شكل ملفا الأمن والتنمية بمنطقة الساحل والصحراء أهم محاور النقاش الذي دار بين الرئيسين الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز والفرنسي فرانسوا أولاند مساء أمس الأربعاء بقصر الإيليزيه، في خطوة اعتبرها مراقبون بداية عودة للصداقة بين البلدين بعد مرحلة من المد والجزر.
وقال بيان صادر عن الإيليزيه إن أولاند هنأ موريتانيا على النتائج التي حققتها في مجال محاربة الإرهاب والجهود التي تبذل في مجال الوقاية من التطرف، مشيدا بمشاركة الرئيس الموريتاني في إيجاد حل سياسي للأزمة الغامبية، ومؤكدا استعداد فرنسا لدعم المشاريع الإقليمية لمجموعة دول الساحل في مجالي التنمية والأمن.
وأكد أولاند استعداد فرنسا للمساعدة في القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل، في المجال العملياتي، وكذا الاستعداد للتعاون في مجال التكوين والمعدات، معبرا عن أمله في أن يضاعف الاتحاد الأوربي دعمه لمجموعة دول الساحل، وغرب أفريقيا.
وقال أولاند إن الدعم الفرنسي لموريتانيا، والتزام الاتحاد الأوربي تجاهها سيشهد زيادة كبيرة على مستوى مشاريع التدريب، والتكوين، مرحبا بمشروع الطاقة الشمسية بمدينة كيفة الموريتانية وسط البلاد، والذي ينتظر أن ينتهي 2017، بدعم مالي من فرنسا، والذي يعتبر تطبيقا لمخرجات قمة باريس بشأن تطوير المناخ والطاقة المتجددة بالقارة الأفريقية، بحسب البيان.
حرب تصريحات وبيانات
وعرفت العلاقات الموريتانية الفرنسية تأزما سياسيا صامتا حسب مراقبين تمثل في غياب موريتانيا المتكرر عن القمم التي تعقدها فرنسا، بالإضافة إلى عدم تجديد عقود المستشارين العسكريين الفرنسيين لدى الجيش الموريتاني.
كما حذرت فرنسا رعاياها بضع مرات من زيارة موريتانيا باعتبار أراضيها ضمن المنطقة الحمراء المهددة بأعمال إرهابية؛ ما أزعج نواكشوط، قبل أن تتراجع فرنسا عن تصنيفها لموريتانيا باللون الأحمر.
وأصدرت فرنسا عبر سفارتها في نواكشوط، في الـ 29 من أكتوبر/تشرين الأول 2016، تحذيرا لرعاياها في موريتانيا من عمليات سطو قد تستهدفهم بالأحياء الشمالية للعاصمة نواكشوط، في سابقة هي الأولى من نوعها.
وخلال الأسبوع نفسه، شن الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة الموريتاني محمد الأمين ولد الشيخ، هجوما لاذعا على باريس، منتقدا بيان السفارة الفرنسية، ومعتبرا أنه جاء متحاملا، وحمل رسائل غير ودية من فرنسا، للدولة الموريتانية.
وقال ولد الشيخ، في مؤتمر صحفي للحكومة، إن “بيان السفارة الفرنسية جاء بعد تعرض مواطنة فرنسية لمحاولة اغتصاب بأحد شوارع نواكشوط، ولا علاقة له بأي تهديدات إرهابية”.
وأضاف الوزير، أن المواطنة الفرنسية غادرت الأراضي الموريتانية قبل اكتمال التحقيق ودون أن تتعاون مع المحققين وهو ما قال إنه أثار الكثير من الشكوك، نافيا وجود أي ثغرات أمنية بالبلد.
وبعد حديث الوزير بساعات قليلة، أطل مدير أمن الدولة بموريتانيا المفوض سيدي ولد باب الحسن، عبر التلفزيون الرسمي، متحدثا عن أن حدود البلاد مراقبة ومضبوطة، وأن بعض الجهات، التي لم يسمّها، تسعى لضرب استقرار البلد وأمنه.
عربون صداقة
وقام وزير الخارجية الفرنسي جان ماركيرو بزيارة لموريتانيا قبل أسبوعين، اعتبرها متابعون بمثابة “عربون صداقة”، ومؤشرا لطي صفحة الخلاف، إذ حملت دعوة الرئيس الموريتاني لزيارة باريس تلبية لدعوة من نظيره الفرنسي.
وقال الوزير الفرنسي “إن المباحثات الرفيعة ارتقت إلى مستوى العلاقات الممتازة القائمة بين فرنسا وموريتانيا وإن الكل يعرف أن موريتانيا بلد صديق وشريك مهم لفرنسا ليس فقط على الصعيدين الدبلوماسي والأمني وإنما على الصعيد الاقتصادي، علاوة على كون موريتانيا شريكا يتمتع بالأولوية في مجال الدعم الفرنسي الموجه للتنمية”.