من اختطاف إلى اختطاف…/ أحمد ولد الشيخ

بعد أسبوعين من اختطاف السيناتور محمد ولد غده من قبل شرطيين يرتدون ملابس مدنية يوم 10 أغسطس الماضي، رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية، فلا يزال محتجزا في مكان سري، بين الشرطة و أمن الدولة و شرطة الجرائم الاقتصادية.  وأخيرا بعد سبعة أيام من اختطافه تمكن محاميه من لقائه. سبعة أيام من قلق أسرته التي لم تحصل على خبر عنه، شأنها شأن القضاء الذي يستطيع وحده ـ ويجب عليه ـ الأمر بأي اعتقال في دولة عادية و قد احتاجت النيابة العامة إلى أسبوع لتذكرنا بوجودها. فقد كلفت نفسها عناء إصدار بيان صحفي، يبدو أنه صيغ على عجل، يشير إلى “معلومات موثقة حول تورط عدة أشخاص في أفعال التواطؤ و التخطيط لارتكاب جرائم على نطاق واسع عابرة للحدود و أجنبية على أخلاق و قيم مجتمعنا، في إطار هيئة منظمة تسعى إلى زرع الفوضى و زعزعة الأمن العام”. هذا النوع لا يمكن اختراعه. إن النظام المضغوط عليه من كل مكان قد أراد تخفيف الضغط الذي يتعرض له. لقد كانت محاولة غير موفقة لتدارك الوضعية و إعطاء الانطباع بأنه قد احترم المسطرة القانونية. ولكن على افتراض أن الأمر كذلك، الشيء الذي أبعد ما يكون عن الحقيقى، فلماذا انتظار أسبوع قبل إعطاء مثل هذه المعلومات الغامضة؟ بأي حق تأمر النيابة باعتقال سيناتور يتمتع بالحصانة البرلمانية؟ ماذا تعني “أفعال التواطؤ و التخطيط”؟ ” جرائم على نطاق واسع عابرة للحدود”؟ في البيان الذي صدر باللغة العربية، تمت الإشارة إلى ”جرائم الفساد العابرة للحدود”، وهي جنحة لا توجد في أي مكان في القانون الجنائي الموريتاني. و بالتالي يعني الأمر لي رقبة النص القانوني الأصلي عند ترجمته. أية تصفية حسابات يراد فرضها علينا؟ ومن هم هؤلاء الأشخاص ضحايا الغضب العزيزي؟ إن رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الشهيرة التي اقترحها الرئيس الذي سقط في يده جراء مثل هذه الوقاحة، والنسبة الكارثية للمشاركة في ​​الاستفتاء المقرر من قبل قائدنا الذي خاض الحملة، شخصيا، لمثل هذا الانتصار الرديء (يتحدث الناس عن نسبة مشاركة فعلية قدرها 23%)، قد شوهت كثيرا تألق نظام لم يعد يعرف إلى أين يتوجه.  إن حزبه و وزراءه و على رأسهم الوزير الأول، أعطوه فكرة، كاذبة بالطبع، مفادها أن الاستفتاء سيمر مثل رسالة عبر البريد، و كانت النتيجة تلك التي نعرفها. تضاف إلى هذا المناخ الثقيل أكثر وضعية اقتصادية سيئة و استياء شعبي لا يزال ينمو و معارضة شرسة  لا تدع أي شيء و القضايا التي لا تفتأ تهز رأس الدولة و سيناتور شرس أقسم بأن يكشف ملفات ليست عطرة إطلاقا. ما العمل؟ حبس ولد غده لتقديمه قربانا للرأي العام، على أمل أن يتم نسيان فشل الاستفتاء؟ ثم ماذا ؟ هل سيسكته ذلك؟ ليس الأمر مؤكدا إطلاقا. البحث عن أكباش فداء آخرين لشرح تمرد أعضاء مجلس الشيوخ؟ التشهير، كما يتم في أحلك أيام الأنظمة الديكتاتورية، ذلك الطابور الخامس الذي “يسعى إلى زرع الفوضى في البلاد”؟

إن معاوية الذي كان يتخبط في صعوبات مستعصية، قد كلف مخابراته في عام 2003 بوضع خطة شيطانية تدعى الاختطاف 1 لإرسال معارضيه إلى السجن. و ظهر في وقت لاحق أن الأمر لم يكن سوى مونتاج خشن تمت فبركته من ألفه إلى يائه. ترى، فهل يلوح الاختطاف 2 في الأفق؟  نعرف كيف انتهى الأول بعد عامين. و هل ستتاح هذه الفرصة للإنتهاء منه في نفس المدة الزمنية و لكن مع المزيد من المواطنة؟ الاختطاف  أو التلاعب بصناديق الاقتراع في عام 2019؟