مجانية التعليم هي العائق الأكبر !! / عبد الله ولد امباتي

إصلاح منظومة التربية و التكوين من القضايا الرئيسية التي تؤرق المواطن وتشغل اهتمامه بحيث يعد التعليم الدعامة الأساسية لكل نهضة اقتصادية و اجتماعية و تنمية مجتمعية مستدامة ، غير أن إصلاح التعليم يحتاج إلى نظرة شمولية متعددة الجوانب والمجالات تتجاوز المقاربات النظرية  و الحلول الفلسفية ، فالإصلاح يجب أن يكون شموليا و مبنيا على النوعية و الجودة في مختلف مكونات المنظومة التربوية ، ورغم أن الأنظمة المتعاقبة على حكم موريتانيا جربت الكثير من وصفات الإصلاح بغية الوصول بالتعليم إلى أعلى المستويات إلا أنها جميعا فشلت في تحقيق ما كانت ترجوه من نتائج ، فالتعليم العمومي صار نوعا من أنواع العبودية المعاصرة شكلا ومضمونا ، ولأن تجارب الإصلاح الماضية أظهرت فشلها فإن الحل الواقعي والمضمون للخروج من هذه المشكلة هو خصخصة التعليم حيث ستضمن الوصول إلى بر الأمان .
الكذبة الكبرى التي يعيشها الموريتانيون اليوم هي مجانية التعليم ، هذه المجانية لا تقدم أي نتيجة ملموسة ، حيث المخرجات لا تساوي شيء ، بينما تنفق الدولة المليارات سنويا على دون أن تكون هناك آثار لهذا الإنفاق ، هذه الموارد المالية الهائلة يمكن استدراكها وتوجيهها للقطاع الخاص تحت إشراف الحكومة ، ليتحول التعليم إلى شركات خاصة تقدم خدماتها للجمهور تكون خاضعة لرقابة الحكومة و إشرافها ، ويقتصر دور الحكومة على وضع الخطط الإستراتيجية ، ويقوم المختصون التربويون بعملهم الذي هم أدرى به وأكثر معرفة وخبرة ، وستؤدي الخصخصة إلى الحصول على خدمة التعليم بجودة أكبر وبسعر أقل وتنوع أكبر نتيجة لزيادة المنافسة ، كذلك فهي تساعد على إعطاء الفرصة لأولياء الأمور للمشاركة في تحسين المنتج التعليمي ، وهذه الفكرة ليست بجديدة على المجتمع الموريتاني ، فالآباء يعلمون أولادهم في " المحظرة " بدفع قيمة تعليمهم نقدا أوعينا ، ولهذا السبب لا يزال التعليم الأصلي قويا وناجحا بسبب الخصخصة .
دور الدولة في التعليم يجب أن يتغير ، إن فوائد خصخصة التعليم تندرج تحت فوائد الخصخصة بشكل عام في كل القطاعات ، حيث ستساعد على تحقيق آليات السوق و الميزات التنافسية ، والاستفادة من مبادرات القطاع الخاص من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية .
كيف ستكون الخصخصة قادرة على تحقيق الجودة و إصلاح التعليم ؟
يرتكز نظام الجودة في التعليم على مجموعة من القيم و يعتمد مبدأ استثمار المؤهلات و الخبرات قصد تحقيق التحسن المستمر في المجال التربوي مع توفر أدوات وأساليب متكاملة تساعد المؤسسات التعليمية على تحقيق نتائج مرضية ، لذا فإن أي إصلاح للتعليم مرتبط بالجودة يجب أن ينطلق من تغيير المناهج و البرامج التربوية و اعتماد استراتيجية جديدة في بناء المقررات تقوم على الأهداف عوض الكفايات و على الكيف عوض الكم  ، كما أن مشروع خصخصة التعليم يهدف إلى تحسين و تطوير الخدمات الاجتماعية الأساسية ، إذ أن قيمة هذا المشروع لا تقاس بقيمة المبالغ و الأموال المرصودة و إنما بما يمكن تحقيقه من نتائج على أرض الواقع بأقل التكاليف .