المرزوقي يستعد لخوض معركة سياسية جديدة بتونس

بعد غياب دام أكثر من عامين، عاد الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي إلى قيادة حزبه "حراك تونس الإرادة" عقب أول مؤتمر تأسيسي انتظم قبيل أيام بالعاصمة تونس وجمع تيارات متعددة من الدستوريين والإسلاميين واليساريين وغيرهم. وعن الهدف من تأسيس هذا الحزب بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2014، يقول القيادي والنائب بالبرلمان بشير النفزي للجزيرة نت إن "الحزب يسعى إلى إعادة التوزان للمشهد السياسي وخلق بديل للسلطة الحالية التي اتجهت الأوضاع معها نحو الأسوأ عكس تطلعات التونسيين".

وشهدت البلاد احتجاجات عارمة آخرها ما حدث بمحافظة تطاوين في أقصى الجنوب للمطالبة بالتنمية والتشغيل والتوزيع العادل للثروات، "وكلها مؤشرات تعكس مدى تدهور الأوضاع، في حين لم يحرك الائتلاف الحاكم ساكنا تجاه القضايا الأساسية مثل دفع التنمية أو محاربة الفساد". بديل للحكم ويؤكد بشير النفزي للجزيرة نت أن القاسم المشترك الذي يجمع القائمين على حراك تونس الإرادة هو كونهم ينتمون إلى مدرسة واحدة قاومت الاستبداد سابقا وتسعى الآن لمحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، مضيفا أن "الحزب يطرح نفسه بديلا للحكم لتحقيق أهداف الثورة".

 ومع أن قيادات حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يترأسه سابقا المنصف المرزوقي وشهد انشقاقا واستقالات، تعتبر مكونا رئيسيا لـ"حراك تونس الإرادة" فإنها تجمع رموزا من العائلة الدستورية وطيفا من اليساريين والإسلاميين كانوا يناصرون حركة النهضة وساندوا ترشح المرزوقي في الانتخابات الرئاسية.

ويقول بشير النفزي إن حزبهم يسعى لجمع شمل أحزاب العائلة الديمقراطية المشتتة وإيجاد صيغ ملائمة للدخول في جبهات موحدة في الانتخابات المقبلة، مبينا أن لديها علاقات متميزة مع أحزاب العائلة الديمقراطية مثل حزب التكتل والتيار الديمقراطي وحركة وفاء وغيرها. وبشأن قدرة هذا الحزب على كسب تأييد شعبي، يؤكد أن عمليات سبر الآراء التي حصلت منذ أيام حول ثقة التونسيين في الأحزاب "تضعنا بين المركز الثالث أو الرابع"، كاشفا أن حزبه يتمتع بانتشار محلي واسع بعد حركة نداء تونس وحركة النهضة، وأنه يشهد تطورا كبيرا بعدد المنخرطين.

 

ضد الثورة المضادة

 

وعن رأيه في بروز حراك تونس الإرادة بقيادة المنصف المرزوقي، يقول الأمين العام لحركة وفاء والقيادي السابق بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عبد الرؤوف العيادي إنها "تمثل توجها لمقاومة الثورة المضادة ومنظومة الفساد التي عادت بعد الثورة وتطرح بديلا حقيقيا لمحاربة الفساد". لكنه يقول إن على الحراك القيام بمراجعات حتى لا يسقط في أخطاء سابقة مثلما كانت الحال مع تجربة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في حكومة "الترويكا" بعد الثورة، موضحا أن الحزب دخل آنذاك بمحاصّة حزبية مع حركة النهضة، ولم يكن مؤثرا في تطبيق برنامجه بمحاربة الفساد. وعن إمكانية انصهار حزبه حركة وفاء في حراك تونس الإرادة، استبعد عبد الرؤوف العيادي هذه الفكرة، مكتفيا بإمكانية الذهاب في تحالف انتخابي رغم أنه أصبح لا يثق في نزاهة الانتخابات لشبهة وجود المال الفاسد. ويقول "من المحتمل أننا سنقاطع الانتخابات بسبب المال الفاسد".

من جهته، يرى المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أن حراك تونس الإرادة سيكون قادرا على جذب عدد لا بأس به من التونسيين بفضل صوته المعارض الذي يتميز بنوع من الأخلاق، مذكرا بدعم أكثر من مليون ناخب لترشح المنصف المرزوقي في انتخابات الرئاسة أمام الرئيس التونسي الحالي الباجي قايد السبسي.

 غير أنه يقول للجزيرة نت إن هذا الحزب "لن يكون قادرا على إدخال تغييرات كبيرة على المشهد السياسي الذي سيظل في الفترة القادمة تحت هيمنة حركة نداء تونس وحركة النهضة"، مؤكدا أن "المشهد السياسي سيبقى في حالة تشكل مستمر". من جهة أخرى، استبعد عبد اللطيف الحناشي إمكانية انصهار الأحزاب الصغيرة القريبة من توجهات حراك تونس الإرادة، متوقعا ألا يتعدى الأمر أكثر من تشكيل تحالف انتخابي. لكنه مع ذلك يرى أن المرزوقي قادر بعلاقاته الشخصية على التأثير في جلب المؤيدين لحزبه وجمع التمويل من رجال أعمال متعاطفين معه.