«لؤلؤة الموساد» سحرتْ لبنان على مدى عقد واستعانتْ بالدعارة كـ «طُعم»… لـ «الكبار»

مع إعلان وفاة الجاسوسة الاسرائيلية شولاميت كيشك كوهين المعروفة بـ «شولا» (ليل الأحد – الاثنين الماضي) عن مئة عام، استرجعت «الذاكرة» اللبنانية فصول الأدوار المثيرة التي لعبتها أشهر جاسوسة للدولة العبرية في «بلاد الأرز» والشرق الأوسط على مدى نحو عقد من الزمن بين 1952 و1961.

وكوهين، التي تشير تقارير الى أنها مولودة في الأرجنتين العام 1917 وسبق للواء اللبناني المتقاعد سامي الخطيب الذي أشرف وقاد (الى جانب ضابطيْن آخريْن) عملية القبض عليها العام 1961 أن أعلن أنها «عراقية الأصل»، عُرفت بـ «لؤلؤة الموساد» التي اضطلعتْ بمهماتٍ بارزة في لبنان على صعيد جمع المعلومات العسكرية (عن لبنان وسورية) وتهريب الأموال واليهود الى الدولة العبرية.

ويعكس عنوان صحيفة «يديعوت احرنوت» اول من امس «وداع… الجاسوسة الاسرائيلية رقم واحد في لبنان» الأهمية التي اكتسبتها كوهين في الجسم التجسسي لبلادها، هي التي درستْ في مدرسة إفلينا دي روتشيلد في القدس، وأنهت دراستها الثانوية في سنّ السادسة عشرة بسبب تميزها الدراسي ونجاحها، حسب ما نُقل عنها يوماً في مقابلة مصورة. وفي حين تشير تقارير الى انها تزوجت من التاجر اللبناني اليهودي الثري جوزف كيشك الذي كان يكبرها بعشرين عاماً، وانتقلت للعيش معه في بيروت في حي وادي أبو جميل، تكشف معلومات أخرى في لبنان انها أُرسلت من «الموساد» (الى بيروت) وكانت بعد عزباء بأوراق ثبوتية مزوّرة وكان ذلك العام 1947. وقد نزلت في إحدى الشقق الفاخرة في عمارة «الأمباسادور» (بين ستاركو وكليمنصو حالياً)، وعرّفت عن نفسها أنها مندوبة لإحدى الشركات السياحية الأوروبية، وجاءت للبحث عن وكلاء لها في لبنان. وبعد سنة ارتأى «الموساد» أن يتم تزويجها من يهودي لبناني كستارٍ تعمل خلفه ومن أجل تبرير وجودها في لبنان، فضلاً عن إمكانية عملها في الدعارة السرّية بشكل لا يلفت الأنظار إليها، وهكذا تعرّفت على جوزف كيشك (صاحب ميني ماركت في منطقة وادي أبو جميل) في إحدى المناسبات اليهودية في كنيس «أبراهام ماغن» في بيروت، وبعد أشهر من اللقاءات تزوجتْ منه وأنجبت أول أولادها، لتنطلق لاحقاً في رحلة التجسس والعمالة.

وهكذا تمكّنت شولا، الملقبة بـ «لؤلؤة» نظراً الى جمالها وذكائها وإتقانها لعبة الإغراء و«مفاتيحها»، من الانخراط في الحياة الاجتماعية في لبنان ومن إقامة علاقات مع كبار المسؤولين الحكوميين، وهي مارست مهماتها مستعينة بالدعارة وعاهراتٍ ساحِرات من دول عدة بهدف الايقاع السهل بضحاياها واختراق «دائرة المتنفّذين» في الدولة اللبنانية ومراكز القرار. وقد جنّدت معها شخصيات لبنانية على مدى 5 سنوات، أغرتْهم خلالها بالمال والنساء واتخذتْ لـ «نشاطها» 5 بيوت دعارة جهّزتها بواسطة «الموساد» بكل عُدة التسجيل اللازمة، من آلات تصوير سرية وسواها، زُرعت في غرف النوم لتتيح ابتزاز زبائنها فيتحوّلوا مصدر معلومات. وقد تمّ كشف عملها التجسسي بالصدفة العام 1961 وصولاً الى القبض عليها في العام نفسه وسجْنها حتى العام 1967 حين جرى إطلاق سراحها إثر عملية تبادُل أسرى بين لبنان والدولة العبرية وسافرت بعدها الى القدس وعاشت فيها الى أن ماتت.

ومن المعلومات المتداولة عنها نقلاً أنها عشية إعلان قيام دولة اسرائيل، حصلت على معلومات عن استعدادات عسكرية لبنانية وعربية للحرب ضد اسرائيل، وشعرت ان بإمكانها ان تساعد في المجهود الحربي للدولة الوليدة، فاتّصلت بمسؤولين يهود في الاستخبارات العسكرية وأعربت عن رغبتها بالانتماء الى الجهاز، وعملت في الوحدة 504 للجهاز. وبعد تأسيس دولة اسرائيل، انتقلت الى جهاز الموساد.

وسبق أن أعلنت في مقابلة معها باللغة العبرية نُشرت قبل أعوام انها التقت جميع رؤساء أجهزة الاستخبارات اللبنانية والشرطة. وقالت «كنت ألتقي رؤساء، التقيت الرئيس كميل شمعون في ذلك الوقت، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية بيار الجميل»، موضحة ان زوجها لم يعلم طوال الوقت بأنها كانت تعمل جاسوسة وأنها هربت اثنين من أولادها السبعة الى اسرائيل، وأقنعت زوجها بأنهما في إجازة وسيعودان. كما هربت أكثر من ألف يهودي من لبنان الى الدولة العبرية.

وقال ابنها اسحق ليفانون الذي شغل منصب سفير اسرائيل لدى مصر وتم ترحيله مع طاقم السفارة الاسرائيلية في سبتمبر 2011 بعدما حاصرهم آلاف المتظاهرين «والدتي كانت ساطعة التفكير حتى لحظاتها الأخيرة».

بيروت – «الراي»