في أواخر العام 1990؛ خلال ذروة التوتر في أزمة « أحداث 89 » الأليمة بين السينغال وموريتانيا، رفعت الأولى سقف الصراع مع جارتها الشمالية إلى درجة المطالبة بالسيادة على أراضي الضفة اليمنى (الموريتانية) لنهر السينغال؛ مستندة في دعواها إلى مرسوم صادر عن الإدارة الاستعمارية الفرنسية، سنة 1933.
وفي تلك الأثناء زار نواكشوط مساعد كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية المكلف بإفريقيا آنذاك؛ هيرمان كوهين، حيث التقى بالرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع باعتباره موفدا شخصيا من الرئيس الأمريكي، جورج بوش (الأب) لبحث « مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك »؛ ثم أدلى المسؤول الأمريكي، بعد خروجه من اللقاء بتصريح لوسائل الإعلام الموريتانية الرسمية، كان من ضمن ما قال فيه : « حسب ما لدينا من معطيات فإن الضفة اليمنى للنهر أرض موريتانية، وقد واجهنا نفس المشكلة سابقا مع كندا ».
لم يتأخر رد السينغال على موقف واشنطن « غير المتوقع »؛ حيث صرح وزير الخارجية السينغالي، إذ ذاك، بابكر فال؛ في معرض رده على سؤال لأحد الصحفيين حول الموضوع؛ أثناء حضوره مؤتمرا دوليا في جينيف؛ بقوله : « هذا صحيح تماما.. نحن لم ننكر أبدا أن الضفة اليمنى أرض موريتانية، لكن لا أحد يستطيع القول إن نهر السينغال ليس سينغاليا.. ونحن واثقون من أن أصدقاءنا الأمريكيين يدركون تماما أن النهر بكامل مياهه ملك للسينغال، مثلما لا ينكر أحد أن كل الأراضي الواقعة شمال النهر ملك لموريتانيا ».
وبذلك حافظ على جوهر مضمون الوثيقة الصادرة عن المستعمر الفرنسي، وتجنب - في الوقت ذاته - أي موقف مناقض لموقف الإدارة الأمريكية.
للتذكير؛ فإن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني، في تلك الفترة، هو العقيد الشيخ سيد أحمد ولد بابا.