وحين اقتربت من ملتقى طريق الكنيسة والسفارة الليبية حيث نهاية حائط السفارة الفرنسية اعترضني حاجز آخر مماثل فأزحته. وقبل أن أغلق باب السيارة لأواصل سيري فوجئت بشخصين يركضان نحوي مسرعين، قلت في نفسي: إنه أمن السفارة؛ فانتظرتهما.. ودار بيننا الحديث التالي:
ـ لقد ارتبكت مخالفة كبرى! تعال إلى مفوضية الشرطة، كانا يصرخان متوعدين. 
ـ على أي أساس أتوجه معكما للمفوضية؟ 
ـ نحن شرطيان، ضمن مجموعة مسئولة عن هذا الحاجز وقد تجاوزتَه..
 ـ ما الذي يثبت أنكما شرطيان: لا زي الشرطة، لا شعار، ولا حتى أحذية عسكرية.. لأتأكد احتاج رؤية بطاقة أحدكما على الأقل، وإلا فعلي مواصلة طريقي!
 ـ لا يمكن، لا يمكن.. ستعود أدراجك حتما.

في الأثناء التحق بي ثالث كان يركض خلفهما وبزي شرطة مكتمل، فقبلت التوجه إلى مفوضية تفرغ زينه1 رفقة اثنين من بينهما صاحب الزي المكتمل، أما الثالث فكان في جدال مع صاحبة سيارة تبعتني حين أزحت الحاجز، أظن أنه سمح لها بالتجاوز بعد جدال.

لم يستقبلنا مسئولو المفوضية فقد أحالونا الثلاثة إلى الإدارة الجهوية للأمن قبالة إذاعة موريتانيا، وهناك بدأ التحقيق وتسجيل وقائع ما حدث.. طلب مني الشرطي المداوم التحدث أولا فرويت له ما حصل وختمت بالقول: "أرجو من الشرطيين تصحيح ما قلت إن كان فيه خطأ".. قدم أحدهما روايته..

"الروايتان متطابقتان، يوجد فرق بسيط في العبارات، لا اختلاف بينكم إذن"، يعلق الشرطي المداوم. ثم يتصل بمفوضه للاستفسار.. رنت هواتفه دون رد!

بعد انتظار حدود نصف ساعة تلقى الشرطي المداوم بالإدارة الجهوية للأمن اتصالا أخبرنا في ختامه بالإحالة إلى تفرغ زينه1، حيث وجدت في الانتظار مجموعة من عناصر شرطة مكافحة الشغب التي يتبع لها الشرطيان تشرف على تلفيق رواية مضمونها أن العنصران تلقيا مني اعتداء وإساءات لفظية وأنني تحديت الشرطة وأهنتها! وبموجب هذه الرواية تم تقديم شكوى ضدي وتم توقيفي وسحب هواتفي ووثائقي!

---------

يتواصل...

من صفحة الصحفي أبو بكر بن احمدو الإمام على الفيس بوك