ليس جديدا أن تشهد العاصمة نواكشوط ، وقفات احتجاجية لعشرات المواطنين أمام وزارة الصحة الموريتانية للتنديد بالانتشار الكبير للأدوية المغشوشة ،فبلد مثل موريتانيا تحول في السنوات الاخيرة الى وجهة لهذه النوعية القادمة من دول آسيوية كالهند وبنغلادش وفيتنام ،وذلك بشهادة أغلب العاملين والمختصين في الصناعات الصيدلية .
يقول المختص في علوم الصيدلة “محمد ولد العربي” إن تزوير الادوية يشكل تحديا كبيرا للسلطات الموريتانية على اعتبار أن خطر انتشارها وتداولها يمثل تهديدا مضاعفا على الصحة العامة وعلى المرضى. ويضيف “العربي” في تصريح ل”أصوات الكثبان” أن الادوية المغشوشة لا تحرم المرضى من العلاج فحسب، وإنما تؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بعاهات مستديمة، إلى جانب استنزاف الموارد المالية للبلد ،مشيرا الى أن منظمة الصحة العالمية أكدت في آخر تقرير لها أن 70 في المائة من هذه الأدوية توزع بكل حرية في الدول النامية، ويصل حجم تجارة هذه الأدوية 35 مليار دولار سنوياً. نقابة الصيادلة تدق ناقوس الخطر نماذج من الأدوية المزورة التي تباع في صيدليات نواكشوط اثار كشف نقابة الصيادلة الموريتانيين قبل أيام مصادرة أكثر من 120 صنفا من الأدوية المزورة بعدد من الصيدليات بالعاصمة نواكشوط ضجة واسعة في الشارع الموريتاني، خاصة أن أغلب الادوية التي أعلن عن مصادرتها تعتبر الأكثر استعمالا لمرضى القلب و السكري . وقالت النقابة في تحذير أصدرته بالمناسبة إن استيراد هذه الأدوية كشف تهاون السلطات مع أباطرة تهريب الادوية، خاصة أنها تصل البلاد بحرا وبرا وجوا دون أن تكون هناك ردة فعل واضحة للتصدي لها من قبل السلطات ، رغم المخاطر الصحية المترتبة على استعمال هذه الادوية التي تصنعها شركات محظورة عالمية . وأضافت نقابة الصيادلة، أنه ورغم احتكار الحكومة الموريتانية لاستيراد المضادات الحيوية ،إلا أن حملتها الأخيرة كشفت أن أكثر من 16 صنفا من المضادات الحيوية المزورة يتم بيعها داخل أغلب صيدليات البلاد، وهو ما يعني أن غياب الرقابة الحكومية قد فاقم الى حد بعيد من انتشار الظاهرة. ولفتت نقابة الصيادلة الموريتانيين الانتباه الى أنها قررت تنظيم حملات دورية من أجل تفتيش الصيدليات وفضح مستوردي الأدوية المزورة وغير المسجلة، معتبرة أن سوق الأدوية تعيش حاليا أسوأ فتراتها نظرا لغياب الرقابة على حد وصفها. تفنيد حكومي وزير الصحة الموريتاني البروفسير كان بوبكر تزامنا مع الحملة التي أطلقتها نقابة الصيادلة الموريتانيين ضد الأدوية المزورة،بادرت وزارة الصحة الموريتانية الى التأكيد على حرصها على سلامة وجودة الأدوية المرخصة والمسوقة على كامل التراب الموريتاني، مؤكدة عزمها على مواصلة “حربها لضمان نفاذ جميع المواطنين للأدوية ذات الجودة المطلوبة ونفت الوزارة في بيان صادر عنها منتصف شهر مارس الحالي تهمة التهاون مع مزوري الادوية ،مضيفة أنها تقوم منذ سنوات بحملات ضد تسويق الأدوية والاتجار بها وتخزينها خارج الأماكن المرخصة لذلك، مؤكدة ترحيبها بأي مبادرة فردية أو جماعية من مؤسسات أو هيئات تدلي وبشكل مسؤول وعلمي عن معلومات تساهم في الكشف عن أي محاولة لإدخال الأدوية المزورة أو المشبوهة للبلد. وقالت وزارة الصحة الموريتانية إنها قامت في الآونة الأخيرة بحملات للتصدي والكشف عن الأدوية المشبوهة، وذلك بأخذ عينات أدوية من الشركات الموزعة للأدوية وإرسالها للمختبر الوطني لمراقبة جودة الأدوية من أجل تحليلها والتأكد من جودتها، وكذلك فرض التزام جميع الصيدليات والمستودعات بالمعايير الفنية الدولية المعمول بها لتخزين الأدوية. وأشار بيان الوزارة الى قيامها بحملات تفتيش بالتعاون مع السلطات المختصة على المعابر الحدودية للكشف عن الأدوية المشبوهة والمهربة، كان اخرها مصادرة كميات من الأدوية مهربة من أحد المعابر الحدودية مع السنغال. عقوبة غير صارمة البرلمان الموريتاني راجع أكثر من مرة القوانين المنظمة لقطاع الصيدلة في العام 2010 صادق البرلمان الموريتاني على القانون المتعلق بتنظيم قطاع الصيدلة،الا أنه وبعد مرور 7 أعوام على تطبيقه مازالت الفوضى تطبع تسيير هذا القطاع . ولم يحدد القانون المذكور أي عقوبات ضد مزوري الادوية، واكتفى بالتنصيص على بعض العقوبات الخفيفة ذات الطابع الردعي على مستوردي الأدوية منتهية الصلاحية والمزيفة وتحديد مدينة نواكشوط منفذا وحيدا لاستيراد الأدوية، وتوسيع احتكار التسويق الممنوح للمركزية لشراء الأدوية “كامك” وإعداد دفتر التزامات يطبق على المؤسسات الصيدلانية، هذا بالإضافة إلى تفعيل الرقابة لتطبيق القانون المتعلق بالصيدلة. وفي ظل الشد والجذب بين نقابة الصيادلة الموريتانيين ووزارة الصحة ،يبقى مطلب المواطن البسيط وضع إجراءات صارمة للوقوف في وجه المتلاعبين بقطاع الدواء وحماية الصحة العامة ، ولايكون ذلك الا بإخضاع كافة الموردين لدفتر الالتزامات وتشديد العقوبات على المخالفين باعتبار أن استيراد وتوزيع الأدوية من القضايا التي لايجب التهاون بخصوصها ،ولا يمكن التلاعب بها تحت أي ظرف نظرا لصلتها المباشرة بصحة المواطنين.
الإعلامي