قال الدكتور محمد محمود ولد أمًاه، رئيس الاتحاد الشعبي الاجتماعي الديمقراطيUPSD إن إعلان الرئيس عن عدم ترشحه للرئاسة ما هو إلا ذر للرماد في العيون فهو سيستمر في السلطة من خلال ستارة الرئيس الذي سيختاره وفق مقياس معيّن سيضمن له أمنه الشخصي وأمن ممتلكاته،.
قائلاً إن هذا المرشح لن يكون مثل “ميدفيديف وبوتين” بل إنه لن يكمل ولايته بل سيستقيل لأسباب صحية أو شخصية ليفسح المجال المجال أمام الرئيس للعودة خلال فترة وجيزة.
ولد أماه في مقابلته مع Le calame قال إن الوضع الاقتصادي للبلد خلف أزمة اقتصادية ومالية حادة، وليس هناك اختلاف كبير في الآراء بين المثقف والمراقب العادي، ونذر الأزمة واضحة ومن لا يريد أن يرى السماء فلا تريها له كما يقول المثل، مضيفا أن الرئيس يمضى في البوادي أكثر مما يمضيه في القصر الرئاسي.
وفيما يلي المقابلة :
Le calame: صرح الرئيس ولد عبد العزيز أنه لن يترشح لولاية ثالثة، ولكنه سيدعم أحد المرشحين: على افتراض صدق رئيسنا، ما هي الأفكار التي تستوحونها من هذا التصريح؟
ولد اماه: يستدعي هذا التصريح منا ملاحظتين تعتمدان على فرضيتين. في مرحلة أولى، يدعم ولد عبد العزيز أحد المرشحين مع فكرة العودة إلى السلطة. وفي الفرضية الثانية، يدعم أحد المرشحين مع فكرة مغادرة السلطة، ولكن مع مواصلة التأثير عليه من بعيد.
وفي جميع الحالات، فإن مواصفات المرشح الذي يدعمه ولد عبد العزيز، بل نقول الذي عينه هو نفسه، لن تكون متماثلة. وبالتالي فإن لكل فرضية مرشحها الخاص.
في الحالة الأولى، لن يكون المرشح سوى مجرد صهيرة، بل هو دمية. وخلافا للسيد بوتين، فإن ولد عبد العزيز لن يترك محميه ينهي ولايته مثل الرئيس ديمتري ميدفيديف. وسرعان ما يعاين المجلس الدستوري شغور السلطة بمناسبة استقالة الرئيس لأسباب شخصية أو صحية، بعد رفع طبي طويل.
سيتم تعزيز فكرة عودة ولد عبد العزيز إلى السلطة من خلال كونه لم يحاول تغيير طبيعة النظام من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني الأكثر ملاءمة له بفضل الأغلبية الساحقة التي يمثلها نواب حزبه، الاتحاد من أجل الجمهورية، في البرلمان. لكن ولد عبد العزيز ليس الرجل الذي يقبل اسما غير الرئيس. إن وظيفة الوزير الأول، التي تتطلب الكثير، لا تناسبه أيضا، الشيء الذي يشكل حجة أخرى لصالح عودته المحتملة الى السلطة، كرئيس للبلاد.
وفي الحالة الثانية، حيث يغادر ولد عبد العزيز السلطة، مع الاستمرار في التأثير عليها من بعيد، من أجل تكريس وقته لتسيير أعماله الشخصية وأعمال أسرته، يجب على المرشح إذن أن يكون رجلا قادرا على ضمان إفلاته من العقاب وسلامته وسلامة ممتلكاته. بل يقال إن التعديلات المراد إجراؤها على الدستور والتي قد تعرض على غرفتي البرلمان ربما تشمل نقاطا لم تناقش خلال الحوار الشهير، بما فيها: ”الإفلات من العقاب لكل رئيس سابق وأمن ممتلكاته”.
ليس من المفيد أن نعرف مرشح ولد عبد العزيز ولا أسس اختياره. وبالمقابل، نتذكر أن آخرين قد ناشدوه لضمان أمن رئيس على أساس مجرد العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي تربطه بقبيلته. ومع ذلك، من المفيد دائما أن نفكر في مقولة شكسبير الشهيرة: “قاس، قاس مثل الشتاء، قاس قساوة تساوي نكران الجميل من قبل الرجال.”
Le calame: لا يفتأ النظام وأنصاره يغدقون علينا اللوحات الاقتصادية المتفائلة. فما هو تحليل البروفيسور للوضع الاقتصادي والمالي في بلادنا؟
ولد اماه: عندما يمتاز الوضع الاقتصادي للبلاد بأزمة اقتصادية ومالية حادة، ليس هناك فرق كبير في التقييم بين البروفيسور والمراقب العادي، حيث تبدو علامات الأزمة واضحة تذكر جيدا بالمثل الشعبي: “الي ما شاف اسم لا تنعتوله”.
وفعلا، تعاني بلادنا من سوء تسيير السلع والأشخاص في نفس الوقت؛ تسيير شاذ وزبوني ينافي التسيير المطبق عادة في بلدان مثل بلادنا، تلك البلدان التي لا تصدر المنتجات الصناعية، بل المواد الخام، وخاصة الحديد والأسماك والذهب ذات الأسعار المتذبذبة. عندما ترتفع أسعار منتجاتنا في السوق الدولية، لا يستفيد البلد من ذلك. إن هذه المداخيل، بدلا من السماح لشركة سنيم على سبيل المثال بإنشاء الأرصدة الاحتياطية، فإنها تحول إلى أغراض أخرى (بناء مطار، شراء طائرات… الخ) أو تستخدم بطريق غير شفافة في عمليات لا تأخذ في الاعتبار أن هذه الارتفاعات في الأسعار غير صاعدة دائما. وخلافا لما يتم في الدول الأخرى المنتجة لنفس المواد، لا يُتخذ أي إجراء للتصدي لها. ولكن عندما تنخفض أسعار هذه المواد، يستخدم النظام ذلك لتبرير أوجه قصوره واختياراته الاقتصادية السيئة.
وفي كل سنة بمناسبة إعداد الميزانية، يتوقع الشعب إنفاقا عموميا يبلغ بضع مئات مليارات من الأوقية. وفي الواقع، لا يحدث ذلك أبدا، حيث يستخدم النصف تقريبا لتسوية النفقات الثابتة: الأجور والديون، تلك الديون التي تتجاوز 4 مليارات دولار أمريكي والتي تم محوها تقريبا عند وصول النظام الحالي إلى السلطة. وبالنسبة للميزانية نفسها، وهي وثيقة يفترض أن تبين جميع الإيرادات والنفقات، والتي يخضع تنفيذها لسلسلة من الرقابات، فقد أنشأت السلطات العمومية نظاما موازيا من الإيرادات والنفقات خارج الميزانية ولا يمر بالخزانة إلا للصرف (حسابات الصناديق الخاصة، المكونة المصرفية للخزانة).
إن هذه الأموال، التي تُعد بالمليارات، يمسكها وزراء أو مسؤولون من هذه اللجنة أو تلك أو من مشروع كذا أو كذا وهم معفوون من الرقابة. وتجدر الإشارة إلى أن الرقابة المالية التي كانت تابعة للرئاسة لوضعها في مأمن من أي تدخل وزاري بما فيه وزير المالية، قد أصبحت الآن لامركزية، حيث تتوفر كل وزارة على مراقبها المالي الخاص، وهو وكيل من الوزارة تابع للوزير نفسه. هل هناك علاقة بين اللامركزية والشكاوى المتكررة من الآمرين بصرف المخصصات الميزانية؟ بما أن الإدارات لم تعُد لديها ميزانية تسيير وأن النفقات أصبحت، في أغلبيتها، غير قابلة للانضغاط (الديون والأجور)، فإن الرقابة على مستوى التصفية والتسوية قد تقلصت إلى أقل حد ممكن.
أما الارتفاع العام لمستوى الأسعار (التضخم)، والذي يتمثل تأثيره في انخفاض القوة الشرائية للأسر، فإنه جنوني. فعلى سبيل المثال يصل سعر ليتر وقود الديزل 384.6 أوقية، حين كان يتم شراء البرميل بـ 150 دولارا أمريكيا. ومنذ بضعة أشهر، انخفض سعر برميل النفط إلى 28 دولارا أمريكيا. ويبلغ سعره اليوم حوالي 50 دولارا أمريكيا. وقد عجز النظام عن تخفيض هذا السعر بينما قامت بلدان شبه المنطقة بعدة تخفيضات.
من خلال الحفاظ على هذا السعر بمبلغ 384.6 أوقية للتر الواحد، فإن النظام يسحب من المستهلكين قوة شرائية تبلغ عشرات بل مئات المليارات من الأوقية كان يمكن استخدامها لزيادة الطلب في السوق، مما يسبب زيادة العرض في السوق؛ وعندها يشغل مقدمو العروض طاقات إنتاجية جديدة تستدعي منهم اكتتاب العاطلين عن العمل، الشيء الذي يؤدي بدوره إلى زيادة كتلة الأجور (بفضل الأجور الجديدة)، الأمر الذي ينشئ، مرة أخرى، زيادة الطلب في السوق وهكذا دواليك. هكذا يتم قطرُ أي نمو اقتصادي بغض النظر عن النظام الاقتصادي. هكذا يختلس قادتنا القوة الشرائية للموريتانيين، ويَحرمون بلادنا من النمو الاقتصادي.
يبرر الرئيس هذا الحفاظ على أسعار الديزل قائلا: “هل تعتقدون أننا سوف نخفض سعر الديزل للسماح للذين يذهبون في نهاية كل أسبوع إلى البادية بأخذ سيارة مليئة بصفائح الديزل”، يجب الاعتقاد بأن طائرات وسيارات الرئيس الذي يمضي وقتا في البوادي مساويا لما يقضيه في قصره تستخدم ماء الحنفية وقودا لها، بدل التفكير في أولئك الذين يذهبون إلى البادية. كان أولى بالرئيس أن يفكر، حسب رأينا، في العديد من المتقاعدين وأرباب الأسر الذين يعملون في سيارات الأجرة بنواكشوط لكسب لقمة عيشهم، بدخل قدره 2000 أوقية عند الساعة الخامسة مساء، أي ما يكفي فقط لشراء 5 لترات من الديزل، بالإضافة إلى الاحتياجات الأخرى، كما كان يتعين عليه التفكير في أولئك الذين يزرعون الخضراوات في كيهيدي، أو أطار على سبيل المثال والذين لا يستطيعون بيع خضرواتهم في نواكشوط، بسبب أسعار النقل (على الرغم من أنها أجود من تلك المستوردة من المغرب). هل يجهل الرئيس أن تطور طرق المواصلات في بلد ما هو حجر الزاوية في تنميته؟
في مناسبة أخرى، تعين على الرئيس تبرير الإبقاء على سعر ليتر المازوت بمبلغ 384.6 أوقية قائلا “لقد قدمت الدولة دعما ماليا عدة مرات لسعر الديزل ومن الإنصاف استعادة هذا الدعم”. عندما تدعم الدولة الأسعار لجعلها في متناول القدرة الشرائية للمواطنين، فلا يمكن أن نعتبر هذا الدعم بمثابة دين مترتب على هؤلاء السكان؛ لأن أي دين يقتضي دائنا ومدينا. وإذا كان من السهل هنا تمييز المدين، فمن يكون الدائن إذن؟ وهل ميزانية الدولة دين يجب على المواطنين سداده؟
إن بلادنا التي تئن تحت وطأة دين لا يطاق والتي هجرها المستثمرون الذين كانوا ضحية لعمليات الاحتيال على جميع المستويات، تحترق ببطء وتخمد نارها تدريجيا، ولكن بثبات بينما يكدس رجال السلطة ومن يدورون في فلكهم ثروات طائلة وبشكل وقح. أما الشعب، فلم يبق له سوى “الصلاة والنوم.” كلمة قالها الرئيس أيزنهاور عند اختراع القنبلة النووية.
وكما يقول شاعر شعبي: «وَكْتِنْ ما رَيْتْ وَلْفِ وانْكِدْتْ گمْتْ أُصَلَّيْتْ واتْكَيْتْ ارْگِدْتْ».
وتعريبه: بعدا ما لم أجد محبوبتي وتعبت قمت وصليت ثم اضجعت ونمت