منذ أن فتح النظام أبواب البلاد أمام شذاذ الآفاق والهامشيين المحليين، ليعيثوا في الأرض فسادا، ويبثوا سمومهم، الرامية إلى تفكيك بنية المجتمع الموريتاني وزرع البغضاء بين صفوف مكوناته العرقية والفئوية، والذي توج بالخضوع ل"سبتيات" "لا تلمس جنسيتي" المشبوهة وبالاستقبال الرئاسي لزعامة "افلام" العنصرية وبالدعم الخفي لشطحات "بيرام"، التي أدخلته السجن، والتي أقل ما يقال عنها إنها "حق أريد به باطل" وبالنبش داخل بقية فئات المجتمع، ليطفوا على السطح علنا: حراك "لمعلمين" وتجمعات "قبائل الساحل" و"قبائل الشرق" واحتضان موريتانيا لتجمعات "القبائل العابرة للحدود".. بالإضافة إلى سياسات التفقير واللاعدالة وغياب أي أفق للتنمية الجادة والتراخي أمام المناخ "الخوارجي"، الذي تنفثه القاعدة، واستطاعت، بفعله تجنيد عدد كبير من شباب البلاد.. كل هذا ظهر خلال فترة وجيزة وأصبحت البلاد "بفضله" في ظل هذا "الواقع التفكيكي"، الذي أخرس العقول وشل أفهام المتابعين.
واليوم تحركت ثلة "لا تلمس جنسيتي" من باريس- وهي شبهة ثانية- لتعلن عن تنظيمها لسلسلة اجتماعات منتظمة، قالت إنها ستحدد من خلالها مستقبل موريتانيا وترسم حدودها الجغرافية!.. مستعينة لتحقيق ذلك بإنجازاتها "التاريخية" التي استطاعت- من خلال تظاهر عناصر لا يتجاوزون أصابع اليد، ولا يتحركون إلا يوم السبت- وهي شبهة ثالثة- في محيط السوق أو العيادة المجمعة- أن تهز بسهولة "صرامة" تسجيل المواطنين خلال إحصاء الحالة المدنية ، لتفتح الباب واسعا أمام التسجيل الجماعي لأشخاص مشكوك في انتمائهم أصلا للبلاد.. قد يكونوا حصلوا على أوراقهم تلك- التي يستظهرون بها- عبر الطرق السهلة التي كانت سائدة، إما بالتساهل الإداري أو ىالارتشاء الشائع.. دفاع عن أشخاص لو كانت وضعيتهم سليمة، لما احتاجوا إلى "سبتيات" "لا تلمس جنسيتي"، المشبوهة.
وهاهي "لا تلمس جنسيتي" تظهر من جديد على حقيقتها، عند ما تعلن عن خطوتها الثانية، المتمثلة في "نقاش" – من باريس- لانفصال ساكنة الضفة عن موريتانيا، دون أن تحدد أي الضفتين تقصد:
هل هي الضفة السنغالية، التي أصبح الكثيرون من ساكنتها.. مواطنين موريتانيين، إما من خلال التشجيع الاستعماري أو التسهيل الإداري، بعد المطالب المغربية بموريتانيا، أو بفعل هشاشة الإدارة الموريتانية، التي ظلت إلى عهد قريب تمنح الجنسية الموريتانية، لأي شخص، بمجرد إتيانه بشخصين من الشارع كشهود على أنه موريتاني- رغم أنهما قد لا يعرفان إسمه الشخصي، ولا شيئا عن عائلته أو مكان سكناه الأصلي(لأنها جنسية كانت مجرد مكرمة شارعية).
أم أن الضفة التي تريد "لا تلمس جنسيتي" انفصالها عن موريتانيا، هي الضفة الموريتانية: "شمامة"، التي لازال ملاكها الأصليون موجودون.. فضلا عن الحضور المكثف للمستثمرين الذين منحتهم الدولة حق الاستثمار فيها.. بعد نزعها للملكية القبلية التقليدية للأراضي وتحويلها إلى ملك عمومي؟
إنها سذاجة لا يعززها، سوى نظام الحكم الهش عندنا والذي لا يهتم القائمون عليه إلا بمصالحهم الشخصية ولا يقيمون وزنا ، إلا لها.. تلك "المصالح"، التي قد تكون نقيضا أحيانا كثيرة للمصالح العليا للبلد.
إن ربيبة "افلام": "لا تلمس جنسيتي"، سيصيبها ما أصاب "افلام" من فشل ذريع، لانها تكرر غلطتها، عند ما سعت إلى إقامة مشروعها العنصري على الفراغ.. فسكان الضفة اليمنى، هم زنوج وعرب مسلمون عريقون في هذه البلاد وليسوا جزءا من اللعبة الدولية المعادية، التي كثيرا ما تسعى إلى استخدام هذه الفئة تارة أو تلك الشريحة تارة أخرى، من أجل الضغط على أنظمة موريتانية، اتسمت بالضعف والهشاشة والبعد عن نبض الشارع، لخبرة تلك الدوائر بسهولة ابتزازها، بغية الحصول منها على مكاسب بمجرد التلويح بمطالب ليست بالضرورة لمصلحة المعنيين ولم تك محقة أصلا وليس لها أي مسوغ تاريخي أو وطني.
إن "شمامة" ليست مشاعة لكل من هب ودب، وبالتالي فليقيموا "دولتهم" في خيالهم الحاقد والمريض.. وليعلموا أن الجارة السنغال لن تسمح لهم بفصل ضفتها الخاصة بها عن أراضيها.. فعن أي ضفة إذن يتحدثون؟
لقد انكشف مستور " لا تلمس جنسيتي" وتبينت مراميها الحقيقية في "التجنيس" و"التسبيت"!.. فالتأخذوا حذركم أيها "المسؤولون".
محمد ولد عبد الله
21/03/2016