موريتانيا تحصل على قرض لتغطية حصتها في بناء جسر على نهر السنغال

أخيراً زالت العراقيل التي اعترضت لفترة طويلة، تمويل الجسر الذي سيربط مدينتي روصو السنغالية والموريتانية المطلتين على نهر السنغال الفاصل الطبيعي بين حدود البلدين.

فقد وقعت موريتانيا للتو مع البنك الافريقي للتنمية اتفاقية قرض لتغطية حصتها في تمويل بناء مشروع جسر روصو، بقيمة 12 مليار أوقية موريتانية (حوالي 33 مليون دولار أمريكي) من أصل 35 مليار أوقية هي التكلفة الاجمالية لهذه المنشأة الاستراتيجية المشتركة.
وأكد مختار ولد اجاي وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني خلال حفل التوقيع على الاتفاقية «أن بناء جسر روصو ظل حلماً يراود ساكنة المنطقة طيلة عقود عدة وتمت تعبئة موارده بتمويل مشترك بين الصندوق الأفريقي للتنمية والبنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، بالإضافة طبعا إلى مساهمات البلدين المعنيين مباشرة بالمشروع وهما السنغال وموريتانيا».
وأشار إلى أن «إقامة هذا الجسر ضرورة تنموية ملحة بعد أن أظهرت الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية كافة، جدوائيته الكبيرة وذلك لمواكبة النمو الذي تشهده منطقة المشروع أولاً، ولدفع التطور السريع للحركة التجارية بين موريتانيا والسنغال من جهة وتسريع أنشطة التبادل بين دول منطقتي شمال وغرب إفريقيا من جهة أخرى».
وأكد الوزير الموريتاني «أن هذا الجسر سينشط ويسهل خدمة عبور النهر على مدى 24 ساعة، وهو ما سيحسن خدمات مرور الأشخاص والبضائع وسيمكن من خفض ملموس لكلفة العبور ويحسن من انسيابيته».
وأضاف «أنه سيكون لإنجاز هذه المنشأة الحيوية انعكاسات مباشرة كبيرة على تنمية مدينة روصو إذ أن جزءاً من التمويل المرصود سيستخدم في تحيين المخطط العمراني للمدينة وتطوير البنى التحتية الحضرية والتجارية كالأسواق والمحطات وشبكة الطرق، إضافة إلى تأهيل العديد من المنشآت الصحية والتعليمية وتوسيع شبكات الماء الشروب والصرف الصحي وصولا إلى معالجة النفايات المنزلية وتأهيل معهد التكوين الفني الموجود بالمدينة».
وأوضح الوزير ولد أجاي «أن موريتانيا والبنك الإفريقي يرتبطان بمحفظة تعاون تضم خمسة عشر مشروعاً قيد التنفيذ تشمل قطاعات متنوعة كالمعادن والزراعة والحكامة والمياه والصرف الصحي والتنمية الاجتماعية». وفي كلمة أخرى أوضح محمد العزيزي مدير عام مندوبية إفريقيا الشمالية في البنك الإفريقي للتنمية «أن توقيع هذه الاتفاقية يعبر عن سعي البنك الافريقي للتنمية لتجسيد لا مركزية تدخلاته وللاقتراب من الزبائن حيث أن هذه هي أول مرة يوقع فيها البنك اتفاقية تمويل على أرض موريتانيا».
وأشار «إلى أن هذا الاتفاق يجسد التزام موريتانيا بإنجاز مشروع جسر نهر السنغال وهو مشروع هام في تحقيق الاندماج الإقليمي وشبه الإقليمي في افريقيا»، مبرزا «أن البنك الإفريقي دعم كل مراحل التحضير لمشروع بناء جسر روصو».
واستعرض مسؤول البنك الافريقي الانعكاسات الايجابية لهذا المشروع، مبرزًا «أن في مقدمتها المساهمة في حرية تنقل المسافرين والبضائع بين ضفتي نهر السنغال وتنمية أنشطة النقل على طول محور طنجة لاغوس، ومحور الجزائر، داكار كما ينتظر أن يساهم المشروع في خفض تكلفة النقل». وقال «إن آلية تمويل مشروع بناء الجسر آلية متعددة المصادر من خلال مشاركة البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي والدولتين المعنيتين وهما موريتانيا والسنغال». وبدأ التفكير في إقامة جسر على نهر السنغال مطلع ستينيات القرن الماضي بعد حصول موريتانيا والسنغال على استقلالهما، وانطلق التحضير الفني له عام 2006 دون أن يبدأ إنجاز المشروع بشكل فعلي. ويولي المغرب اهتماماً كبيراً بإقامة هذا الجسر ضمن سعيه لإكمال طريق طنجة/نواكشوط/داكار الذي يعتبر منفذاً تجارياً حيوياً بالنسبة للرباط. ويمتد الجسر على طول 900 متر فوق نهر السنغال مقابل نقطة روصو الحدودية التي تبعد عن داكار بمسافة 370 ميلا نحو الشمال وعن نواكشوط بمسافة 200 ميل لجهة الجنوب. 
وتتولى عبارة تابعة للشركة الموريتانية للعبارات في الاتجاهين حالياً، نقل المسافرين والسيارات والشاحنات والبضائع بين ضفتي نهر السنغال، لكن بطريقة يراها الكثيرون غير مريحة لكونها تتم في وقت زمني محدود (ما بين الساعة التاسعة صباحاً والسابعة مساءً)، وكثيراً ما اضطر المسافرون للبقاء طول الليل في المنطقة الحدودية انتظارًا لرحلات العبارة في اليوم الموالي. وسيساهم الجسر كذلك في إحداث تقارب بين اقتصاديات أوروبا مع اقتصاديات دول أفريقيا ما وراء الصحراء، وهو ما سيوفر فرصاً جديدة ومتنوعة للنشاط الاقتصادي. 
ومنح البنك الأفريقي للتنمية عام 2007 هبة مالية مخصصة لإعداد دراسات جدوى مشروع جسر نهر السنغال. وقد اكتملت الدراسات الخاصة بالمشروع، أواخر السنة الماضية وهو ما جعل الممولين مستعجلين للبدء في تنفيذه ما دام العمل الأكثر مجهوداً فيه قد اكتمل.