فى مقابلة خاصة أجرتها جريدة القلم مع الدكتور محمد محمود ولد اماه، الأمين العام للاتحاد الشعبي الاجتماعي الديمقراطي تحدث فيها عن الحملة الانتخابية وطريقة انتخاب العمدة و مقاطعة احزاب المنسقية للانتخابات ومبادرتى مسعود و كان حاميدو بابا وغيرها.
أكجوجت أنفو تنقل لكم المقابلة كما هي .
نص المقابلة :
القلم: لقد انطلقت الحملة الانتخابية منذ أكثر من أسبوع. إن الفرقاء معروفون، شأنهم شأن أولئك الذين قاطعوا الانتخابات. فهل لديكم الآن فكرة عن اللون السياسي لبرلماننا المقبل ولبلدياتنا المقبلة؟
الدكتور محمد محمود ولد اماه: من الأسهل تحليل نتائج معروفة بالفعل بدل تلك التي لم تعرف بعدُ.
يتعين أولا التذكير بقواعد اللعبة، حيث تخضع الانتخابات البلدية لمبدأ التمثيل النسبي ولا ينتخب العمدة من قبل المجلس البلدي، بل هو رأس اللائحة التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات. كما ينتخب نواب عدد قليل من الدوائر التشريعية على أساس التمثيل النسبي. وتجدر الإشارة إلى أن عدد اللوائح المشاركة مرتفع جدا: 42 لائحة في دائرة نواكشوط التشريعية وحدها.
وحتى الآن، كانت الحكومة ممثلة من قبل الحزب الحاكم، الاتحاد من أجل الجمهورية وأحزاب الأغلبية الرئاسية. ويتمثل الشيء الجديد في هذه الانتخابات في عدد من الأحزاب السياسية، التي أنشئت مؤخرا لدعم الرئيس وبرنامجه، كما تقول. دعونا نطلق عليها اسم "أحزاب الرئيس".
قد لا تكون هذه الاستراتيجية لتشتيت الأصوات في التمثيل النسبي مفيدة على مستوى رؤوس اللوائح، العمد، وخاصة في المدن الكبيرة حيث التصويت القبلي ضعيف نسبيا.
وعلى العكس من ذلك، تمكّن هذه الاستراتيجية من الحصول على عدد كبير من المستشارين، وربما تكون مفيدة لانتخاب رئيس مجموعة نواكشوط الحضرية والذي ينتخب من قبل هيئة انتخابية تتكون من 41 من مستشاري مقاطعات نواكشوط التسع، حسب عدد سكان كل مقاطعة.
وفي بقية البلاد، حيث يسود التصويت القبلي، فإن الاتحاد من أجل الجمهورية و’’أحزاب الرئيس’’ وأحزاب الأغلبية الرئاسية قد يفوزون بمعظم البلديات والدوائر التشريعية.
القلم: لماذا، في بلادنا، على عكس ما يحدث في العالم، لا ينتخب العمدة من قبل المجلس البلدي؟
الدكتور محمد محمود ولد اماه: باستثناء بعض المدن الكبرى مثل نيويورك على سبيل المثال، حيث يتم انتخاب العمدة بالاقتراع العام، في باقي العالم ينتخب العمدة عن طريق الاقتراع السري من قبل المستشارين البلديين. ويعني الاقتراع السري أننا لا نملك الحق في معرفة لمن صوت المستشار البلدي. ويعني ذلك أنه يستطيع أن يصوت لأي مرشح. وهنا في عام 1986، كان العمد ينتخبون بطريقة ديمقراطية عن طريق الاقتراع السري من قبل المستشارين البلديين. وفي نواكشوط دائما، عام 19866، حصلت اللائحتان، اللائحة الزرقاء واللائحة البيضاء، على التوالي في الشوط الثاني، على 18 من المستشارين وثلث مستشار و17 من المستشارين وثلثي مستشار (بقسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة على الضارب الانتخابي). وطبقا للنصوص، تأخذ اللائحة الأولى المستشار المتنازع عليه، وهو المستشار التاسع عشر من أعضاء المجلس الستة والثلاثين. وفي نهاية المطاف، تكونت الهيئة الانتخابية من 19 مستشارا عن اللائحة الزرقاء و17 مستشارا عن اللائحة البيضاء (التي تشرفت بأنني كنت مرشحها). كان المرشحون ثلاثة، اثنان من اللائحة الزرقاء وواحد من اللائحة البيضاء. وكانت نتائج الشوط الأول: 19 لمرشح اللائحة البيضاء و13 لأحد مرشحي اللائحة الزرقاء، و3 لثاني مرشحي اللائحة الزرقاء وامتنع واحد عن التصويت.
وبما أن اللائحة الزرقاء لائحة السلطة، فلم تتأخر هذه الأخير في تعديل النصوص: من الآن فصاعدا يجب أن ينتمي العمدة لزوما إلى اللائحة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات. وسرعان ما وجدت اللوائح التي جاءت في الرتبة الثانية، والتي لا يحق لها تقديم مرشحين لمنصب العمدة، الجواب والحيلة لتجاوز هذا القيد، حيث تنتخب في منصب العمدة (عندما تكون النتائج متقاربة) مستشارا من أسفل اللائحة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات، وهكذا فقدت الحكومة الكثير من البلديات. تم تعديل النصوص من جديد: العمدة هو الأول في اللائحة التي فازت بالمركز الأول. لذلك، فإن العمدة عندنا غير منتخب من قبل المستشارين، وبالتالي فهو غير مسؤول أمام المجلس البلدي.
القلم: كيف تنظرون إلى عواقب مقاطعة أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية على نتائج انتخابات 23 نوفمبر؟
الدكتور محمد محمود ولد اماه: أنتهز، مرة أخرى، أعمدة جريدتكم لأقول إنه في بلادنا، ليس هناك حتى الآن ثقافة ديمقراطية والمسؤوليات جماعية وليست فردية: يصوت مواطنونا، إلى حد كبير، على أساس انتمائهم القبلي والعرقي وبأمر من شيخ الطريقة الدينية التي ينتمون إليها. إن الولاء للقبيلة أو العرق يسبق الانتساب إلى الحزب السياسي. وبالنسبة لكثير من الموريتانيين، لا تمثل المشاركة في الانتخابات تلبية هدف أيديولوجي أو اقتصادي أكثر مما تشكل فرصة لتصفية الحساب مع أحد الخصوم في إطار صراع بين القبائل أو داخل القبيلة نفسها أو العرق. وسوف يخوض مناضلو الأحزاب السياسية المقاطعة الحملة مع الأحزاب المشاركة التي يجدون فيها فرصة لتصفية الحساب المذكور. ويكمن الخطر في أن عددا كبيرا من هؤلاء المناضلين قد لا يعودون إلى أحزابهم الأصلية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن سكان البلديات، التي كانت تديرها الأحزاب المقاطعة، وخاصة تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، والتي تديرها بانتظام قبائل أو أعراق تمتلك الأغلبية العرقية في أعقاب تناقض بين أو داخل القبائل أو الأعراق، ولكيلا يسمحوا لخصومهم (عادة من ’’القبائل الصغيرة’’ أو "طائفة من قبيلة أو من عرق’’) باستعادة هذه البلديات، يقدم سكان هذه البلديات لوائح بألوان أحزاب الائتلاف من أجل التناوب السلمي أو حزب تواصل، لأن التصويت المستقل قد تم إلغاؤه بعد الحوار مع أحزاب الائتلاف من أجل التناوب السلمي (الوئام، التحالف الشعبي التقدمي، الصواب).
كما تجدر الإشارة إلى أن بعض الوجهاء وبعض قادة الطرق الدينية، المستائين من الحزب الحاكم (لأن مرشحيهم لم يتم اختيارهم)، يقدمون كذلك لوائح بألوان هذه الأحزاب المذكورة، والتي هي المستفيد في آخر المطاف من مقاطعة أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية ومن استياء بعض الوجهاء.
القلم: قرر الاتحاد الأوروبي عدم تمويل هذه الانتخابات وعدم إرسال مراقبين لها. أي أفكار تستوحونها من هذا الموقف للاتحاد الأوروبي؟
الدكتور محمد محمود ولد اماه: أعتقد أن الاتحاد الأوروبي قد تدخل متأخرا، وزيادة على ذلك بالتزامن مع تغير موقف اتحاد قوى التقدم من المشاركة، كما لو كان الاتحاد الأوروبي مرتاحا لمقاطعة منسقية المعارضة الديمقراطية، وبخاصة تكتل القوى الديمقراطية. ومن المعروف، أن مقاطعة منسقية المعارضة الديمقراطية ليست مفاجأة. حيث ظلت دائما تعلن أنها لن تشارك في انتخابات غير توافقية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الانتخابات في بلادنا لا ينبغي أن تكون مشروطة بقبول أو رفض الاتحاد الأوروبي، ولا جدوى من تنظيم انتخابات إذا لم نتمكن من الاستغناء عن تمويل ومراقبي الاتحاد الأوروبي.
القلم: هل تعتقد أن مبادرتي مسعود وكان حاميدو بابا لا تزال لديهما فرصة لتأجيل الانتخابات؟
الدكتور محمد محمود ولد اماه: فيما يتعلق بمبادرة رئيس الجمعية الوطنية، والتي تطالب على وجه الخصوص بحكومة ولجنة وطنية مستقلة للانتخابات مجمع عليهما، فتوجد على الساحة السياسية الوطنية منذ أكثر من سنة. وإذا كان الرئيس ولد عبد العزيز لم يقبلها حتى الآن، فإنها بالتأكيد لن تقبل في معمعان الحملة الانتخابية. أما مبادرة السيد كان حاميدو بابا، فلم تأت بعد افتتاح الحملة الانتخابية فحسب، ولكنها غير مقبولة لسبب آخر: يفتخر السيد كان حاميدو بابا بأن "اقتراحه قد تم التصديق عليه من قبل سفير فرنسا"، كما لو كانت المبادرات السياسة، في بلادنا، يجب التصديق عليها من قبل سفير فرنسا. ولا شك أن الموريتانيين المتشبثين بالسيادة يرون أن نهج السيد كان حاميدو بابا، النائب البرلماني، بل ونائب رئيس الجمعية الوطنية، مزعج لأكثر من سبب، إن لم ينبع من مستوى عال من السذاجة السياسية. أما سفير فرنسا، فقد ارتكب جنحة التدخل عندما أكد عن طريق الصحافة موافقته على اقتراح تأجيل انتخابات وطنية مقررة من قبل بلاد ذات سيادة، كما لو كان هذا التأييد من شأنه وقف الحملة الانتخابية وتأجيل الانتخابات.
صحيح أننا نخضع لعولمة يتمثل واحد من أهدافها في تقويض سيادة الدول إلى ’’دولة أقل’’، ولكن من ما سبق، فإننا لا نواجه الآن ’’دولة أقل’’ بل ’’اللادولة تماما".