المحامي ولد البح: عرض الوزير الأول احترم النصوص والترتيبات القانونية

تدوينة :المسؤولية السياسية للحكومة... عرس ديمقراطي آخر قل من يقدره:
إن مسؤولية الحكومة أمام البرلمان أهم ضامن سياسي في النظام الديمقراطي الموريتاني، لما لها من دور في تحقيق التوازن السياسي؛ بين سلطات الحكومة التنفيذية، سواء منها الخاصة بها أو تلك المتحققة لها عن طريق رئيس الجمهورية، مثل إمكانية حله البرلمان المنصوص عليه في المادة 31 من الدستور، وبين السلطة التشريعية، مما يقتضي بعض التوازن مع الوسائل الممنوحة للبرلمان كمحاسبة الحكومة واعتمادها لدى تعيينها لأول مرة، طبقا للمادة 42 جديدة من الدستور كما هو الحال اليوم مع حكومة معالي الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال.
والمسؤولية السياسية للحكومة مفهوم واسع جدا يشمل كل أعمال وتصرفات الوزارة والقطاعات التابعة لها والمعرضة دائما بحكم القانون لرقابة البرلمان لمعرفة "مدى سلامة الإجراءات المتخذة لا من حيث مطابقتها للقانون فحسب، وإنما يُبحث أيضا في مدى ملاءمتها للظروف التي صدرت فيها ومدى توافقها مع المصالح العامة ،وهذه المسؤولية قد تكون فردية إذا كانت ناجمة عن تصرف فردي لأحد الوزراء في أمر يتعلق بوزارته، وتترتب عنها تنحية الوزير من الحكم دون المساس بقية زملائه، وقد تكون تضامنية إن كانت ناتجة عن السياسية العامة للحكومة وتترتب عنها استقالة الحكومة بكامل هيئتها" غير أن الدستور الموريتاني لم يأخذ بأسلوب الإقالة الجزئية للحكومة عن طريق سحب الثقة من هذا الوزير أو ذلك، مما يجعل الثقة في المنح والسحب معا، تضامنية بين جميع الوزراء.
وتُترجم هذه المسؤولية السياسية للحكومة بالموافقة على السياسة العامة لها في البداية شهرا بعد تعيينها، أو سحب الثقة منها بعد ذلك، إما بمبادرة من الحكومة نفسها وهو ما يعرف بمسألة الثقة إذا عرضت موقفا أو بيانا سياسيا محددا، أو بمبادرة من الجمعية الوطنية، وهو ما يعرف بملتمس الرقابة أو لائحة اللوم.
ونحن اليوم بنقاش الجمعية الوطنية لبرنامج حكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال وعرضه للنقاش والتصويت للمرة الثانية على الأقل، نحتفل بعرس سياسي وديمقراطي متميز ظل في السنوات الماضية يتم بطريقة شكلية؛ تُغيب فيها إرادة النواب وتنال الحكومة الثقة تلقائيا بعد عرض برنامجها دون تصويت، ولذلك ملابسات دستورية معروفة؛ عُطلت بموجبها المادة 42 جديدة من الدستور (المعدلة 2012 ) مع المادتين 74 و75 من الدستور، لا لشيء إلا أن الحاكم المنصرف لم يرد تطبيقها قبل إلغاء مجلس الشيوخ، وربما خوفا من نتائج الديمقراطية البرلمانية وتنصلا من الشفافية والمحاسبة المطلوبة ديمقراطياعلى نحو ما ذكرت.
وهكذا أصبحنا اليوم مع فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني نحتفل مع كل وزير أول جديد بعرض حقيقي لبرنامج حكومته أمام الجمعية الوطنية في أجل أقصاه شهر واحد بعد تعيين الحكومة، وفي هذا الإطار نص الدستور على التزامه وجوبا بمسؤولية الحكومة عن هذا البرنامج وفقا للشروط المبينة في المادتين 74 و75 حرفيا  حتى ينال الثقة بالأغلبية المطلقة من أصوات النواب المشكلين للجمعية الوطنية في اقتراع عمومي على المنصة كما نشاهده الآن في جو من الديمقراطية والشفافية على قناة البرلمانية ، طبقا للفقرة الثالثة من المادة 132 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية المصادق عليه 2019 .
فهنيئا لموريتانيا بديمقراطية حقيقية وحكومة شفافة أمام الشعب ونوابه، ويستحق منا من عينها ونالت ثقته الدعم والمساندة والتأييد، وبالتالي على النواب منح الثقة بكل اعتزاز ومسؤولية لحكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال فقد أثبت الرجل جدارته ومسؤوليته العالية التي ضمنها برنامج الحكومة لتطبيق توجهات وتعهدات فخامة رئيس الجمهورية.