ولد هيين: تمت إقالتي من “سنيم” و”صوملك” عبر الهاتف

قال المهندس الموريتاني محمد السالك ولد هيين، المدير العام السابق للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، إن الطريقة التي أقيل بها من إدارة شركة (سنيم) كانت فيها “قلة احترام وقلة أدب”، مشيرًا إلى أن وزير المعادن آنذاك أبلغه بإقالته عبر الهاتف بطريقة “مستغربة”.

ولد هيين كان يتحدث في حلقة من بودكاست “تكملة” الذي تنتجه صحراء ميديا، تطرق فيها لتاريخه الأكاديمي، وهو المولود عام 1946 في إنشيري، ثم درس هندسة المعادن في الاتحاد السوفيتي ليتخرج مهندسًا عام 1975، ثم التحق في نفس العام بشركة (سنيم) وتدرج فيها حتى أصبح مديرها العام 1985، قبل أن يقال من المنصب عام 2005، بعد شهر من الانقلاب العسكري على الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

ووصف ولد هيين إقالته بأنها تمت “بطريقة غريبة، أو أنا على الأقل استغربتها”، قبل أن يضيف أن “فيها قلة احترام وقلة أدب، ولم أكن أتوقعها أبدا، ولم أتوقع أن يقابل به أي شخص آخر مهما كان”.

وحول تفاصيل الإقالة، قال ولد هيين: “بعد انقلاب 2005 بشهر، كنت قادما من نواذيبو على متن السيارة نحو نواكشوط، وحين وصلت إلى نواكشوط وقبل أن أدخل البيت، رن هاتفي فإذا بشخص آخر قدم نفسه على أنه وزير المعادن، لا أتذكر اسمه الآن ولا أعرف من هو، أبلغني بقرار إقالتي من سنيم، ثم ودعني ولم يزد على ذلك”.

 

شبح الإفلاس

خلال إدارته لشركة (سنيم)، قال ولد هيين، إنه “واجه أزمة عالمية ضربت مصانع الصلب التي تستهلك خام الحديد، فعانت من مشاكل خانقة، وبعض منها أعلن الإفلاس، وبالتالي تدنت أسعار الخام”.

وأضاف أن الشركة هي الأخرى “عانت من أزمة خاصة، سببها تدني الاحتياطي المنجمي، فالمناجم التقليدية في كدية الجل وافديرك نفد المعدن فيها، ومشروع منجم “كلب الغين” استثمرت فيه الشركة كمنجم بديل، ولكنه لم يكن على مستوى الإنتاج الذي توقعت الشركة، إذ كانت تتوقع الشركة أن يصل تدريجيا إلى ستة ملايين طن سنويًا، ولكنه لم تجاوز مليون طن فقط، هذا بالإضافة إلى مشاكل فنية لا توصف، وبالتزامن مع ديون متراكمة وصلت إلى 35 في المائة من مداخيل الشركة، هذا كله تراكم مرة واحدة”.

وأوضح ولد هيين أنه لتجاوز هذه المشاكل قرروا التنقيب عن مناجم جديدة، ونجحوا في اكتشاف منجمين اعتمدت عليهما الشركة لأكثر من عشرين عامًا، كما توصلت إلى تسوية من أجل جدولة الديون الخارجية.

 

ولكن ولد هيين أكد أن “معاوية ولد سيد أحمد الطائع هو من أنقذ شركة (سنيم) من الإفلاس، هذا الرجل منحنا الثقة التامة، ولم يسبق له في يوم من الأيام أن أصدر لي أي أوامر، ولا مرة واحدة، فالمسؤولية كانت مسؤوليتنا نحن أهل سنيم مائة في المائة”.

وأضاف في سياق حديثه عن علاقته بمعاوية ولد سيد أحمد الطائع: “كنت ألتقيه مرتين في السنة تقريبًا، ولم يسبق أن طرح لي أي سؤال خارج عن (سنيم)، ولا سؤال واحد، سواء كان عن موريتانيا أو الوضع العام أو أي شيء آخر، كان يسألني عن وضع السوق والمبيعات والأسعار والعلاقة مع الممولين، والوضع العام للشركة والعمال، وكان يسألني إن كنا تغلبنا على المشاكل المطروحة، لم نكن نتحدث إلا عن مشاكل (سنيم) وحدها”.

وقال ولد هيين: “الناس تقول إنني قريبه، معاوية لم يسبق أن أظهر لي القرابة في أي يوم من الأيام، ولم يسألني أبدا عن أي شيء شخصي أو عائلي، ولم يسبق أن سألني عن أي شيء يخص الولاية، ولا مرة واحدة، هذه شهادة لله، كان يعاملني أنني مدير سنيم وهو رئيس الجمهورية فقط هذه هي علاقتنا”.

وأوضح أن الرئيس ولد الطائع “كان يمنحنا الثقة التامة، ويحمينا من الإدارة، فلا يمكن لأي وزير أن يتدخل لصالح فلان أو علان، لأن القرار في سنيم بيد إدارتها، ولا أحد آخر يمكنه أن يتدخل، سواء من أجل اكتتاب أو ترقية”، على حد تعبيره.

 

صحراء ميديا · محمد السالك ولد هيين.. كيف تصبحُ موريتانيا دولة صناعية؟
أزمة صوملك

حول تعيينه على الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، عام 2007، قال محمد السالك ولد هيين: “سيدي ولد الشيخ عبد الله، رحمه الله، كان صديقي وتربطنا معرفة، وأحترمه جدًا، وكان إنسانًا طيبًا إلى أقصى درجة ولطيف، ذات يوم اتصل بي مدير ديوانه، وقال لي إن الرئيس يريد أن يتحدث إلي، قال لي إنه يريدني أن أتولى إدارة شركة صوملك، لم أكن أتوقع ذلك أبدًا”.

وقال ولد هيين إنه وافق على الطلب، قبل أن يلتقي مع الرئيس ولد الشيخ عبد الله في مكتبه بالرئاسة حيث “تبادلنا الآراء، ومنحني الثقة”.

ووصف ولد هيين شركة صوملك آنذاك بأنها كانت “شركة متدهورة، التيار الكهرباء غير متوفر، ينقطع عشر مرات لليوم، ومعداتها متهالكة، وأدوات الإنتاج متهالكة، وفي نفس الوقت ليست لديها أي أموال، مفلسة تماما، ولا يوجد فيها أي نظام، وذلك ما أثار استغرابي لأنني قادم من سنيم، قادم من كوكب آخر”.

وأوضح أن “كل الشركات تمر بالمشاكل، ولكن ما أثار استغرابي هو أن تكون الشركة غارقة في المشاكل، ولا أحد من الحكومة ومن الشركة يستغرب ذلك، وكأنه شيء عادي عندهم، ولا يمنعهم ذلك من النوم، هذا في سنيم لا يمكن أن يحدث، حين يحدث عطل في القطار أو يقع حادث في المنجم لا أحد سينام”.

وقال ولد هيين إن صوملك كانت “تمتلك مستوى فنيا عاليا على مستوى الأفراد، لديها مهندسين وكفاءات هذا لا شك فيه، وفيها عمال بسيطين من ذوي الكفاءة، ولكنها غير موجودة كشركة، وليست لديها أي كفاءة”.

وخلص ولد هيين إلى أنه بقي مديرا لشركة سنيم قرابة عام ونصف، وأضاف: “الطريقة التي أقلت بها من سنيم هي نفسها التي أقلت بها من صوملك، إقالة عبر الهاتف، دون سلام أو شكر. قد تكون طريقة عسكرية ولكن الشركات لا تدار بهذه الطريقة، من أدى لك عملا ولم تكن راضيا عنه اشكره على الأقل، وإذا كان عمله إيجابيا عليك أن تعترف له بالجميل، هكذا تبنى الثقة بين الناس وفي المجتمع”.

الثقة في النفس

ولد هيين أكد في المقابلة على ضرورة أن تعيد موريتانيا بناء الثقة في نفسها، من أجل دخول مجال الصناعة، مشيرًا إلى أن المؤشرات والإمكانات كبيرة، ولكن لا بد لها من الثقة.

وقال: “على موريتانيا أن تضع الثقة في نفسها أولًا، وأن تنظر إلى تجارب الدول الأخرى، حتى تصل إلى صناعة يمكنها القيام بها، ولكن لا بد في البداية أن تفكر بنفسك أولًا، ولا تنتظر من الآخرين في الخارج أن يفكروا بالنيابة عنك”.

وضرب ولد هيين المثال بدولة ناميبيا التي قال إنها “استقلت بعدنا بـ15 عامًا، ولكنها أصبحت أكثر تقدما منا، وهي دولة صحراوية كأنها موريتانيا، ولكنهم أذكياء وأخذوا زمام المبادرة بأنفسهم”.

وأضاف: “موريتانيا يجب أن تضع الثقة في نفسها، وأن تشعر بالمسؤولية، وتقول إنها ستبدأ التفكير في دخول مجال الصناعة، ولدينا الكثير من الخبراء الموريتانيين القادرين على ذلك، ويمكنهم أن يحددوا لموريتانيا المجالات التي يمكنها أن تدخلها”.

وأوضح أن موريتانيا مقبلة على استثمارات هائلة في مجال الطاقة، بمختلف أنواعها، وبالتالي لا بد من توطين هذه الموارد الأولية في موريتانيا، عبر خلق صناعة محلية قادرة على توفير فرص عمل للشباب وخلق قيمة مضافة للاقتصاد، على حد تعبيره