الحكومة و سياسات التشغيل..

محمد محفوظ متالي

  دعنا ننطلق في بداية هذه السطور من مسلمة عقلية هي: أنه لا يكمن لسياسات الأنظمة أن تضع يد الإنجازات على جميع القطاعات، فتلك فكرة مثالية  قد لا تتلاءم مع مسلمة النقص الجبلي لبني الإنسان،  و زيادة على ذلك فلكل حكومة أولوياتها و برنامجها الذي يفترض أن الشعب انتخبها من أجله و لعل هذا النظام لم يكن من ضمن أولوياته و لا برنامجه المقدم آنذاك مشكل " التشغيل" المؤرق الذي بدأ البعض يصفه في هذا العهد بالمستحيل و حتى ما أخذته الحكومة في هذا المجال لم يكن ناجعا و لا ناجحا أو لم تكن له علاقة بحملة الشهادات العليا في هذا البلد ،

قد نقر للحكومة و نشجعها على تطوير و تحسين البنى التحتية ليس لأنها أصبحت حسنة و إنما لأنها أصبحت أحسن بكثير مما كانت عليه أيام الأنظمة السابقة..و لكن على النظام الإقرار بفشل سياساته في مجال التكوين و التشغيل..إن أعظم فشل

- في نظري-لهذا النظام يمكن في سياساته المتعلقة بالشباب، و لئن كان النظام ضاعف إنجازاته في أغلب القطاعات بصورة ملموسة لا يردها إلا منكر، فإن هذا الجانب الشبابي ظل جانبيا تتسلل إليه تارة يد خجولة منه يطبعها الاستهلاك السياسي أكثر مما تطبعها معالجة الواقع و تحقيق الأهداف الخاصة بهذه الشريحة الحيوية.. و خير دليل على خجل و استهلاك تلك المشاريع هو مشروع ما يسمى ب " المجلس الأعلى للشباب" تلك القنبلة الصوتية التي تبدو للرائي حديقة غناء بينما هي في الواقع مفاوز جدباء مهلكة فلم يقدم منذ إنشاءه إلا الإنشاءات الكلامية و الخطابات السفسطائية، فحتى الآن لم يقدم للشباب ما يذكر له فيشكر، و مع كل هذا هنالك انسداد في أفق التشغيل و عدم التوجه الرسمي للتخفيف من هذا المشكل الذي بات يؤرق العالم و يدعو الشباب إلى النزول لساحات لا تخدمه كما لا تخدم الوطن، و الأنظمة الرشيدة و التي تخطط للبقاء قصد الإصلاح هي التي تعطي لهذا المجال العناية بالرقابة و التعليم و التكوين و التشغيل فما زعزع نظام إلا من قبل الحيوية الشبابية و ما شوه نظام سابق إلا بحاضرين شببة ذاقوا أيامه المرين ، فعلى النظام الحاكم التوجه لهذا المجال بفكر جديد و أشخاص جدد و مؤسسات جدد و فتح فرص لحملة الشهادات العليا الذين باتوا يسمون هذا العهد بعهد "سوء الحظوظ في التشغيل"

إن الشباب لم يجد في هذا النظام رأفة تذكر و لم يجد حتى من يتحدث عن ما يعانيه من قلة فرص و ضئالة ما يؤخذ في المسابقات لا من المعارضة التي تبحث عن مكامن إخفاقات النظام و لا من الموالين الذين يريدون لهذا النظام البقاء لبناء وطن تعب كثيرا من أنظمة عصاباتية مدمرة أهلكت الحرث و النسل..

يتحدث وزير المالية والاقتصاد السيد/ المختار ولد اجاي عن ثلاثة آلاف شاب دخلوا الوظيفة العمومية سنة 2017م و هذا رقم كبير و جيد و لكن نسبة حملة الشهادات العليا منه تقل%2  نريد من الوزير العدد بالأرقام ..و الإجابة على السؤال الآتي: ما هي المسابقة التي أجريت لحملة شهادة ما بعد الثانوية العامة خلال سنة 2016م 2017م  ستجد النتيجة تحت الصفر لأسف.??

يشرح الرئيس السيد/ محمد ولد عبدالعزيز السبب في ذلك قائلا إنه عدم مواءمة مخرجات التعليم مع السوق و عدم التكوين و نحن نتفق معه في ذلك و نراه صائبا و لكن ما الحل?

لماذا لاتكن هنالك مؤسسة واحدة لتكوين هؤلاء حملة شهادات العلوم الإنسانية و غيرهم إن كانوا ضيعوا ما يعوق الوطن و لا يفيده رغم قلة ميزانية ذلك مقارنة مع ما يسمى: " المجلس الأعلى للشباب"?

الحقيقة أن الإجابة على هذه الأسئلة متمنعة و خلاصة القول إن المجلس الأعلى للشباب مضيعة للمال و الوقت بل و أضحوكة و فرص التشغيل أصبحت أقل من أي وقت و لا أحد يتحدث عنها و لا مهتما بها من المعارضين المخاصمين و لا من الموالين الداعمين و ما فعلته الحكومة في هذا المجال لا يمكن فهمه إلا أنه للاستهلاك السياسي لا علاقة له بالواقع..