هل وزارة التهذيب الوطني :وزارة للتهذيب..! أم هي وزارة للتسريب ..!؟ / محمد عبد الله ولد أحمد مسكه

وزارة التهذيب الوطني اسم كبير وبارز وعريق قد اختارته الوزارة بعد الكثير من البحث والتقصي وبكامل إرادتها لما يحتوي من دلالات ومعاني من بين مئات الأسماء  وآلاف المصطلحات كما هو موجود في القاموس التربوي بالدول الأخرى (التعليم- - التربية – التكوين) ...إلخ  إلا أنه من الملاحظ أن بلادنا قد احتارت التهذيب بوصفه جامعا للكثير من المفاهيم والمصطلحات التي تدخل في علم التربية وربما الاجتماع لمدى حاجتنا إليه فنحن اليوم بحاجة إلى التهذيب لما في ذلك :

- التربية (الطفولة الصغرى)
- الاعتماد على حسن الأخلاق
- التركيز على التعليم الجاد والتكوين المستمر
- تشجيع المتفوقين والمتميزين
- الاهتمام بالمعلمين والأساتذة وخاصة فيما يخص التعليم الابتدائي والثانوي
- زيادة الأجور وتوزيع القطع الأرضية عليهم على الأقل وتوفير السكن كما هو الحال بالنسبة لزملائهم أساتذة الجامعات والمعاهد
- توفير النقل للطلاب سواء كان داخل المدينة أو خارجها نظرا لصعوبة النقل والتنقل إلى الجامعة الجديدة التي كان من الأحسن أن تكون في المطار القديم بوجوده في وسط المدينة وكذلك من الناحية الأمنية التي تشكل خطرا على الطلاب أما الطالبات (فحدث ولا حرج) وخاصة بأننا في مجتمع محافظ
- جميع المدارس أو أغلبها في العاصمة نواكشوط متهالكة إما بخطر المياه الجوفية أو الإهمال الرسمي للبنايات والمعدات
- قلة التكوين وازدواجية التعليم أصبح الطالب ضحية لذلك (طلاب العربية يسقطون في الامتحانات لصعوبة المواد الفرنسية وطلاب الفرنسية هم الآخرون يرسبون لضعفهم في اللغة العربية)
- التحويل الفوضوي للأساتذة والمعلمين في وسط السنة الدراسية وربما آخرها
- ضعف مستوى الرقابة وقلة التفتيش للمؤسسات التربوية
- فوضوية التعليم الحر
- عدم وجود يوم وطني للمعلم بوصفه مربيا للأجيال واعترافا له بالجميل بالإضافة إلى تكريمه وتبجيله .
- عدم الاهتمام بدور مكتب آباء التلاميذ وعدم تسهيل وجود الكتاب المدرسي مع وجود الأكشاك التابعة للمعهد التربوي الوطني إلا أن الكتب المهمة مفقودة والكمية الأخرى محدودة
- عدم الالتزام بالأمانة العلمية وربما التاريخية لإعادة طباعة الكتاب المدرسي والمناهج التربوية فيما يخص حقوق الكتاب والمؤرخين وربما الرؤساء السابقين وخاصة الرئيس الأب الأستاذ المختار ولد داده رحمه الله الذي كانت صورته على صدر الصفحة الأولى من كتاب تاريخ موريتانيا والتي نعرفها جميعا هذه الصورة تلاشت وتم نزعها هي الأخرى لكن أين البديل !؟ لأجيال المستقبل الذين يعانون من تدفق في المعلومات وضعف الذاكرة التاريخية
- عدم التوجيهات وقلة الدعم الملاحظ من طرف الوزارات المعنية بالتعليم والشباب والثقافة والمرأة في حضن الأجيال الصاعدة وتوجيهها من خلال الرياضة والبرامج التثقيفية والمسابقات والمسرح المدرسي الدائم وتشجيعه
- تعويض مصاريف النقل وعلاوة الطبشور والبعد والاهتمام بالمربي بدلا من تهميشه
- الاهتمام بالنقابات التربوية والجمعيات التهذيبية والنوادي الثقافية ومشاركتها من طرف الوزارة الوصية لإدماجها واستشارتها في البرامج والمناهج التعليمية والتربوية للبلد بوصفهم شريكا فاعلا
كل هذا وذلك قد يدخل في فضاء التهذيب الوطني لكن الوزارة هي الأخرى غارقة في أمور أخرى من بينها :
- الصفقات المالية
- البحث عن المشاريع التمويلية وترشيد الميزانية وتسييرها بتقشف بما في ذلك تقليص المنح الداخلية والخارجية
وإذا كان هذا يدخل في إطار حسن التسيير وترشيد النفقات اللازمة فإني أسمع جعجعة ولا أرى طحين .. سوى الترغيب والترهيب على الأصح بدلا من التهذيب لطلابنا في الخارج والداخل وخاصة (الجزائر – تونس – المغرب - السنغال) ...إلخ بالإضافة إلى عدم الحصول الكثير من الأساتذة والمعلمين على حقوقهم في الوقت المناسب لعدم تسريع الإجراءات الإدارية وربما تعقيدها
- اكتظاظ  المؤسسات التعليمية بجميع أصنافها سواء كانت داخل العاصمة أو خارجها
- ضعف الموارد والإمكانيات لمؤسساتنا التعليمية
- القضاء على الكفالات المدرسية التي كانت داعمة للكثير من التلاميذ أبناء الأسر الفقيرة والمحتاجة
- انعدام الزيارات الرسمية ولجان التأطير والتهذيب للهيئات المعنية والتي كثيرا ما تنحصر في بداية الافتتاح ونهاية الانغلاق .. اللهم إلا إذا كانت هناك حملة انتخابية أو تعديلا للدستور
- عدم وجود مركز وطني للدراسات متخصص أو معلوماتي يكون هو الرابط الآلي أو الفعلي بين المراكز والمؤسسات التعليمية المستهدفة لمعرفة:
-  نسبة المتفوقين وأصحاب الامتياز
- مستوى التعليم ونسبة التمدرس وعدد الطلاب
- نوعية الأمراض المنتشرة داخل المدارس والمحافظة على الصحة
- سلوك الطالب (هويته – أخلاقه – أصدقائه – محيطه – هوايته) ... إلخ  بالإضافة إلى مستواه التعليمي إلى غير ذلك من المجالات التي تخدم النظام التربوي والوطني والأمني لصالح الوزارة المعنية وهي وزارة التهذيب وليست وزارة التسريب
فنحن نعرف جميعا ما قامت به الوزارة في العهود الماضية القريبة وعلى مر التاريخ وربما الجغرافيا من أفعال شنيعة لا تخدم المصلحة العامة ولا تهدف إلى الإصلاح التعليمي ولا التربوي بل نزعت الثقة القائمة بين القمة والقاعدة وخاصة بين الوزارة وتلامذتها وانعكس ذلك على انتشار أعداد الطلاب الذين يلجؤون إلى محاولة الغش وتسريب الأجوبة في ورق المواد المتعلقة بالامتحان بأكملها ولم ينته الأمر عند هذا الحد فقد قام العهد الجديد (موريتانيا الجديدة) وأعلنت طواعية وبكامل قواها عن إصلاح هذا القطاع ورفعت شعارا كبيرا تحت شعار سنة 2015 ورصدت له عدة مليارات وبوركت بالتصفيقات الرسمية لإعلانها سنة إصلاح التعليم وفرحنا جميعا لهذا الإصلاح .. لكن هذه الفرحة العارمة لم تدم طويلا فقد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن  فقد أعلنت مصلحة الامتحانات عن تسريب بعض من مواد مسابقة الباكلوريا وكانت الطامة الكبرى وما خفي كان أعظم لأن فاقد الشيء لا يعطيه وكان هذا التسريب كارثة على الطلاب وعلى الوزارة الوصية لكنها جندت جميع جنودها التربويين والمدرسين بكافة المعدات اللوجستية وغيرها بما في ذلك إشعار الطالب وربما تفتيشه إذا دعت الضرورة وطرده من الامتحان إذا وجد متلبسا إلى غير ذلك من الإجراءات لكن وكما يقول المثل الشعبي (لعطياط إذا جاء من الكدية الهروب إلى أين) ؟ لكن في الأيام الأولى من الامتحان أعلنت الوزارة (وزارة التهذيب) وبشكل رسمي عن تسريب بعض من مواد امتحان الباكلوريا لتكون صاعقة بالنسبة للطلاب وللشعب الموريتاني بأكمله ونرجوا من الله أن لا يتكرر ذلك في المستقبل.
ويبقى السؤال المطروح هل هذا هو التهذيب .. ؟ وهل سنة 2015 هي سنة إصلاح التهذيب ..؟ أم هي سنة للترغيب والترهيب .. والتخريب ..!؟ أم أن وزارة التهذيب .. هي فعلا  وزارة للتسريب ؟