(1) دوحة الخير وأغصانها اليانعة، علي غرار المجالس العلمية لعطاء محاضرنا الموريتانية العريقة،قامت منذ شهرفبرائر2012 تجربة فريدة في موريتانيا، تمثلت في إنشاء مجلس علمي لإذاعة القرءان الكريم،ولجان علمية متخصصة للإشراف علي تصحيح المصاحف،وتنظيم نسخ المسابقة الكبرى لحفظ وتلاوة القرءان الكريم،وإنتاج الدروس المتخصصة في الفرائض الخمس:التوحيد،والصلاة،والزكاة،والصوم، والحج،والإشراف علي الرحلات الإنتاجية صوب كبريات المحاظر في الداخل، وإنتاج الكراسي والندوات العلمية التي أحيت السنة، وعرفت بعلماء الأمة.
وقد استقبل رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز المكتب الدائم للمجلس ،ووجه وزير الإعلام يومئذ باسم فخامة الرئيس الشكر الجزيل الي هذا المجلس والي لجانه العلمية المتخصصة خلال تدشين قناة المحظرة في2مارس2014 علي نجاحهم في إطلاق مركب إعلامي إسلامي يتكون من إذاعة للقرءان الكريم،ومسابقة سنوية هي الأشمل منذ إنشاء الجمهورية ،وقناة تلفزيونية خدمت كتاب الله عز وجل وعلومه الخادمة ، اسمها : المحظرة.
وزكت الهيئات التشريعية لإذاعة موريتانيا كشركة أسهم (جمعية عمومية ،ومجلس إدارة) عمل وإنتاج هذا المجلس العلمي غير المسيس، الذي كابد الأيام والليالي في إحياء مواسم الخير (موسم رمضان، وموسم الحج)، وفي تصحيح وإقراء الدروس، ومحاربة الغلو والتطرف بكل أشكالهم.
هذه التجربة التي تشكل محل إجماع عند الموريتانيين، تهاجم منذ مدة بواسطة فبركة أفلام تسئ إلي محاظرنا التليدة ،أو حرق كتب المذهب المالكي ، أو محاولة تمزيق المصحف الشريف، وتجسدت في الهجوم العنيف علي روادها ،من العلماء،والدعاة ، والقراء، ووصفهم بأخس الأوصاف ، وازدرائهم بالأفعال والأقوال.
************
(2)أيقونة المحظرة.. المدرسة العلمية غير المسيسة
منذ ألف عام أسس أجدادنا عربا ومستعربين المحاظر(المحاضر)
فوق مجال أرض البيظان، من نهر السنغال الي سيرت، ومن أزواد الي وادي نون، ومن تمبكتو إلي تيندوف ، ومن انيور إلي فاس والقيروان.
ألق هذه المدرسة العلمية وروادها اجتاح بغداد، والقاهرة، والمدينة المنورة، والبيت العتيق، ودمشق، والخرطوم، وحضرموت، وعمان، والأسِتانة، وبلاد القوقاز.
هذه المدرسة العلمية أسست كرباط في سبيل الله ، يريد تعليم الخير للناس ، كل من ينتسب لها، مشائخ ،وتلامذة، وكتبا ومؤلفات،مساجد ومعاشات ،ومساكن ومتاعا دنيويا ،هي أوقاف حسبة ، خالصة ومخلصة لوجه الله.
الذين يعملون في دروب تبليغ رسالات الله ، لايخشون إلا الله، و لا يريدون إلا وجهه، لا يريدون مالا ،و لا جاها ،ولا سلطة، ولا حزبا، ولا جمعية خيرية، ولا غرضا دنيويا بحتا... هم كالجبال الرواسي وغيرهم كظل زائل.
يدرس هؤلاء :( ذلك الكتاب لاريب فيه، هذا القرءان المجيد ، هذا الصراط المستقيم ، هذا النبأ العظيم ، كتاب مبارك، الهدي القويم ، الفرقان ،الذكر الحكيم، الشرف العظيم، الهدي والرحمة،الموعظة و الذكر، و النور المبين).
وقد جعل الموريتانيون القرءان ربيع قلوبهم، وجلاء أحزانهم ،وأنيسهم في حلهم وترحالهم، وغاية مأربهم، وشرف عزهم، واليه يضربون الأكباد، وبه يلهجون سواء منهم(مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ) سورة الرعد الآية10
وقد أخذ هؤلاء علي عاتقهم تعليم كل العلوم الخادمة لكتاب الله من:( سنة ، وفقه، وسيرة ، وأصول، ولغة، ومنطق، وحساب، وعلوم آلة مصاحبة، و أنظام تعليمية) وبذلك خدموا الدين ،والأمة المسلمة، في كل مكان، وفي كل زمان.
هذه الصناعة المحظرية التي تخرج منتجا عز نظيره مثل:(الحافظ، المحدث، العلامة ، العالم ،العبد الصالح، أمير الشعراء، الفقيه، القاضي ، الداعية، الامام ، المفتي) هي أنبل ما أنتجته مرابع الموريتانيين منذ أزيد من عشرة قرون.
ومن الواجب الفصل بين الشأن الدعوي والتعليمي الربانيين لهذه المدرسة العلمية، وجهلة المدرسة السياسية ، من العلمانيين، والمرائين ، الذين عرفهم الجميع بعلامات: لحن القول، و جهلأحكام الفرائض الخمسة، و انتهاك المحرمات.
ان هذه الأيقونة(المفخرة: المدرسة العلمية )، هي الآن شوكة في حلق وخاصرة الاستعمار وأذنابه، وعملائه و أميلزته، وجواسيسه وغلمانه، وهذه الحاشية (علمانية كانت أو دوغمائية)، هي (كحمر مستنفرة، فرت من قسورة) حين يشع نور المحظرة، ويسطع في المئذنة ، أوفي مجال الاعلام المرئي أو المسموع.
وهذه الأيقونة تبير من يبحث عن المال والشهرة ، باسم دين الشعارات ـ والتأشيرات، والمقاولات.
......................................................
(3) لزوم المورد العذب،،
الطريق يوصلكم الي...الذين وردوا المورد العذب..
يقرؤون فقه التزكية والتوفيق والفلاح والذكر:( حكم الجذامي،رسالةالقشيري،احياء علوم الدين، حكم ابن عطاء الله ) الخالية من الشطط، التي تدرس مجالس العلم الدالة علي وجود الحق، ومعرفة الحق.
يدرسون فقه المقاصد، وفقه الواقع والتوقع، وفقه الأولويات وفقه المآلات، وفقه الأقليات، وفقه السلم ومحاربة الغلو، بدء من الرسالة للإمام محمد بن ادريس الشافعي ، ومرزرا بورقات امام الحرمين، وجثوا بلآلئ الشاطبي و الغزالي والجويني ، وانتهاء بفتوحات الطاهر عاشور والعلامة الامام بن بيه.
يخدمون كتاب الله رسما (رسم الطالب عبدالله)، وحفظا من الفاتحة الي سورة الناس، وعلوم قراءات الأمصار(ابن بري، تحفة الأطفال، نونية السخاوي، الشاطبية) ، و علم التفسير وأحكام القرءان وحيا، وأثرا ، ولغة ، ورأيا واستنباطا: (القرطبي، الزمخشري، أضواء البيان، ابن كثير، الطبري) لسورالفرقان114.
تجردوا للسبع المثاني،والقرءان العظيم... لا يمدون أعينهم الي ما متع به من يبنون المباني بدون عمارتها بالمعاني، ومن يجمعون الميراث لغيرهم، وهم يتقلبون في غفلاتهم عن معادهم.
أعلامهم العلماء ، وأفضلهم الشهداء، عمر(بالفتح) هؤلاء صدورهم بالمحبة وسلكوا مسالك أهل العلم، أنفاسا لا كراسا.. لديهم قوة الهمة ، و اخلاص النية.
يحفظون المعلقات العشر و الدواوين الستة ، ويعربونها، وينظمون المتون في حال اليقظة ،وفي هجيع الليل يدرسون (اللامية ،و الألفية مع الاحمرار والاكحلال )..
يترنمون بأنظام مكفرات الذنوب، وعمود النسب، ومختصر خليل، ومراقي الأصول،وأسماء الله الحسني، وإضاءة الدجنة،والكفاف، ومطهرة القلوب،
عشقوا ألفية السيوطي، وألفية العراقي، والرسالة ، و الأخضري ، وابن عاشر و العاصمية ، وكتب الأضداد، والتوسل، و أنظام المناجاة..
يصلون صلاة المودع، يزكون زكاة الوجلين ، ويصومون صوم المتقين،قدموا الحظ الآجل علي الحظ العاجل
هم في حال يقظة دائمة،حيثما ما انتجعوا أو رحلوا، وجدتم يردون المورد العذب ..
لا ينتقمون لأنفسهم من أحد، غابوا في شهود الحق عن شهود أعمالهم.،
لا يركنون إلي الذين ظلموا ، يناجون ربهم (ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين).. يرددون مع موسي والفتية (رب نجني من القوم الظالمين)... (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين)..
*********************
(4)ذلك فضل الله..
وقوف فوق الجبل الأشم الصردح للحرية، وتنفس للهواء الصحصح للمقاومة، وانتجاع في الريف الأفيح لكبرياء الموحدين ،ومشي المتواضعين فوق الرمل الأصبح لأنفس أبية ألهمها الله فجورها وتقواها فاختارت ايجاب التقوي علي اقدام الفجور.
نحن نعيش نفس المشهد فلا يزال كبولاني بأحلافه ، وأحلاسه، وأميلزته وأزلامه ، معربدا في البحار وفوق اليابسة، ولايزال حال الأمة من الاستضعاف والخوف علي الذرية، والغنيمة والصريمة فاشيا ،وحب الدنيا الدنية، هز الميسم العام، لغلاة أو جباة.
لكن مشائخنا في دوحة الخير لن يرضوا بمقام: كنا مستضعفين؟
وجوابهم تأبطوه ، في أطول قسم ورد في القرءان الكريم :( ما ضل صاحبكم و ما غوي وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي) والحذر الحذر من ثلاث موبقات :الضلالة وهي انحراف مسلكي،والغواية وهي انحراف فكري، والنطق عن الهوي، وهو فساد نطقي إعلامي.
والله عصم أنبياءه وأولياءه، من الثلاثة بمنهج: (زكى)، وبأسباب قدرية فأخرجهم من كل انحراف مخرج صدق، وأدخلهم مدخل صدق، لأنهم أرادوا ما أراد، و استقاموا علي الحق خير استقامة.
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.، لمن خدم كتابه، وجاهد في سبيله ، و بلغ رسالاته ، بإخلاص وصواب، لا يخشى إلا الله.
لكن هل تذكرون الآن درس شيع الغابرين الهالكين؟
كم كان حول كبلاني، وكم كانت سقايته، وحاشيته، ورسله، والوفود التي تفد اليه ، وأنواع المشاريع والخرائط التي بحوزته، وكم كان عتاده وقلاله، وماذا كان في وكيليكسه من تقارير، ومن محظي ،واستثناء وممنوع، ومن رفع وخفض، وأسير ومقرب ، ومترجم.، ومن كان يواليه ويخاف بطشه، ومن كان يرجو نواله؟
غرق الجميع في قليب النسيان، وجلى الله بأساليب البيان، لأجيال المقاومين والمرتلين ،وأحفادهم،اقداره الماضية، فلا ينازع الله أحد في أقدراه.، ابتداء من مقام ايجاده، الي مقام امداده، الي مقام اخلاده.
أيها المستمسكون بمنهج وقيم المحظرة ودوحتها الخالدة
أنتم تلامذة تفدون إلي أشياخكم وتعرفونهم ، و تزورون أئمة التزكية في بلدكم
الذين عرفوا المقاصد الحقيقية لمحاظرنا ، والأسرار العظيمة لمآذننا.
كم درس هؤلاء، وكم وعظوا ، وكم بذلوا.. لصالح الإسلام
منذ عشرة قرون ، اومنذ57 سنة تسمينا فيها باسم الجمهورية الإسلامية الموريتانية
ماذا قدمنا للإسلام؟
أولائك السلف ، وبعض من شيوخنا رووا الأرض بمداد العلماء، وحرروا الأرض بدماء الشهداء.، وعكف أبناءهم ، دوحة الخير، لتعليم كتاب الله في بيوتهم ، ومساجدهم، ومحاظرهم ، وعبر هواتفهم
لو افتراضية ..ولو امتناعية.. لو أكرمتم سبق هؤلاء لأكرمتم إكرام الخالدين .. ولو منعتم ، ذكر مناقبهم، لغرقتم في لجج المنسيين.
.......................................
(5) نحسن الظن بالله ، ونحسن الظن بمن أنشأ هذه القناة
سوء الظن أن تعتد زادا ، اذا كان القدوم الي كريم.
رئيس ينشئ قناة المحظرة، ويطبع المصحف ، ويبني مسجدا ، ويصلي الصبح والعشاء والجمعة في الجماعة ،خير لكم من المستهزئين بمحاظركم ،والذين يعملون علي طمس معالم أرضكم ، وتاريخ رجال مقاومتكم..
قوم أناروا مقاماتهم بأنوار الكتاب والسنة ، وقوم أظلموا حياتهم بالكيد لأهل الحق والملة.
انها لحظة فارقة للمصالحة والمصارحة مع المحظرة والمقاومة.، فلا تضيعوها، ضيفانا ومضيفين،
لقد سبقكم الي أزهار المنح المنجيات الإمام العارف ابوبكر بن عامر، والعالم الرحالة سيدي عبد الله ، والمقاوم الشهيد سيدولد ملاي الزين
ومشائخ إذاعة القرءان الكريم وقناة المحظرة، أبلوا بلاء حسنا، سنوات خمس أينع فيها الزرع، ودر فيها الضرع، فالزمواالرفقة، والمدرسة.
واياكم من رفقة من لا يترك لكم ذكرا محمودا في الدنيا، ويوم القيامة يحلون قومهم دار البوار.( أتباع كبلاني وكلابه)
إلهي اغنني باختيارك عن اختياري.
واوقفني على مواقف اضطراري.
إلهي ماذا فقد من وجدك، وماذا وجد من فقدك؟
حفظ الله المحظرة ومنتجاتها، وحفظ الله العيون الساهرة ، التي تحرس الثغور وتقوم الليل لتوفر الأمن لبلدنا ودوحة الخير فيه.
وبلغنا الله رمضان، في ألق الوحدة ، ومجد تلاوة القرءان.
عبد الله المبارك