خلال نقاش جمعني مع أحد الأصدقاء الأتراك وهو مدير إحدى المدارس التركية في موريتانيا.
فقال لي نحن هنا لا نستطيع تقديم الكثير من العلوم العربية والإسلامية للطلبة في موريتانيا لأنهم أدري بالأمر ولاكن دورنا يتركز ويستهدف ( المدنية) فهي =0عند
الموريتانيين.
ومهما اتفقنا أو اختلفنا مع هذا الطرح يبقي أن نعلم أن جعل المجتمع مدنياً ومتحضراً تبقي صناعة قائمة بذاتها تحتاج لكل مقومات الصناعة المتطورة للحصول على منتج بجودة عالية جداً يضمن للناس عادات حضارية لا تطغى عليها الصبغة غير المدنية ويبعدها عن الممارسات غير الحضارية التي تطمس معالم الحياة المدنية وإن كانت تتناسب مع الواقع الأخلاقي والقيمي فالمجتمع الذي لا يساهم في أي شكل من أنواع المدنيةهو مجتمع غير متحضر.
فالمجتمعات المتحضرة لا تصبح متحضرة ومدنية فقط من خلال دستور شمولي يكفل حرية الفرد وحقوقه وضمان استقلال سلطاته الثلاث وتشجيع الإبداع والتعلم وبناء دولة المؤسسات واحترام القوانين والتشريعات وتقبل الآخر وثقافته وموروثه بكل مظاهره واحترام اختلافه ذلك كله لا يعني بالضرورة أن الشعب والمجتمع متحضر ومدني بغض النظر عن الطريقة والأسلوب لأنه لا يمكن أن يكون الإنسان مدنياً دون الضرورة أن يكون متحضراً أو العكس.
وقدكان النازيون يرون أنفسهم أكثر أفراد المجتمع الألماني تحضراً وكان الغزاة على مر التاريخ ولأسباب مختلفة يرون أنفسهم محررين لشعوب مستعمرة وأنهم أخرجوهم من الجهل ومن نقيض التحضر فهم يقدمون لهم الأسلوب الأمثل للحياة الحضارية المدنية على طبق من ذهب واليوم الغزاة نفسهم بمسميات مختلفة وتحت عباءة العولمة يرغبون في خفض جذري في دور السياسة في المجتمع من خلال نموذج أوحد يسمى الديموقراطية لكن ما الفرق بين من يريد فرض هيمنته بمسميات عدة يفرضها باسم التحضر والمدنية أو الديموقراطية فهو بذلك يكفل لنفسه استمرار الاستعمار الفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي.
فهناك حلقة مفقودة في نجاح الديموقراطية الاجتماعية والتي ترى فيها الأمم المتحدة والبنك الدولي على سبيل المثال أنها مفتاح "الحكم الرشيد"، والحد من الفقر والنمو متناسين أن المجتمع المدني المسيس هو منتج للدولة القومية والرأسمالية التوسعية والبعض الآخر يرى أنها تعبير عالمي للحياة الجماعية للأفراد وفقاً للتاريخ والسياق ولكن لا يمكن بناء المجتمع المدني عن طريق المساعدات الخارجية المفخخة والتدخل المباشر وغير المباشر في تحديد مصير الشعوب من قبل ساسة انتهازيين مع أن المجتمع المدني لا يعني في الواقع أشياء مختلفة لأناس مختلفين ويطلق ذلك العنان لفكرنا نحو استخدام التفكير التحليلي الراسخ بعيداً عن الضبابية التي اكتنفت هذا المصطلح وتفسير من البعض لما يعني مصطلح المجتمع
ولكن تطوير المجتمعات يتطلب التوافق والعقد السياسي المكتوب أو العرفي بين الشعب والحكومة وهذا جوهر الديمقراطية بغض النظر عن أسلوب التطبيق
ولكن هناك شروط مسبقة لمجتمع مدني متحضر من خلال مهاجمة جميع أشكال عدم المساواة والتمييز وإعطاء الناس وسيلة ليكونوا مواطنين فاعلين والتدرج المدروس في المشاركة السياسية وإصلاح السوق والاقتصاد الموجودفي القطاع غير الربحي وعدم الانجراف خلف القشور والمظاهر وتقليص الفروقات والتشرذم وعدم التقوقع في مفهوم واحد والأخذ من منابع المفهوم الأنسب للحضارة والتحضر والمجتمع والتمدن وتشجيع وتقنين دور الفاعلين في قلب الحياة المدنية لاكتساب قدرات تساعد في الإسهام النوعي في المجهود التنموي وحل مشكل المياه في الجنوب وتحديدا في المشروع وتارحييت .