موريتانيا: حديث عن تراجع محتمل عن الاستفتاء والتجاذب يشتد

لعربي»: فيما تحدثت مصادر صحافية موريتانية مطلعة عن احتمال تراجع الرئيس الموريتاني عن تنظيم الاستفتاء المثير للجدل، تواصلت أمس في العاصمة نواكشوط وفي عواصم الولايات الموريتانية الداخلية، حملات واجتماعات داعمة للاستفتاء ينظمها كبار منتخبي ووزراء وأنصار الرئيس.

وتستعد بعثات سياسية تابعة للحزب الحاكم لانتشار قريب في عموم مناطق الداخل لتعبئة السكان وتحسيسهم حول أهمية التصويت ب «نعم» للاستفتاء الذي أكد الرئيس قبل يومين توجهه نحو تنظيمه دون تراجع الصيف المقبل.
وضمن هذه التجاذبات، نظم نشطاء ومنتخبو ووجهاء في ولاية العصابة الواقعة وسط البلاد، أمس مسيرات في العاصمة وعقدوا مهرجانا خطابيا خصص للدفاع عن سياسات الرئيس والدعوة لتأييد الاستفتاء الشعبي الذي دعا له، والدفاع عن تفعيله للمادة (38) من الدستور المثيرة لجدل قانوني ودستوري كبير.
وانتقدت مواقع إخبارية موريتانية قيام وجهاء القبائل ومؤيدي الرئيس بتنظيم نشاطاتهم في العاصمة باسم سكان الداخل، بدل تنظيمها في المناطق الداخلية.
وأرجعت سبب ذلك لما يمر به المواطنون حاليا من مشاكل كثيرة يتقدمها العطش الناجم عن النقص الحاد في مياه الشرب والتي لم يتمكن وجهاء الموالاة من إيجاد حلول لها.
وتحدثت وكالة «الأخبار» الموريتانية المستقلة «عن توقيع أكثر ﻣﻦ مئتي ﻭﺟﻴﻪ ﻭﻧﺎﺷﻂ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ﺑﺎﺳﻜﻨﻮ التابعة لولاية ﺍﻟﺤﻮﺽ ﺍﻟﺸﺮقي، ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻳﻀﺔ سياسية ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﺿﺪ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ.
وأوضحت الوكالة «أﻥ ﺣﻤﻠﺔ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﻳﻀﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ، ﻭأﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﺮﺗﻔﻊ».
ﻭأشار المصدر «ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻌﺎﺕ أكدوا أن سبب إطلاقهم لها هو أن ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺗﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻦ موريتانيا ﻭﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭها».
وثمن الوجهاء في عريضتهم «ﻗﺮﺍﺭ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ الذي أسقط ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ الشهر الماضي».
وفي الاتجاه نفسه، تستعد المعارضة الموريتانية المنتظمة بنقاباتها وأحزابها وشخصياتها المرجعية في منتدى الديموقراطية والوحدة، لتوسيع تنسيقاتها وتعميم حملاتها المعارضة للاستفتاء.
وأكدت المعارضة «أنها برمجت لندوات سياسية وإعلامية مخصصة لإفشال الأجندة الحكومية المتعلقة بمراجعة الدستور عبر الاستفتاء بعد أن رفضها مجلس الشيوخ».
وعكسا لما صرح به الرئيس الموريتاني قبل يومين لإذاعة فرنسا الدولية بخصوص تمسكه بالاستفتاء الصيف المقبل، أعلنت صحيفة «السفير» ذات الاطلاع الواسع نقلا عن مصدر مقرب من دوائر النظام، «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أصبح يفكر جديا في التراجع عن تنظيم استفتاء شعبي حول تعديل الدستور».
وأرجع المصدر تراجع الرئيس عن تنظيم الاستفتاء «لعاملين أساسيين اثنين أولهما داخلي، وهو أن الرئيس تلقى تقارير استخباراتية تفيد بأن أغلبيته عرفت تصدعا خطيرا، يجعل احتمال عملها ضد إرادته أمرا شبه مؤكد، لذا أوصت تلك التقارير بالتراجع عن الاستفتاء تفاديا لهزيمة ثانية، قد تكون قاضية وستجعل النظام عاجزا عن التحكم فيما بعد 2019، أما العامل الثاني فهو عامل خارجي، حسب الصحيفة، وهو أن ولد عبد العزيز خرج من زيارته لفرنسا مقتنعا بأنها لن تدعمه في توجه تعديل الدستور إلا بمشاركة جميع أحزاب المعارضة».
وفي هذه الأثناء ينشغل الكتاب الموريتانيون بتحليل الأوضاع التي تقبل عليها موريتانيا في ظل التجاذب الكبير الناجم عن قرار الرئيس تنظيم استفتاء شعبي حول تعديل الدستور.
وحذر الكاتب الشيخ ولد احمد زايد رئيس لجنة الشؤون السياسية والانتخابات في حزب التغيير الموريتاني (حاتم)، أمس الرئيس الموريتاني من «مصير أسلافه من طغاة العسكر في مصر مبارك وفي تونس زين العابدين، الذين دفعتهم نشوة الاستبداد وزيف بريق السلطة الى تجاهل معاناة شعوبهم والدوس عليها بالأحذية فكانت النتيجة هي أن الأول هارب في منفاه والثاني خلف القضبان».
وتنبأ الكاتب بانفجار للأوضاع في موريتانيا نتيجة «الأزمات والويلات التي يكابدها الشعب الموريتاني اليوم والتي لا قبل له بها كانتشار الفساد، والركود الاقتصادي، وسوء الأحوال المعيشية للمواطنين واحتقارهم، إضافة للبطالة، وصراخ الطلاب، وغياب الأمن»، حسب تعبيره.
وأضاف «إنها مشاكل عديدة عظيمة وجسيمة والرئيس محمد ولد عبد العزيز في غفلته الرهيبة عنها لا يهتم من الأمور سوى بصغائرها متجاهلا كبريات القضايا هذه التي ترهق كاهل المواطن في يومياته، وكأني بالرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي لا يتعظ بالماضي القريب يتمادى غدا بتنفيذ مخططاته للجمهورية الثالثة والمقتبسة من فكرة الكتاب الأخضر، والحصيلة حتما ستكون غير سارة ولا متوقعة بالنسبة له».
وقال «ما على الرئيس فعله اليوم حتى يتفادى سيناريو الانفجار المحدق هو الجلوس مع خصومه السياسيين للتوصل إلى مخرج حقيقي لأزمة موريتانيا السياسية الراهنة».

القدس العربي