يعكف أعضاء مجلس الشيوخ الموريتانى خلال الأيام الثلاثة القادمة على نقاش مشروع التعديلات الدستورية التى أقرتها الجمعية الوطنية، والقاضية بإلغاء المجلس ذاته، بعد فترة انتداب كسرت قواعد العملية السياسية المعمول بها منذ استقلال موريتانيا عن فرنسا 1960.
التعديل الذى يعتبر بمثابة "الموت الرحم" للغرفة الأولى بالبرلمان أتخذ قراره وأعلن فى الثالث من مايو 2016 من عاصمة الحوض الشرقى، وسط حالة من الصدمة بين أعضاء مجلس الشيوخ، والفرح داخل الدوائر الرسمية والحزبية التى ساندت قرار الرئيس الموريتانى ، ووصفته بالحكيم والمقبول من الناحية القانونية والأخلاقية، بل إن البعض أعتبر الإعلان فرصة للهجوم على الغرفة والمنتدبين لها من قبل الشعب، ووصفها بأبشع النعوت، مما كاد يعصف بتماسك الأغلبية الداعمة للرئيس.
ينظر الرئيس ومحطيه السياسى الضيق بقدر من الحذر لما ستؤول إليه نتائج التصويت فى الغرفة، وتترقب المعارضة بشغف إفشال الشيوخ لمشروع التعديلات الدستورية، بعد تمريرها فى الجمعية الوطنية بأغلبية ساحقة من أصوات النواب المقترعين، بعد أيام من النقاش المثير.
يدرك الشيوخ أن المغامرة برفض المشروع قد تكون تداعياتها السياسية بالغة التأثير عليهم، لكن من الناحية الأخلاقية يجدون حرجا بالغة الصعوبة فى آلية التعامل مع مشروع يشكل النهاية السياسية لجل المنتدبين فى الغرفة فى الوقت الراهن، كما أن فى الغرفة بعض المتحمسين لكتابة التاريخ ، ورفض مشروع القانون من أجل وضع حد للصورة النمطية التى رسمها الإعلام والساسة للشيوخ خلال السنوات الأخيرة.
خارج الغرفة ينتاب الشارع المعارض قدر من الخوف والرجاء، فالتمرد الذى قاده الشيوخ خلال الأشهر الماضية، ترك بصيص أمل يتعلق به الرافضون لإلغاء العلم والمجلس ومحكمة العدل السامية، لكن عودة المجلس لجلساته الطبيعية، واجتماع أغلب الفاعلين فيه مع الرئيس يشكل رسالة سلبية للمراهنين عليهم، مالم تحدث معجزة تعيد خلبطة الأوراق السياسية بموريتانيا، وتدفع الرئيس للتفكير بحلول أخرى، قد تعصف بالمجلس والغرفة التى أقرت إلغائها والحكومة المتحمسة للتخلص منه على حد سواء.
وفى انتظار اللجوء للتصويت يظل الرئيس ممسكا بمشرطه متحمسا لوضع حد للمجلس الذى دخل مرحلة الموت السريرى قبل فترة، لكنه يرفض الخروج منها أو العودة للحياة ، بفعل غياب آليات قانونية واضحة لتجديده، وإقرار المجلس الدستورى بانقضاء شرعيته بالكامل، رغم محاولات الترقيع التى نظرت لها السلطة ومررها البرلمان بغرفتيه قبل سنتين.