تحمل رحلة الوزير الأول ووزير الداخلية الموريتانيين إلي مشيخة انيور بمالي رسائل عديدة، أولها أن ملف المشيخة لم يبحث من قبل مختصين، وأن مقابلة محمدو (المدوية ) مع قناة شنقيط في 5 ينائر2017 بعد عودته من المغرب لم تسمع ولم تبحث ، فلو أن الرئيس أوفد العلامة محمد المختار ولد امباله(دينيا)، أو بيجل ولد هميد(سياسيا)،أوعمدتي لعكيلات وحاسي عبد الله(انتخابيا)، بهدف جس النبض وبحث تركة الخلاف لكان الثمن السياسي الذي دفعه النظام اقل التكلفة ، ولو أن شيخ الدائرة الحموية تلقي رسالة خطية من حاكم كوبني أو والي ولاية الحوض الغربي لزيارة العاصمة والالتقاء برئيس الجمهورية ، لكان الوضع مماثل للقاء الرئيس لبسنغالي اليوم مع شيخ الطريقة القادرية بدكار. (انظر الصورة المرفقة)
عبور وفد رفيع المستوى الحدود الجغرافية للجمهورية الإسلامية الموريتانية إلى دولة مالي لطلب دعم الاستفتاء علي تغيير العلم والنشيد المرفوضين عموما من قبل جميع أتباع المريديات الصوفية يعتر شحنة من الرسائل الخاطئة فالرجل وجه رسائل بعد رحلته الاستشفائية الي موريتانيا لم تدرس ولم يتجاوب معها، فلماذا نطير إليه خفافا باحثين عن دعمه، في الوقت الذي عبر أجواءنا جنوبا وشمالا وتلقي الحفاوة من قبل.
لاعبين في دول الجوار اغتنموا فرصة مرضه وجفاءنا معه؟
كأن من اقترح علي الرئيس أن يكون مبعوثا باسمه ورط النظام جملة وتفصيلا في لعبة مغاضبة الزعامات الصوفية التي تستعطف خارج الحدود ، أو التي تتجاهل داخل الحدود، دون أن يدرك هؤلاء أنهم خدموا خصومهم أكثر مما أضروهم ، وأغضبوا أهل الدين عموما في بلد يحترم عامته المشاعر الدينية ورموزها باجلال.
أظهرت رسائل رحلة (حاسي عبد الله.. انيور) حرص من خطط للزيارة، وحفل عشاء الشيوخ56، على استخدام كل ورقة في سبيل الحفاظ علي عروشهم، خاصة بعد عصيان شيوخ المنطقة الشرقية، والقيادات الشبابية للنعمة، وتزايد الاحتقان في مختلف شرائح واتجاهات الرأي العام من باسكنو الي انواذيبو ومن جيكني والطينطان الي انواكشوط ولعكيلات.
يقول العارفون بلعبة شد الحبال، أن انيور تشبه لعبة مجلس الشيوخ، وقبلهما مهرجان النعمة قبل سنة، والصراع مع قبائل الوسط والشمال، وبعض الرموز التي لا تروق لجوقة ساسة يتقنون فن المراوغة، فهي أفخاخ تزيد من توجيه غضب الرئيس إلي منتخبيه تارة ، والي القبائل طورا، والي المشائخ الدينية تارة أخرى، كي يبقى محدقا في جانب الكأس التي شحنت بأفيون الصراع ، ولكي يبقى يتمسك بقوة برسل بارعين في المتاجرة بالوعود الزائفة ، وتقارير تمرير رسائل الخاطئة، دون اكتراث بنتائج هذا المسار على السلطة والمجتمع.
لايستوعب من يرتجل القرارات دور (حكامة انيور) تاريخيا في مسار العلاقة بين السودان الكبير والعرش العلوي في المغرب، والتجاذبات بين الحوض الغربي وجمهورية مالي، ومادار من حروب أهلية ومن تدخل استعماري سافر ومن مقاومة ومن اصطفاف قبلي، وكلها رسائل تركت دون قراءة في المشهد السياسي الموريتاني هذا الأسبوع وستكون لها ارتداداتها علي انتخابات 15يوليو القريبة.
ومن الجلي أن استغلال اسم الرئيس في الصراعات والتجاذبات المحلية والافليمية والدينية والقبلية، أوصل رسالة مفادها أن البلد يتحمل فيه الرئيس وحده الخسارة و فشل الوساطات داخليا وخارجيا والذين هم في الحكامة دونه وسطاء لاناقة لهم في انيور ولا جمل لهم في تيرس.
هل يدرك حاكم قرطاجة ، وحاكم تمبكتو، وحاكم دكار مع رؤساء الحكومات، والمشيخيات، والمنتخبين، مالا يدركه حكام انواكشوط؟ (انظر الصور)
مشكلتنا أننا أوكلنا الهم السياسي والأمر الديني إلي رسل متقاعدين أو ليست لديهم الإرادة ، وتركنا لهم الحبل على الغارب، يوصلون رسائل لا تفهم ، و يقترحون رسائل في الوقت الضائع لا تقرأ ، ويرون أنهم استر هبوا الناس، وجاءوهم بسحر عظيم.
يبدو أن المغرب والحكومة السنغالية لا يعملان في الوقت الضائع للأسف.. ويبدو أن موريتانيا ترسل رسائل خاطئة الي صناديق بريد مشغولة الخطوط ..
فمن مرة أخرى يدفع الثمن؟