حين يكثر اللغط وتنشب معارك الكلام، ينشط دعاة الفتنة، فيملؤون البر صياحا ويشغلون المنابر ويسيلون المداد. فيثيرون النعرات ويوقظون النائم من الفتن. وحين يجد الجد ويصل الأمر إلى اللحظة التي تستلزم القليل من الصدق والصبر، سرعان ما يتلاشى الكثير ممن كانوا في الصفوف المتقدمة ويختفون فلا تسمع لهم ركزا. وهذا ينطبق على النائب محمد غلام كاتب مقال "هل وصلت الرسالة"، الذي يصدق عليه القول المأثور "أسرعكم إلى الفتنة أقلكم حياء من الفرار".
تحدث الرجل في مقاله عن إنجازات جماعة الإخوان الخيرية الخالصة لوجه الله تعالى والبعيدة عن السياسة. وادعى أن قادة الإخوان منشغلون بالمشاريع النفعية والعمل الخيري، وأن ذالك أخرجهم من دائرة الإهتمام بالسياسة، وأن العمل السياسي بات ثانويا بالنسبة لهم. وفي هذا السياق حاول الإيحاء ولو بصورة غير مباشرة بأنه مهندس العمل الخيري في البلد، والحقيقة أن الرجل لم يلج مجال العمل الخيري أبدا. فقد شغلته السياسة عن ذكر الله وعن إطعام الجائع وتعليم الجاهل وعلاج المريض.
إن هذه الشبكة المتشعبة من المنظمات والهيئات الناشطة في مجال العمل الخيري والتي تعمل طلبا للمثوبة وسعيا لمرضاة الله تخصم من تمويل كل مشروع نسبة تصل بعض الأحيان 20 بالمائة، ومن كفالة كل يتيم نسبة 5 بالمائة، إضافة إلى ما خصم سلفا من طرف الهيئات الإخوانية الجالبة للتمويل (على سبيل المثال تخصم الندوة العالمية للشباب الإسلامي نسبة 18 بالمائة من كل تمويل قبل إرساله إلى الجهة المنفذة والتي ستخصم بدورها عشرين بالمائة). أضف إلى ذالك الأموال التي تذهب من الجمعية الإخوانية إلى مؤسسة المقاولات الإخوانية مرورا بصرافاتهم التي تتلاعب بالتحويلات إلى حد الإختلاس. وهكذا تظل أغلب هذه الأموال دولة بين الأغنياء من الإخوان والباقي يوجه لاستمالة واستعطاف الناخبين. ثم إن هذه الهيئات الخيرية تمارس أبشع أنواع الدعاية والترويج للمشروع السياسي للإخوان، ناهيك عن الفساد والغش والتدليس التي هي أمور باتت الطابع المميز للنشاط الإخواني، فتحول القائمون على منظماتهم الخيرية إلى أثرياء في فترة قصيرة جدا. فما ذا بقي خالصا لوجه الله؟.
لقد دخل الرجل قبة البرلمان على حساب المبادئ والأخلاق بطعنة في ظهر حلفائه، وبخطوة غادرة استطاع حزبه الإستحواذ على مقاعد المعارضة وعلى أصوات ناخبيها، ليقف مزهوا أمام النواب يروي بطولاته في السجن ويفتخر بقصص صموده، ويعترف بأن الإخوان هم من صنعوا الأزمة والإحتقان بأيديهم. والغريب أن الرجل لم يدخل السجن أبدا إلا مرة واحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث اعتقل تحت طائلة تهمة تتعلق بالإرهاب. أما في موريتانيا فيصنع الفتن ويغذيها ثم يفر خارج البلاد. فقد فر سنة 2003 إلى سوريا حيث استمتع بدفء الشام وهوائه الطلق. وفي رحلته البطولية مر بالقذافي رحمه الله رفقة مجموعة من الزعماء الهاربين بعد أن تركوا الوطن في أزمة واحتقان (قال الغلام إنهم صنعوها بأيديهم) تاركين علماءهم في السجن. وقد أكرم العقيد وفادتهم وردوا له الجميل على غير عادتهم فشدوا الرحال إلى مدينة تنبكتو بجمهورية مالي للصلاة خلق العقيد حيث عمل محمد غلام بظاهر الحديث (لَوْ يعْلمُ النَّاسُ مَا في النِّداءِ والصَّفِّ الأَولِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يسْتَهِموا علَيهِ لاسْتهموا علَيْهِ). ولما دخل الرجل في محنته تخلوا عنه وقاموا بتكفيره.
حاولوا العبث بأمن البلاد فأدخلوا السلاح من بوركينا فاسو أواخر 2004، وحين طالهم الإعتقال ركبوا كل سهل وحرون سعيا لإشعال الفتنة بين فيئات الشعب. وعرضوا الصور الخليعة المنافية للشرع التي تظهر بعض السجناء في حالة مزرية. وحاولوا توريط كافة الرموز السياسية والزعامات بالبلاغات الكاذبة حتى أوصلوهم إلى قفص الإتهام وجلسات المحاكمة. في هذا الجو المشحون فر الغلام إلى السنغال بجواز سفر مزور، وهناك تسكع طويلا دون أن يجد من يقبل استضافته، وبعد جهد مضني لجأ إخوان دولة قطر للدكتور عبد الرحمن بن أعمير مدير مؤسسة الكرامة الحقوقية وشرحوا له وضعه المزري فرحب به بدافع إنساني بحت وخصص له راتبا قدره خمسة عشر ألف (ريال قطري أو دولار أمريكي، الله أعلم) للدفاع عن المعتقلين في موريتانيا. ولما أطيح بنظام ولد الطائع يوم 03/08/2005 دخل على مستضيفه قائلا: إن الإخوان في موريتانيا قاموا بانقلاب ناجح! وبعد شهر تم إطلاق سراح جميع سجناء الإخوان وبقيت مجموعة من العلماء من خارج تيارهم. فاتصل بالحقوقي وأبلغه أن ملف المعتقلين الإسلاميين أغلق وأطلق سراحهم جميعا ولم يبق في السجن إلا عوام الناس. بعد ذالك بفترة غضب بن أعمير غضبا شديدا حين علم أن الباقين في السجن والذين وصفهم غلام بالعوام ليسوا سوى الشيوخ: محمد سيديا ولد أجدود (النووي)، ومحمد ولد أحمد (الشاعر)، ومحفوظ ولد إدومو.. وغيرهم من أهل العلم والفضل.
واليوم أين المفر يا محمد غلام؟ بعد أن أفتى أسيادك بهدر دم القذافي، وأضحت سوريا خرابا، وبلغ الغضب مبلغه من بن أعمير فرفض اسقبالك على هامش مؤتمر بتركيا. حتى عبد الله ولد محمد لوليد ـ الذي قلت ذات يوم إنك تتذكره كلما زاغت الأبصار ودب الخوف ـ قد انفصل عنكم بعد ما شاهد من فظاعات.
لم يتطرق النائب في مقاله المطول لثورة الرحيل، ولحماس الإخوان وبسالتهم، وكيف خالف فتوى علمائهم الذين حثوهم على استقبال الرصاص بالصدور العارية قائلين "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" فلم ينتظر الرصاص وفر عند أول قطرة من الماء البارد في عز الصيف.
لم يتطرق لحادثة الطلق الناري والأيمان المغلظة وترويع الآمنين بإطلاق الشائعات والأكاذيب.
أغفل عن قصد أحداثا استبشر بها الشعب الموريتاني، كهدم سفارة الكيان الصهيوني وطرد السفير في خطوة رحب بها مختلف الطيف السياسي، واستقبلها الإخوان استقبالا باهتا لأنهم كانوا ضمن الحكومة المطبعة، إضافة إلى استرزاقهم من الرباط الإخواني.
هتناسى محرقة الكتب وتبسيط الإخوان لها حد التبرير. ثم تجاهل ما يسميه الإخوان قضية تدنيس المصحف. وذالك لعلمه أن جماعته هي من افتعلها وتلاعب بمشاعر المسلمين وخطط لقيام ثورة ممتطيا موجة الدفاع عن القرآن، فاعتدى على الممتلكات العامة والخاصة وعاث في الأرض فسادا وأسال الدم الحرام.
استهزأ بالمسلمين وأحتقرهم عندما لم يتطرق إلى الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستنكرها لأن علماء الإخوان هم أول من دافع عن المسيء مشككين في ردته، بل تجاوزوا ذالك فحاولوا التأثير على الحراك العفوي وربطوه بجهات أمنية.
إن دفاع محمد غلام عن المقدسات وانتصاره لها يظل مبتورا وانتقائيا حيث يركب الموجة لخدمة مخططات جماعة الإخوان. والهدف ليس الدفاع عن المقدسات. ولو كان كذالك لكانت لهم ردة فعل عندما تم التطاول على ذات الإله العلية حيث لم يحركوا ساكنا.
لم ينتصر محمد غلام لله أو لرسوله صلى الله عليه وسلم. ولم يسلم أي عالم وقور ينأى بنفسه عن الفتن من لسانه. ثم أراد أن يظهر بمظهر المدافع عن الشيخ محمد الحسن ولد الددو بإثارة ما يسميه إخوان الفتن اعتداء. لكن يحق لنا التساؤل: من الذي يسعى حقيقة لهدم هيبة الشيخ؟
لم تدخر هذه الجماعة جهدا منذ انضمام الشيخ لها في محاولة السيطرة عليه والنيل من هيبته داخل أروقتها وكواليسها رغم إظهار التقديس له أمام العامة مستغلين علمه ومكانته. ومن ذالك إقحامهم له في لعبتهم السياسية الخاسرة حتى ولو لم يكن مقتنعا بها، والأمثلة على ذالك كثيرة. أضف إلى ذالك تبجحهم في أكثر من مناسبة قائلين: نحن من صنعنا ولد الددو بأيدينا من العدم. وقولهم إن محاضراته أصبحت غير مفيدة لأنها أضحت حديثا معادا. وقد قال لي النائب محمد محمود ولد سيِّدي ذات يوم: مشكلتك معنا أنك تعتقد أن الشيخ الددو أكبر من جماعة الإخوان والواقع أنه فرد عادي من أفراد الحركة.
هدموا هيبة الشيخ عندما استغلوا معاناته في السجن أبشع استغلال. بل وصل بهم الأمر ذات يوم إلى نشر ملفه الصحي في وسائل الإعلام بطريقة لم يراعوا فيها حرمته كشخص. حتى أنهم نشروا تفاصيل لا يليق نشرها من وصف لأجهزته الداخلية، وطريقة ونوعية الهضم.
هدموا هيبته عندما استغلوه في أمور يرى هو نفسه حرمتها بعرضهم صورة مكبرة له على شاشات منصوبة في الشوارع والأسواق بين كل زافن وزامر. يمزجون حكمه وأحكامه بأصناف المجون (أروع ما قيل في التبراع، حكم وأحكام مع الددو بأرخص تسعيرة، اشترك في خدمة غرائب النساء، تعرفي على أفضل النصائح والأقنعة للحفاظ على جمالك، اختيار النغمة، إستمع لخدمة اتحاجي...)
وقد أفتى الشيخ الددو بعدم جواز عرض الصور المكبرة فقال بالحرف الواحد:
وبالنسبة للصورة المكبرة ينبغي أن لا تكون تلك الصورة معظمة بادية كصور الزعماء، مثلا إذا كانت صورة لحيوان أو لشخص غير معروف فليس في هذا حرج، لكن إذا كانت صورة مكبرة لزعيم من الزعماء فهذا لا يجوز لأن فيه ذريعة لتعظيم غير الله تعالى مثل ما يفعله النصارى في كنائسهم، لكن الصور الصغيرة مثل صورة غزال أو نحو ذلك من الحيوانات التي قد تكون في بعض الثياب لا حرج في لبس الثوب بها مع أنه غير محمود. انتهى منه بلفظه.
إن محمد غلام ولد الحاج الشيخ مهما حاول الظهور بمظهر المدافع عن العلماء فلن ينطلي ذالك على أحد، فقلم الرجل ولسانه درجا على شتم وسب العلماء والصالحين المسالمين وعلى التشهير بهم. فمن وصفهم بعمائم السوء إلى نعتهم بالمحمرة أشداقهم من موائد السلطان.
لكنني في الختام أود أن أسأل النائب:
هل بلغ من تسميهم علماء السلطان معشار ما بلغتم من ترف وبذخ؟
ثم من أي مرق تحمر أشداقك وأشداق رهطك؟
إن الركون إلى حطام الدنيا والإسترخاء على مقاعد الدرجة الأولى والإستمتاع بالسيارات الفارهة والقصور الفخمة لم يعد فيما يبدو حكرا على السلطان وبلاطه. أم أن أكل مال اليتيم، والإلتفاف على تمويل المساجد أطهر وأطيب من موائد السلطان؟.
عبد الله ولد محمد لوليد
حين يكثر اللغط وتنشب معارك الكلام، ينشط دعاة الفتنة، فيملؤون البر صياحا ويشغلون المنابر ويسيلون المداد. فيثيرون النعرات ويوقظون النائم من الفتن. وحين يجد الجد ويصل الأمر إلى اللحظة التي تستلزم القليل من الصدق والصبر، سرعان ما يتلاشى الكثير ممن كانوا في الصفوف المتقدمة ويختفون فلا تسمع لهم ركزا. وهذا ينطبق على النائب محمد غلام كاتب مقال "هل وصلت الرسالة"، الذي يصدق عليه القول المأثور "أسرعكم إلى الفتنة أقلكم حياء من الفرار".
تحدث الرجل في مقاله عن إنجازات جماعة الإخوان الخيرية الخالصة لوجه الله تعالى والبعيدة عن السياسة. وادعى أن قادة الإخوان منشغلون بالمشاريع النفعية والعمل الخيري، وأن ذالك أخرجهم من دائرة الإهتمام بالسياسة، وأن العمل السياسي بات ثانويا بالنسبة لهم. وفي هذا السياق حاول الإيحاء ولو بصورة غير مباشرة بأنه مهندس العمل الخيري في البلد، والحقيقة أن الرجل لم يلج مجال العمل الخيري أبدا. فقد شغلته السياسة عن ذكر الله وعن إطعام الجائع وتعليم الجاهل وعلاج المريض.
إن هذه الشبكة المتشعبة من المنظمات والهيئات الناشطة في مجال العمل الخيري والتي تعمل طلبا للمثوبة وسعيا لمرضاة الله تخصم من تمويل كل مشروع نسبة تصل بعض الأحيان 20 بالمائة، ومن كفالة كل يتيم نسبة 5 بالمائة، إضافة إلى ما خصم سلفا من طرف الهيئات الإخوانية الجالبة للتمويل (على سبيل المثال تخصم الندوة العالمية للشباب الإسلامي نسبة 18 بالمائة من كل تمويل قبل إرساله إلى الجهة المنفذة والتي ستخصم بدورها عشرين بالمائة). أضف إلى ذالك الأموال التي تذهب من الجمعية الإخوانية إلى مؤسسة المقاولات الإخوانية مرورا بصرافاتهم التي تتلاعب بالتحويلات إلى حد الإختلاس. وهكذا تظل أغلب هذه الأموال دولة بين الأغنياء من الإخوان والباقي يوجه لاستمالة واستعطاف الناخبين. ثم إن هذه الهيئات الخيرية تمارس أبشع أنواع الدعاية والترويج للمشروع السياسي للإخوان، ناهيك عن الفساد والغش والتدليس التي هي أمور باتت الطابع المميز للنشاط الإخواني، فتحول القائمون على منظماتهم الخيرية إلى أثرياء في فترة قصيرة جدا. فما ذا بقي خالصا لوجه الله؟.
لقد دخل الرجل قبة البرلمان على حساب المبادئ والأخلاق بطعنة في ظهر حلفائه، وبخطوة غادرة استطاع حزبه الإستحواذ على مقاعد المعارضة وعلى أصوات ناخبيها، ليقف مزهوا أمام النواب يروي بطولاته في السجن ويفتخر بقصص صموده، ويعترف بأن الإخوان هم من صنعوا الأزمة والإحتقان بأيديهم. والغريب أن الرجل لم يدخل السجن أبدا إلا مرة واحدة في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث اعتقل تحت طائلة تهمة تتعلق بالإرهاب. أما في موريتانيا فيصنع الفتن ويغذيها ثم يفر خارج البلاد. فقد فر سنة 2003 إلى سوريا حيث استمتع بدفء الشام وهوائه الطلق. وفي رحلته البطولية مر بالقذافي رحمه الله رفقة مجموعة من الزعماء الهاربين بعد أن تركوا الوطن في أزمة واحتقان (قال الغلام إنهم صنعوها بأيديهم) تاركين علماءهم في السجن. وقد أكرم العقيد وفادتهم وردوا له الجميل على غير عادتهم فشدوا الرحال إلى مدينة تنبكتو بجمهورية مالي للصلاة خلق العقيد حيث عمل محمد غلام بظاهر الحديث (لَوْ يعْلمُ النَّاسُ مَا في النِّداءِ والصَّفِّ الأَولِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يسْتَهِموا علَيهِ لاسْتهموا علَيْهِ). ولما دخل الرجل في محنته تخلوا عنه وقاموا بتكفيره.
حاولوا العبث بأمن البلاد فأدخلوا السلاح من بوركينا فاسو أواخر 2004، وحين طالهم الإعتقال ركبوا كل سهل وحرون سعيا لإشعال الفتنة بين فيئات الشعب. وعرضوا الصور الخليعة المنافية للشرع التي تظهر بعض السجناء في حالة مزرية. وحاولوا توريط كافة الرموز السياسية والزعامات بالبلاغات الكاذبة حتى أوصلوهم إلى قفص الإتهام وجلسات المحاكمة. في هذا الجو المشحون فر الغلام إلى السنغال بجواز سفر مزور، وهناك تسكع طويلا دون أن يجد من يقبل استضافته، وبعد جهد مضني لجأ إخوان دولة قطر للدكتور عبد الرحمن بن أعمير مدير مؤسسة الكرامة الحقوقية وشرحوا له وضعه المزري فرحب به بدافع إنساني بحت وخصص له راتبا قدره خمسة عشر ألف (ريال قطري أو دولار أمريكي، الله أعلم) للدفاع عن المعتقلين في موريتانيا. ولما أطيح بنظام ولد الطائع يوم 03/08/2005 دخل على مستضيفه قائلا: إن الإخوان في موريتانيا قاموا بانقلاب ناجح! وبعد شهر تم إطلاق سراح جميع سجناء الإخوان وبقيت مجموعة من العلماء من خارج تيارهم. فاتصل بالحقوقي وأبلغه أن ملف المعتقلين الإسلاميين أغلق وأطلق سراحهم جميعا ولم يبق في السجن إلا عوام الناس. بعد ذالك بفترة غضب بن أعمير غضبا شديدا حين علم أن الباقين في السجن والذين وصفهم غلام بالعوام ليسوا سوى الشيوخ: محمد سيديا ولد أجدود (النووي)، ومحمد ولد أحمد (الشاعر)، ومحفوظ ولد إدومو.. وغيرهم من أهل العلم والفضل.
واليوم أين المفر يا محمد غلام؟ بعد أن أفتى أسيادك بهدر دم القذافي، وأضحت سوريا خرابا، وبلغ الغضب مبلغه من بن أعمير فرفض اسقبالك على هامش مؤتمر بتركيا. حتى عبد الله ولد محمد لوليد ـ الذي قلت ذات يوم إنك تتذكره كلما زاغت الأبصار ودب الخوف ـ قد انفصل عنكم بعد ما شاهد من فظاعات.
لم يتطرق النائب في مقاله المطول لثورة الرحيل، ولحماس الإخوان وبسالتهم، وكيف خالف فتوى علمائهم الذين حثوهم على استقبال الرصاص بالصدور العارية قائلين "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى" فلم ينتظر الرصاص وفر عند أول قطرة من الماء البارد في عز الصيف.
لم يتطرق لحادثة الطلق الناري والأيمان المغلظة وترويع الآمنين بإطلاق الشائعات والأكاذيب.
أغفل عن قصد أحداثا استبشر بها الشعب الموريتاني، كهدم سفارة الكيان الصهيوني وطرد السفير في خطوة رحب بها مختلف الطيف السياسي، واستقبلها الإخوان استقبالا باهتا لأنهم كانوا ضمن الحكومة المطبعة، إضافة إلى استرزاقهم من الرباط الإخواني.
هتناسى محرقة الكتب وتبسيط الإخوان لها حد التبرير. ثم تجاهل ما يسميه الإخوان قضية تدنيس المصحف. وذالك لعلمه أن جماعته هي من افتعلها وتلاعب بمشاعر المسلمين وخطط لقيام ثورة ممتطيا موجة الدفاع عن القرآن، فاعتدى على الممتلكات العامة والخاصة وعاث في الأرض فسادا وأسال الدم الحرام.
استهزأ بالمسلمين وأحتقرهم عندما لم يتطرق إلى الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستنكرها لأن علماء الإخوان هم أول من دافع عن المسيء مشككين في ردته، بل تجاوزوا ذالك فحاولوا التأثير على الحراك العفوي وربطوه بجهات أمنية.
إن دفاع محمد غلام عن المقدسات وانتصاره لها يظل مبتورا وانتقائيا حيث يركب الموجة لخدمة مخططات جماعة الإخوان. والهدف ليس الدفاع عن المقدسات. ولو كان كذالك لكانت لهم ردة فعل عندما تم التطاول على ذات الإله العلية حيث لم يحركوا ساكنا.
لم ينتصر محمد غلام لله أو لرسوله صلى الله عليه وسلم. ولم يسلم أي عالم وقور ينأى بنفسه عن الفتن من لسانه. ثم أراد أن يظهر بمظهر المدافع عن الشيخ محمد الحسن ولد الددو بإثارة ما يسميه إخوان الفتن اعتداء. لكن يحق لنا التساؤل: من الذي يسعى حقيقة لهدم هيبة الشيخ؟
لم تدخر هذه الجماعة جهدا منذ انضمام الشيخ لها في محاولة السيطرة عليه والنيل من هيبته داخل أروقتها وكواليسها رغم إظهار التقديس له أمام العامة مستغلين علمه ومكانته. ومن ذالك إقحامهم له في لعبتهم السياسية الخاسرة حتى ولو لم يكن مقتنعا بها، والأمثلة على ذالك كثيرة. أضف إلى ذالك تبجحهم في أكثر من مناسبة قائلين: نحن من صنعنا ولد الددو بأيدينا من العدم. وقولهم إن محاضراته أصبحت غير مفيدة لأنها أضحت حديثا معادا. وقد قال لي النائب محمد محمود ولد سيِّدي ذات يوم: مشكلتك معنا أنك تعتقد أن الشيخ الددو أكبر من جماعة الإخوان والواقع أنه فرد عادي من أفراد الحركة.
هدموا هيبة الشيخ عندما استغلوا معاناته في السجن أبشع استغلال. بل وصل بهم الأمر ذات يوم إلى نشر ملفه الصحي في وسائل الإعلام بطريقة لم يراعوا فيها حرمته كشخص. حتى أنهم نشروا تفاصيل لا يليق نشرها من وصف لأجهزته الداخلية، وطريقة ونوعية الهضم.
هدموا هيبته عندما استغلوه في أمور يرى هو نفسه حرمتها بعرضهم صورة مكبرة له على شاشات منصوبة في الشوارع والأسواق بين كل زافن وزامر. يمزجون حكمه وأحكامه بأصناف المجون (أروع ما قيل في التبراع، حكم وأحكام مع الددو بأرخص تسعيرة، اشترك في خدمة غرائب النساء، تعرفي على أفضل النصائح والأقنعة للحفاظ على جمالك، اختيار النغمة، إستمع لخدمة اتحاجي...)
وقد أفتى الشيخ الددو بعدم جواز عرض الصور المكبرة فقال بالحرف الواحد:
وبالنسبة للصورة المكبرة ينبغي أن لا تكون تلك الصورة معظمة بادية كصور الزعماء، مثلا إذا كانت صورة لحيوان أو لشخص غير معروف فليس في هذا حرج، لكن إذا كانت صورة مكبرة لزعيم من الزعماء فهذا لا يجوز لأن فيه ذريعة لتعظيم غير الله تعالى مثل ما يفعله النصارى في كنائسهم، لكن الصور الصغيرة مثل صورة غزال أو نحو ذلك من الحيوانات التي قد تكون في بعض الثياب لا حرج في لبس الثوب بها مع أنه غير محمود. انتهى منه بلفظه.
إن محمد غلام ولد الحاج الشيخ مهما حاول الظهور بمظهر المدافع عن العلماء فلن ينطلي ذالك على أحد، فقلم الرجل ولسانه درجا على شتم وسب العلماء والصالحين المسالمين وعلى التشهير بهم. فمن وصفهم بعمائم السوء إلى نعتهم بالمحمرة أشداقهم من موائد السلطان.
لكنني في الختام أود أن أسأل النائب:
هل بلغ من تسميهم علماء السلطان معشار ما بلغتم من ترف وبذخ؟
ثم من أي مرق تحمر أشداقك وأشداق رهطك؟
إن الركون إلى حطام الدنيا والإسترخاء على مقاعد الدرجة الأولى والإستمتاع بالسيارات الفارهة والقصور الفخمة لم يعد فيما يبدو حكرا على السلطان وبلاطه. أم أن أكل مال اليتيم، والإلتفاف على تمويل المساجد أطهر وأطيب من موائد السلطان؟.
عبد الله ولد محمد لوليد
عن الوسط