الرؤساء الأفارقة.. تعدد الزوجات وإشكال “السيدة الأولى”

أثير مؤخرا على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، نقاش بشأن أي زوجتي الرئيس السنغالي الجديد بصيرو ديوماي فاي ستصبح سيدة أولى للبلاد: ماري خون ديوماي فاي، أم حفصة ديوماي فاي.
والواقع أن هذه المسألة محسومة في القانون السنغالي، حيث لا يعترف بوجود سيدة أولى، ويعتبر زوجات الرؤساء كسائر النساء السنغاليات، فالسيدة الأولى لا منصب لها في البلاد، ولا دور لها محددا في القانون.
وانطلاقا من ذلك، فإنه سواء كان الرئيس متعدد الزوجات، أو أحادي الزوجة، فإنه لا فرق في ذلك بالسنغال، ومصطلح السيدة الأولى يشيع إعلاميا فقط، تمييزا لزوجة الرئيس عن باقي النساء.
وانطلاقا من ذلك، فإن ديوماي فاي إذا رافقته زوجتاه في نشاط رسمي، فإنه سيطلق عليهما إعلاميا السيدتان الأوليان، دون ترتيبهما.
ولعل أصل هذا النقاش، يعود إلى كون بصيرو أول رئيس سنغالي متزوج من امرأتين، فالرؤساء الأربعة الذين سبقوه منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1960، كانوا أحاديي الزوجات، والثلاثة الأوائل منهم كانوا متزوجين من نساء أجنبيات.
والواقع أن بصيرو ديوماي فاي، ليس الرئيس الإفريقي الوحيد متعدد الزوجات، فالرئيس الغامبي آدما بارو له زوجتان هما فاطمة وحواء، بل إن بعض وسائل الإعلام المحلية تحدثت في وقت سابق عن زواجه بثالثة هي السنغالية كومبا ليتا كا التي تنحدر من منطقة “اللوغه”.
ولكن يبدو أن إشكال السيدة الأولى في بانجول حسم منذ البداية، والآن تنشط فاطمة باه بارو، بتلك الصفة حيث ترافق الرئيس على استمرار، وتشارك في فعاليات دولية وإقليمية كسيدة أولى لغامبيا.
كما أن الرئيس الانتقالي الغابوني الجنرال بريس أوليغي نغيما
متزوج من سيدتين هما زيتا أوليغي وآنوشكا آفوم، ولكن يتم بروتوكوليا تقديم زيتا على أنها السيدة الأولى، حيث إن الثانية لم تظهر للعلن منذ البدء، وإنما مؤخرا فقط.
بل إن الرئيس الذي وصل السلطة إثر انقلاب عسكري نهاية أغسطس 2023 أطاح بالرئيس المدني علي بونغو أونديمبا، سمح في 22 يناير 2024 بتعدد الزوجات لجنرالات جيش البلاد، في حين أجبر جميع الجنود على الزواج الأحادي.
ويعتبر القانون المدني الغابوني لعام 1972 تعدد الزوجات، متوافقا مع الممارسات الزوجية العرفية في البلاد، لكن مرسوما صدر في العام 1976 نص على أن “العسكريين ملزمون بالزواج الأحادي”، وأنه “لا يجوز عقد زواج دون إذن من السلطة المختصة”، وهو القيد الذي أزاله الجنرال الرئيس عن رفاقه الجنرالات.
وبالإضافة لرؤساء السنغال وغامبيا والغابون، فقد كان عدد من الرؤساء الأفارقة متعددي الزوجات، كالرئيس اتشادي السابق الراحل إدريس ديبي إتنو، والرئيس الأوغندي الأسبق عيدي أمين دادا، وزعيم إفريقيا الوسطى الأسبق جان بيدل بوكاسا المعروف ب”آكل لحوم البشر”، وملك إسواتيني الحالي مسواتي الثالث، الذي لا يقل عدد زوجاته عن 19 امرأة.
وتضم القائمة كذلك موبوتو سيسي سيكو الرئيس الأسبق لجمهورية الكونغو الديمقراطية “الزائير” سابقا، والرئيس التوغولي السابق ياديميا نياسينغبي، الذي حكم البلاد من 1967 إلى أن توفي عام 2005، حيث خلفه نجله الرئيس الحالي فور نياسينغبي في السلطة.
وهكذا فإن تعدد الزوجات لا يعد جديدا على الرؤساء الأفارقة، مسلمين كانوا أو مسيحيين، بل إن الأمر ينسجم في كثير من الأحيان مع ثقافات وعادات وتقاليد محلية.
والدولة الإفريقية التي لدى رئيسها أكثر من زوجة، إما أن يحسم الرئيس الأمر بتحديد من تكون السيدة الأولى من بين زوجتيه أو زوجاته، وإما أن يترك الأمر دون تحديد، والزوجة التي ترافقه يطلق عليها لقب السيدة الأولى.