أصبحت موريتانيا، منذ الانقلاب العسكري الذي أوصل أنذال العسكريين لسدة الحكم، أشبه ما تكون بالسوبر ماركت، حيث لا يكون هنالك ما هو بمنأىً عن البيع و المتاجرة، حتى قيّم المجتمع و أخلاقه..
لم يعد هنالك ما لا يبدو الجنرال مستعداً لبيعه، حتى الشرف الذي لا يعني له شيئاً، ما دام لا يشبع بطنه التي لن يملأه غير التراب.
العلاقات مع إسرائيل كانت أفظع جرائم ولد الطائع في حق بلاده التي حكمها عشرين عاما بقبضة من حديد، و قد تردّد الرؤساء بعده في قطعها، فأبقوا عليها مكرهين غيرَ أبطال، مبررين ذلك بأنه “يجوز تَبعاً ما لا يجوز استقلالاً”..
كان مشرّفاً لولد عبد العزيز، المنقلب لتوه على رئيس مدني منتخب، أن يقطع العلاقات مع الدولة الصهيونية بضربة فيصل، و أن لا يتوخى منه غرضاً غير إعادة النضارة لوجه البلاد الذي ملأته تلك العلاقة خُموشاً.. و لكن ولد عبد العزيز قرّر أن لا يكون قطع تلك العلاقة المشؤومة خالصاً لوجه الله و الوطن، فباعه للعقيد القذافي، الذي أغدق عليه أموالاً و دعم انقلابه الأرعن على الحلم الديمقراطي.
دار الزمن دورته، ليكون القذافي الذي هرّب جزءً من أمواله لموريتانيا، و مدير استخباراته عبد الله السنوسي الذي استدرجه الجنرال إلى أجمته، موادَ جاهزة للبيع في الـ “سوبر ماركت”.
اطمأن السنوسي لوعود ولد عبد العزيز و ضمانات وزيرة خارجيته المخلصة للجماهيرية الناهة بنت مكناس، فلم يتردد في أن يسلم رقبته لهما، واثقاً بشهامة رجال الصحراء و سموأليتهم.. و قد روت العنود ابنة عبد الله السنوسي تفاصيل اللحظات التي قضاها مع أسرته، قبل أن يتم تسليمه، فأدمت قلوب الحجارة الصماء.
تم بيع السنوسي في صفقة لم يوافق ولد عبد العزيز على مناقشتها ابتداءً، قبل أن يقوم الوسيط السعودي بتحويل 30 مليون دولار في حساب خاص لابنه الراحل احمدّو. ليهيلها مقسّم الأرزاق في جراب الشابة السلوفاكية ماغدلينا كرالوفيكوفا.
اليوم، يبيع الجنرال الذي لم تسلم من متاجرته سوق و لا مدرسة و لا مطار و لا ساحة عمومية، عِلقاً نفيساً هو العلاقات الدبلوماسية مع الدول الشقيقة:
قطر هي دولة بلوناها في السراء و الضراء، فلم تخيّب لنا أملاً.. فقد مدّت لنا يدها البيضاء أيام شح الطبيعة و قساوة الظروف.. و قد حضر أميرها الشاب قمتنا العربية، حين غاب عنها الملوك و الرؤساء..
قطع ولد عبد العزيز علاقاته بقطر، بما لا يخامرني شك أنه قبض ثمنه، دراهمَ منثورات و وعودا و إغراءات.. و كان قد حاول قبلها أن يبيعهم من أبناء جيشنا ما يجعلونه وقودا لحربهم الضروس ضد الحوثيين، ثم تراجع حتى لا يثير زنابير المؤسسة العسكرية من أعشاشها..
نحن مواطنون في دولة – سوبر ماركت، كل شيء معروض على رفوفها للبيع، و قد لا يُسْتبعد بعد بيع البُرّ و القفيز، و المتاجرة بالشرف و الكرامة، أن يتم تعليب المواطنين أو تغليفهم و بيعهم.
لمتابعة الكاتب على تويتر:
@hanevyD
مقالات ذات صلة:اخبار حصرية, الافتتاحية, حنفي ولد دهاه