النقل الحضري للداخل... مآس متجددة

في موريتانيا تتعدد القصص التي تتلقفك ويرويها الناس عن مآسيهم ومعاناتهم في جميع مجالات الحياة اليومية، غير أن النقل بين المدن يبقى له قصصه الكثيرة المؤلمة، فهذا يروي لك قصة فقد فيها بعض أهله جراء حادث سير بشع، وآخر حمل إعاقة دائمة بسبب ضيق في الطريق أو تهور سائق كان سببه حادث سير وقع فجأة، وذاك يتحدث عن معاناته من الغربة عن أهله بسبب قلة ما باليد وغلاء أجرة السيارة.

الطرق

في بلادنا يوجد طريق رئيسي واحد يربط المناطق الشرقية بالعاصمة انواكشوط، ولكن هذ الطريق ظل يتيما حتى يومنا هذا، والأدهى من ذلك حديث متنام بين كثير من السالكين لهذا الطريق عن ترهل كبير يظهر بالطريق وتشققات تصيب عجلات السيارات، وهو ما يتسبب في حوادث السير، فأغلب المسافرين يجمعون على ضرورة توفير طريق آخر يخفف الضغط على الطريق الذي يسلكه يوميا الآلاف من المواطنين.

الشاحنات الكبيرة

يتحدث كثير من سائقي الحافلات والسيارات الصغيرة عن مضايقات يتعرضون لها كثيرا من طرف سائقي الشاحنات الكبيرة فبالإضافة إلى المسافات التي يشغلونها عند تعطلهم الذي يصل في بعض الأحيان لقطع الطريق نهائيا، وغالبا مايستمر هذا القطع للطريق ساعات، ساعات قد لاتبدو طويلة، ولكنها طويلة عند موظف كان في عطلة مع أهله ويريد أن يعود إلى عمله، وستكون أطول على مريض يريد الوصول للمستشفى في أسرع وقت فما بالك بسيارات الإسعاف التي تحمل مرضى حالتهم حرجة أحيانا.

غلاء الرسوم

كثير من المواطنين الذين تحدثوا لنا عبروا عن امتعاضهم من غلاء الرسوم الذي لم يعد له وفق رأيهم مبرر في ظل تهاوي أسعار المحروقات عالميا، ولكن بعض من تحدثنا لهم لم يخفوا ما في الأمر من تعقيد، فبعض المتعجلين يدللون الناقلين ويدفعون لهم مبالغ خارجة عن الرسوم المعتادة رغبة في الهروب من انتظار الناقل إكمال مقاعد السيارة، غير أن البعض الآخر لا تنطلي عليه هذه الحيلة ويأتي لمحطة النقل وهو يحمل معه هاجس الانتظار الذي قد يطول فترى مع بعضهم حصيرا ليطيب له انتظار من يحمله بسعر مناسب، أما من ليس لديهم الوقت الكافي فيقعون في شرك الناقل بسهولة ويدفعون له الرسوم التفضيلية.

شركات النقل

أضاف حضور سيارات تتبع لشركات ظهرت مؤخرا تعمل في النقل بين المدن على المشهد إضافة تحدث عنها المواطنون الذين التقيناهم، فبعضهم يرى فيها تسهيلا للأمر وربطا للمواطن بمحطات رئيسية يقصدها للبحث عن سيارة تقله، لكن البعض تحدث عما صاحب ظهور هذه الشركات من سرعة وشجع لدى بعض الناقلين خاصة وأن رب العمل يعوض تعويضا خاصا على عدد شحنات النقل التي يقوم بها الباص، وهو ما يتسبب عادة في حرص السائق على السرعة في إكمال الرحلة والعودة لأخذ رحلة أخرى، وهذا يجلب للسائق الإرهاق وعدم التركيز في السياقة، وهذه كلها تؤدي أحيانا لحوادث سير.

ويبقى السؤال المطروح هل تلوح في نهاية النفق المعتم الذي يعيشه نقلنا الحضري بطرقه وسائقيه ضوء تنظيم وعناية من طرف السلطات أم أن المعاناة ستتجدد مع كل انبلاج صبح؟؟