لجنة التحقيق: «سنيم» كانت تدار من القصر وشارفت على الإفلاس

قالت لجنة التحقيق البرلمانية إن الشركة الوطنية للصناعة والمناجم «سنيم» كانت خلال السنوات العشر الأخيرة تدار من طرف القصر الرئاسي، مؤكدة أنها شارفت على الإفلاس عام 2015، وكانت صفقاتها تشوبها خروقات كبيرة.

وكتبت اللجنة البرلمانية في تقريرها النهائي إن «الدولة أصبحت ابتداء من سنة 2010، تتصرف بدون أي رؤية استراتيجية لدور شركة سنيم»، مشيرة إلى أن الشركة «غرقت في وحل خيارات تسييرية أثرت سلبا على صحتها المالية، وسير نشاطاتها».

وضربت اللجنة أمثلة على فشل الشركة من ضمنها «تنفيذ ما يسمى باستثمارات (الأبهة) في مجالات بعيدة من مهامها المحددة في نظامها الأساسي، وتنفيذ استراتيجية غير موفقة، مثل مشروع (القلابة 2)، الذي لم يتجاوز 25 في الماءة من طاقته المنتظرة، وكذلك توسعة الميناء بصورة تعتبر غير متناسبة مع حاجات الشركة، والقيام بشراكات مع زبناء و/أو وسطاء لا يستجيبون لمعايير انتقاء سنيم المعتادة سابقاً، حيث كانوا في الغالب إما أنهم غير جديين، وإما أن إمكاناتهم المالية ضعيفة، وتعيين أشخاص غير أكفاء في سنيم، وتفشي ممارسات على مستوى الإدارة العامة تبدو غير متطابقة مع قواعد التسيير الذي يخدم مصالح الشركة».

وقالت اللجنة إن «مسؤولية الدولة عن تدخلات سنيم خارج مجال هدفها الإجتماعي، لم تكن مجرد مسؤولية تقصيرية، بل اندفعت الدولة في دعم هذه التدخلات، وتدخلت هي نفسها، عبر خيرية سنيم»، واستشهدت اللجنة بالأشغال المقام بها في رئاسة الجمهورية، وتوريد المعدات وتركيب التجهيزات والبنى التحتية الخاصة بالمراقبة عبر الفيديو، وأنظمة التحكم في دخول رئاسة الجمهورية في نواكشوط، وبناء مستشفى جهوي في نواذيبو وآخر في نواكشوط، وبناء ورشات ومكاتب وملحقات، وتركيب تجهيزات لمصنع إنتاج الأعمدة الكهربائية من الخرسانة في ألاك.

وقالت اللجنة إن هنالك مشاريع نفذتها سنيم «لا علاقة لها بالدولة ولا بشركة سنيم ولا بخيريتها، كما هو، مثلاً، حال مشروع الإمداد بالماء الصالح للشرب في الكيلومتر 70 على طرق نواكشوط – أكجوجت حيث تتعلق الأشغال بملكية خصوصية للرئيس السابق، ومن ذلك أيضاً تشييد ملعب مختلط في رئاسة الجمهورية».

وحول هذه الصفقة قالت لجنة التحقيق البرلمانية إن «خيرية سنيم وقعت عقدا بالتراضي مع شركة ATTM لإنجاز الأشغال التالية عند الكيلومتر 70 في منزل خصوصي قد تعود ملكيته إلى رئيس الجمهورية السابق: بناء خزان نصف مطمور بالإسمنت المسلح سعته 60 متر مكعب، خزان ماء بالألياف الزجاجية سعته 30 متر مكعب وارتفاعه 7 أمتار، نظام للضخ، وخطوط أنابيب، وشبكة توزيع للماء، حوض سباحة أبعاده 10/25 وبعمق متر إلى مترين».

وأعلنت اللجنة أن «مبلغ العقد وصل إلى 88 مليون أوقية قديمة، وأضيف إلى العقد ملحقان رفعا المبلغ الإجمالي إلى حدود 250 مليون أوقية قديمة، ومن الواضح أن هذا النوع من العمليات على مستوى منزل خصوصي يتنافى مع أهداف الخيرية وطريقة عملها»، وفق نص التقرير.

وأكدت اللجنة في تقريرها النهائي أنه «سوء التسيير فعل فعله في سنيم مع انخفاض الأسعار سنة 2015، فأصبحت الشركة لأول مرة عاجزة أمام مورديها الذين قرر بعضهم إيقاف التعامل معها (BP بالنسبة للإمداد بالزيوت) لأنهم أصبحوا يخشون إفلاسها الذي أصبح احتمالا قوياً».

وأضافت اللجنة أن الوضعية الصعبة التي دخلت فيها سنيم أرغمتها على «التنازل عن مقرها في نواكشوط لصالح البنك المركزي (الذي أرغم على أخذه)، وتنازلت عن الفندق لصالح تكتل من المستثمرين الذين استفادوا من التزام لصالحهم من صندوق الإيداع والتنمية CDD بأن يقرضهم مليار أوقية، وتنازلت عن أسهمها في شركة الضمان للتأمين لصالح الدولة بعد زيادة لرأس المال عجزت عن مجاراتها».

وقالت اللجنة إن سنيم «أصبحت على شفا الإفلاس لو لم تتحسن أحوال سوق الحديد إثر فيضانات البرازيل والكوارث الطبيعية في أستراليا 2019-2018»، مشيرة إلى أنه «في فترة الأزمة هذه كان مجلس الإدارة غائبا كما كان في مرحلة الازدهار، والواقع أنه لم يكن يضم الكفاءات القادرة على ذلك».

وأكدت اللجنة أن «الشركة كانت توجه، بل تدار بشكل مركزي من أعلى هرم الدولة. فالمشاريع التي مولتها سنيم (التأمين، النقل الجوي، مقر نواكشوط، القروض للخواص، فندق خمس نجوم، المشافي،/ الطرق، أعلاف الماشية، المنازل الثانوية بهدف الاستجمام…) كل ذلك تقرر على مستوى رئاسة الجمهورية».

وقالت إنه «بمناسبة أعمال التحقيق أكد الإداريون المديرون العامون لشركة سنيم السابقون أن جميع القرارات كانت تؤخذ على مستوى الرئيس».

وحول الصفقات التجارية لشركة سنيم أوصت لجنة التحقيق البرلمانية بإجراء «تدقيق دولي في سياسة سنيم التجارية توخيا لمزيد من الشفافية والفعالية».

كما أوصت اللجنة «بطلب تعهد السلطات القضائية المعنية، تأسيسا على القانون 2016-014 بتاريخ 15 أبريل 2016 المتعلق بمكافحة الفساد لا سيما في مادته السادسة، للبت في المسؤوليات الجنائية المترتبة»، مشيرة إلى أن «الكثير من عقود الخيرية قد مولتها في الواقع شركة سنيم، عن طريق التسديد المباشر للمتعاقد مع الخيرية، بدون أي تبرير لذلك في الوثائق التعاقدية، وتزيد هذه الممارسة من انعدام الشفافية في علاقة سنيم مع خيريتها، بخلق حالة من الغموض فيما بين مصادر خيرية سنيم المباشرة وتمويلات شركة سنيم الموازية».

وشرحت اللجنة هذه العملية بالقول إن «شركة سنيم تمول العمليات مسبقاً نيابة عن الدولة، وبطلب من الأخيرة، ثم تقوم بالتسديد لنفسها من المصدر بالاقتطاع من عائدات الأسهم أو من الرسوم الثابتة، وفي هذا خرق واضح لمبادئ المالية العامة».