القدس خط أحمر / محمد محمد الأمين

صدرت تلك الكلمات على لسان رئيس وقائد غير عربي؛ ألا وهو السيد #رجب_طيب_أردوغان لترتجف قلوب قادة العرب المطبعين أو المتخاذلين اتجاه القضية الفلسطينية على كراسيهم من تلك الكلمات التي وضعتهم قَيد الإحراج، لتصبح وسيلة ضغظ على البعض منهم، فيضطر إلى إصدار بيان سرمدي يحافظ فيه على بقايا ماء وجهه، وإن كان البيان قد يكون أكثر تعضيدا لترمب بدل أن يكون إنكارا أو استفزازا يضغظ عليه ليتراجع عن قراره الذي أقره في خطابه بكل وقاحة وتجبُّر

فالقدس التي هي أولى القبلتين والتي هي من أعظم مقدسات الأمة الإسلامية والعربية، قد تَوَعَّد ترمب في حملته الانتخابية بأنه سيعترف بها عاصمة لفلسطين، وأنه سينقل سفارته إليها عندما تأتي الفرصة المناسبة لذلك...
وفي هذه اللحظات التي نرى فيها أن إدارة ترمب مطاردة من قبل التدخل الروسي في الانتخابات، نجده جعلها اللحظة  المناسبة للإعلان عن نقل السفارة من أجل المحافظة على مكانته لدى بعض منتخبيه من اليمين المتطرف، والمتصفح لأيام ترمب بعد دخوله البيت الأبيض يجد أنه مَهَّد لهذه الخطوة واستفسر عنها حكام العرب ولو بشكل مباشر أو غير مباشر حتى تأكد من أنه بإمكانه القدوم على خطوته، فهو يرى نفسه رئيسا لأمريكا وسيدا للعرب، لذا يفعل ما يشاء ولو كان تطاولا عليهم أو على مقدساتهم؛ لأنهم سمحوا له بذلك، ولولا أن اللعين ترمب تبين له أنهم يقبلون تلك الخطوة ما قَدِم عليها ولحجم عنها، كما حَجم عنها الرؤساء الأمريكيون من قبله.
واليوم وبعد أن تأكد له أن الشعوب العربية وقادتهم، منهم من طَبَّعَ ومنهم من اعترف بالكيان الصهيوني ومنهم من زاره سرا لتعضيد العلاقة، لم يبق أمامه إلا أن يقول:  "هذه الأمة نائمة ووعدي آن الأوان لتنفيذه".
ومع هذا كله لا ساكن يتحرك ولا منكر ينكر، ولو فكرنا قليلا في موقف العرب فإن أسمى هدف سيقدمونه وإن كنا متفائلين في ذلك الهدف؛ هو عقد قمة عربية، أو إصدار بيانات تنكر ما أقدم عليه ترمب دون تَصَدٍّ فَعَّال تُشاهد عائداته على الواقع، ولا استغراب في ذلك، فلو عُدنا إلى محطات تاريخ الاحتلال قليلا وتصفحناها لتَأكدنا من أن أمتنا نائمة.
فعندما قام الصهاينة بحرق المسجد الأقصى 1969 قالت رئيسة وزراء الاحتلال غولدا مائيرا آنذاك: (لم أنم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إلى إسرائيل أفواجا أفواجا من كل حدب وصوب، لكنني عندما طلع الفجر ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء، فهذه أمة نائمة).
بالطبع أمتنا نائمة ونومتها طالت، لكنها ليست ميتة، ومهما استغرقت تلك النومة من وقت، فإننا نبقى مدركين أن الأمة الإسلامية يوجد بها أجيال لا تأخذهم في الله لومة لائم...منهم المرابط المجاهد داخل فلسطين المباركة الذي لن يتخلى عن القدس ولا عن الأقصى ولا عن شبر من أرضه، ولو أدى ذلك به إلى أن يفديها بنفسه، ومنهم من يعضد تلك الأجيال ويناصرها ولو لم يكونو معهم، لأنهم يدركون حال الأمة الإسلامية وما لهم وما عليهم، فهم يمثلون الطائفة التي ستظل متمسكة بالحق مهما خذلهم الحكام أو خالفوهم، متمسكين بقوله صلى الله عليه وسلم: (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي وعد الله)).
وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُمَكِّن لتلك الطائفة المباركة وأن يعضدها بنصره ولا محالة من أن العاقبة لهم وأن النصر آت، وأنهم سيخلفون في هذه الأرض بأمن وأمان بدل الخوف والتعذيب والمطاردة والاحتلال فذلك وعد الله للذين اتقوه ولم يخالفوه وصبروا على كل أذى في سبيله، والله لا يخلف وعده.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب