المواشي السـائبة .. ظاهرة تعكر صفو العاصمة

 في الوقت الذي تنفق فيه مئات الملايين لعصرنة مدينة نواكشوط عاصمة البلاج وواجهتها الرسمية، تظل مشكلة انتشار الحيوانات السائبة في العاصمة ظاهرة تزيد من معاناة المسؤولين عن تنظيف العاصمة وعصرنتها، في ظل عجز الجهات المعنية عن وضع حد لهذه الظاهرة.

الحيوانات مجهولة الملاُك.

الزائر لسوق المغرب ـ أحد أكثر أسواق العاصمة حيوية ـ وهو سوق الخضروات والفواكه والحبوب الأول في نواكشوط، تحفه من كل نواحيه حيوانات، لا يعرف لها مالك، ولا تتباناها جهة معروفة، في وقت لم تتخذ مجموعة نواكشوط الحضرية أي تدابير ـ باستثناء تجارب سابقة ـ للحد من انتشار الحيوانات السائبة.

و لا تكاد تزور المناطق المحاذية له ـ خصوصا ـ في ساعات الليل المتأخرة، وبعد أن يغادر التجار والباعة السوق حتي تجد عشرات الحيوانات السائبة حلت محلهم تبحث عن قوتها من مخلفات النفايات والخضروات التالفة، والتي تبقى المرعى الوحيد لحيوانات سوق مسجد المغرب الغريبة بعض الشيء.

تذمر واستياء بين المواطنين

المواطنون العاملون في السوق يجهلون الجهة المالكة لتلك الأبقار الناعمة، والتي لا تحرص ولا تتغذى سوى ببقايا النفايات المترامية على جنبات الطريق.

و تطرح هذه المواشي السائبة والقاطنة وسط العاصمة أكثر من تساؤل، في وقت تعيش فيه عشرات المواشي الأخرى في أطراف العاصمة، لكن طبيعة الإنسان الموريتاني، وحبه للبادية والرعي، جعلت من الأمر أمرا بسيطا، خصوصا أن غالبية الموريتانيين تودع العاصمة في كل فرصة عطلة لتتوجه للبوادي والأرياف، حيث اللبن واللحم والرعي في أبهى حلله.

بين عشق البادية.. وعصرنة العاصمة

لكنهم في الوقت الذي يعشقون فيه البادية حد الجنون، مستاءون من انتشار المواشي السائبة داخل عاصمة يؤملون أن تكون من أرقى من العواصم العربية والافريقية بل والعالمية، في وقت تنفح فيه موريتانيا على الجوار والعالم، و سبق وأن استضافت تظاهرات إقليمية ودولية، وما يتطلبه ذلك من بنى تحتية وترقي عمراني، وجودة في الشوارع والطرقات، كلها أشياء تعكرها طبيعة التبدي التي تطغى على الغالبية الأعم من ساكنة العاصمة.

وتبقى عصرنة العاصمة، وتحسين واجهتها مطلب شعبي، ورغبة حكومية،  لكن المسؤولين عن العمل على عصرنتها لم يتمكنوا بعد من التغلب على هذه الحيوانات، وأغلبها أبقار، حيث قامت الحضرية ـ مسبقا ـ بحملة واسعة لمطاردة الماعز والضأن، وسحبها للحظائر المخصصة لحبسها، ووضع ضرائب على ملاكها، إذا أتوا لأخذها من مكان حبسها.

رحلات منتظمة لهذه المواشي.. وتغاضي مستمر للسلطات

لكن هذه المواشي “مجهولة الملاٌك” فيما يبدو بقت عصية على كل المطاردين، تتغذى على بقايا الخضروات التالفة، تغطي الشوارع الرئيسية بين سوق المغرب والمجمع الصحي “اكلينك” في الليل، وتنزوي قليلا بحكم صخب العاصمة نهارا في الأزقة والشوارع الضيقة المجاورة للسوق، ومع غروب شمس كل يوم و خلود المواطنين لسكنهم تتولى الدور لتحيي السوق في الليل، لا تخاف عصابات السرقة، ولا تخشى السلطات الأمنية، ومع طلوع الفجر تحيل الخط للتجار و أصحاب المحلات.

وإلى حين تتم تسوية معضلة الحيوانات هذي والمواشي السائبة يبقى صفو العاصمة عكرا على الأقل في هذي النقاط وسط تغاضي الجهات الوصية.

إعداد: مصطفى سيديا