لمحة تاريخية عن مدينة تيشيت / البراء ولد محمدن

تأسست مدينة تيشيت بمنطقة اظهر تيشيت التى عرفت العمران الحضري منذ العصر الحجري الأخير. وبالرغم من ماضيها التليد. فإن تتباين الروايات بشأن تاريخ تأسيس مدينة تيشيت واشتقاق إسمها.

 

 وترجع تلك الروايات تأسيس المدينة إلى النصف الأول من القرن 6هـ 12م وإن اختلفت في تحديد السنة بالضبط. ولعل هذا التاريخ هو الأكثر تداولا وارتباطا بالرواية القائلة بهجرة تلميذي القاضى عياض بن موسى السبتي: 

الشريف عبد المومن ولد صالح 

الحاج عثمان الأنصاري وهما من أغمات بالمغرب وأسسا مدينتي تيشيت ووادان فانتشر عنهما العلم واتسع نطاقه قرونا عديدة في المدينتين، وكان قبل ذلك مقتصرا على علوم الشرع دون آلاتها ومتمماتها حسب ما كتب المؤرخ المختار ولد حامدن.

 

وجاء أول ذكر مكتوب لتشيت في بداية القرن 16 لدى الوزان بوصفها مدينة صغيرة، قبل أن يذكرها المؤرخ مارمول.

 

تقع تيشيت بين هضبتين علي بعد 240 كلم إلي الشرق من مدينة تجگجة عاصمة ولاية تگانت و700 كلم شرقي العاصمة نواكشوط وتشكل المدينة بهضابها وواحات الوارفة وكثبانها الرملية البيضاء لوحة طبيعية رائعة الجمال تتعانق فيها الألوان الزاهية.

 

ارتبط ازدهار تيشيت بموقعها كمحطة على مسالك القوافل الرابطة بين مملحة الجل ومنحنى نهر النيجر، ودورها في تنظيم العلاقات التجارية بين شمال الصحراء وجنوبها الذى استمر حتى أواخر القرن 19. ونجد صدى لدور تيشيت التجاري المتميز خلال الفترة الحديثة فيما ذكره سيدى عبد الله ولد الحاج ابراهيم من خروج قافلة تجارية ذات يوم من شنقيط مؤلفة من 32 ألف بعير من بينها 12 ألف بعير لأهل تشيت. كما تشهد سجلات دار إيليغ المغربية على دورها التجاري الحيوي في القرن التاسع عشر.

 

وقد انجبت تيشيت خلال القرون الأربعة الماضية الكثير من العلماء من مثال الحاج الحسن ولد آغبدي الزيدي، وأبناء فاضل الشريف، وأحمد الصغير المسلمي، وأمبال، وأبناء امبوجه.

 

وتقف مكتباتها اليوم شاهدا حيا على ما عرفته من إشعاع ثقافي يجعلها اليوم تحتضن أهم مخزون وثائقي كما وكيفا في مدننا التاريخية. ومدينة تيشيت الأثرية ذات 6000 مخطوط يرجع بعضها إلى القرن السادس الهجري، تجد نفسها اليوم معرضة لضياع، بعد أن أصبحت وللأسف مدينة شبه مهجورة.

 

ومن المتوقع أن تكون المكونات التنموية التي أطلقتها الدولة بمناسبة تنظيم النسخة الحادية عشرة من مهرجان مدائن التراث، والذي تجاوزت المكونة التنموية حتى الآن أكثر من 2 مليار أوقية في انعاشها وتنميتها.

 

يأتي ذلك في إطار حرص فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أن يجعل من مهرجان مدائن التراث مناسبة لتنمية المدن القديمة وتزويدها بالخدمات الضرورية من خلال خلق مشاريع تنموية قادرة على المساهمة في تثبيت السكان في مناطقهم الأصلية.

 

وضرورة مشاركة الجميع في عملية التحضير والتفكير في الآليات والسبل الكفيلة بإنجاح المهرجان، لذا فإن الحكومة تولي عناية فائقة لمهرجان مدائن التراث لما له من قيمة ثقافية وتراثية، ولما له من تأثير اجابي على التنمية المحلية ولما يشكله من احياء للمدن القديمة التي ظلت على مر العصور مراكز اشعاع ثقافي وعلمي؛ تقاوم عاديات الزمن وقساوة الظروف.