ميكافيلي تعنون صحيفة " le Monde Afrique " المهتمة عادة بالشأن الأفريقي مقالة بعنوان : " En Mauritanie, une femme en lutte contre toutes les injustices " أو في موريتانيا , امرأة تقاتل ضد جميع المظالم!, وهو بالتأكيد عنوان مميز وشجاع تصف به المجلة السيدة "آمنة منت المختار" , والتي نعرفها جميعا " كحقوفية " و "مهتمة بالشأن العام". فالسيدة "آمنة منت المختار" معروفة لدى النخبة الأجنبية المقيمة في موريتانيا على أنها مهتمة بالشأن العام , وهي كذلك أحد العناويين الدائمة لدى المنظمات العالمية المهتمة بمسألة "حقوق الإنسان" ابتداءاً بالمنظمات التابعة للأمم المتحدة وانتهاءاً بالمنظمات ذات الطابع الدولي من مثل منظمة "هيومن رايتس ووتش" , طبعاً هذه المنظمات في أشكالها المختلفة هي انعكاس مرن وأخلاقي لقوى دولية تستخدمها في سياسة أعمق وأخطر للتعاطي مع الدول حتى تكون أداة مسلطة تصدر شهادات حسن سيرة وسلوك من قبل هذه القوى التي تتحكم في مصائر الدول والشعوب عبر شبكة معقدة من المصالح والواجهات السياسية والحقوقية!, يظهر التجني من خلال تعريف المقال بالسيدة " منت المختار" , والذي يبدو أنه يستقي معلوماته من خلال تعريف السيدة "أمنة منت المختار" بنفسها , ومراحل حياتها , وهو أمر شخصي هي "حرة" فيه , فلها أن تعرف نفسها بأنها رائدة فضاء زارت كوكب عطارد مرات عديدة لو شاءت وليس لنا أن نفند ذلك !, ولكنها في مراحل تعريفها بنفسها توحي بأنها تمارس عملها الحقوقي ضمن بيئة خطيرة تدعى موريتانيا , حيث يتنامى الخطر "الإسلاموي" مهدداً الحريات الشخصية , وضاغطاً على مفاهيم حرية الإختيار وحرية التعبير , كما أنها تلمح – على ضوء المقال – بأن موريتانيا تعاني من تمييز ممنهج ضد حرية المرأة !, مجموعة من الأسباب المقنعة والملحة والتي تحتاج إلى حقوقي شجاع من أجل أن يقاتل في سبيلها !, وكما يقال " لابد لسائق الأجرة من سيارة أجرة حتى يمارس عمله !", فمن خلال بيئة التضييق هذه , الحاجة تبدو ملحة لعمل حقوقي يسلط الضوء على كل هذه المظالم !, تخيلوا بأن المقال يحوي فقرة تعتبر بأن القرويين الذين لا يملكون أرضاً في موريتانيا يجبرون على دفن موتاهم في السنيغال !, في تجني وقح ومفضوح ومفبرك يرمي إلى أن تصنف موريتانيا كدولة مناهضة لحقوق الإنسان!, طبعا هذا النوع من العمل "الحقوقي السياسي" بات مفضوحاً ولن يعنون أو يعتبر سوى أنه نوع آخر من الإرتزاق على حساب سمعة الوطن وعلى حساب الحقيقة نفسها , ولن يظهر سوى بمظهر القبيح والمنبوذ !, أليس قريباً أن نجد اليوم من يصفون نفسهم "بالحقوقيين" والذين من المفترض أنهم الكتف المريح الذي يتكىء عليه المجتمع , نجدهم مرفوضين و منبوذين من ذات المجتمع الذي يفترض أنهم يدافعون عنه ويرجون رفعته!, وكيف لهذا العمل الحقوقي "المفترض" أن يكون غارقاً حتى أذنيه في المماحكات السياسية , وطعن قيم المجتمع في الظهر كلما سنحت الفرصة!, هذا العمل الممنهج تحت الرعاية السامية لبعض المنظمات الحقوقية الأجنبية والذي يرغب في أن يظهر موريتانيا بمظهر دولة الفصل العنصري , وبالكوخ البارد للحريات , والذي تبذل جارتها الجنوبية التي "حجبت" لها فرنسا ذات يوم ضد كل هذه الأمراض , تبذل الغالي والنفيس حتى تكون الأمان المفترض لكل مظلوم يكتوي من موريتانيا شعباً ونظاماً !, والغريب أن بعض الجهات السياسية "الشوفينية" تبدو دائماً سعيدة بهذه "البروبوغاندا" السوداء وتعتبرها أدوات مقبولة في معادلة الخصومة السياسية , وكأن سمعت موريتانيا الدولية من المقبول دائماً أن تكون مصدراً للرزق , وورقة من أوراق الضغط السياسي!. سيدتي "آمنة منت المختار" هل تجدين منظر رجل أبيض البشرة يحتسي الشاي مع صديق أسمر البشرة منظراً قريباً في موريتانيا !, هل تعتقدين حقاً بأن هذا المجتمع لم يتخلص ولم يجرم العبودية في قوانينه وفي ذهنه وضميره منذ قرر أن يتقبل فكرة الدولة ,أم أنه البحث عن خصومة المجتمع مع نفسه حتى تروج البضاعة !, ألم تسمعي وتنتبهي للقب وزيرة وأمينة عامة ومديرة ومهندسة ..ألخ , ألم تلاحظي منظر الفتيات وهن يتوجهن للمدرسة والجامعة وينشأن المشاريع الخاصة!, فكيف إذاً توهمين الآخر بأن المرأة متخلفة عن حقوقها في موريتانيا !, وتحت وصاية مجتمع متخلف ومعاد لحقوق المرأة!, ألا يمكن لهذه "التمويلات" المعتبرة أن تمر بقنوات أخرى غير تدنيس اسم موريتانيا , وبناء فزاعة أمام باب المنزل !, أليست أوجه الخير التي نحتاجها كثيرة دون الحاجة إلى محاولة عجن موريتانيا بما يرغب الغرب خلقه من أعداء وهميين في سبيل أن يظهر أنه يرعى القيم الأكثر نبلاً !, فما الحاجة إذاً لإظهار موريتانيا بمظهر من يجتاحها "التطرف الديني" في زمن "الإسلاموفوبيا" هذا !, أليس هذا تجنياً آخر وصيد في الماء العكر واقحام للعمل الحقوقي في أجندة أخرى خفية لا تشي بالنزاهة !. شخصياً اعتقد أن الحاجة صارت ملحة إلى خلق قوانين جدية ورادعة لكل من تسول له نفسه إهانة موريتانيا وشعبها ويقطن حوزتها الترابية , كل من يروج لمعلومات كاذبة ويوحي بأن موريتانيا دولة تتعايش مع العبودية أو تتسامح معها , أو أنها دولة ترحب بمفاهيم التطرف الديني أو تروج له , قوانين تردع من يقطنون في فكرة أن "الغاية تبرر الوسيلة" وأن العمل الحقوقي قد يكون مثمراً في بلد متسامح أكثر من اللازم , حتى مع من هم قادرون على أن يلوموك على أن أصابع يديك عشرة !, فحرية التعبير لا يكفلها التجني , ولك أن تجرب أن تطلب من Le Monde أن تنشر تشكيكك مثلاً في أصالة "محرقة الهولوكوست" , حتى تدرك أنها لن تشاركك أبداً ما تعتبره هي تجنياً .
النوه بنت محمد صالح