مقابلة النائب بيرام مع صحيفة مستقلة / كشفت المستور / نص المقابلة .

مقابلة النائب بيرام الداه اعبيد رئيس حركة مع جريد
Initiatives News(مبادرة الانباء)
الخميس ٣ سبتمبر٢٠٢٠

سؤال: عند خروجكم من لقاء خصكم به رئيس
الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني يوم 28 أغشت، صرحتم، خلال مؤتمر صحفي بالمناسبة، بأن موريتانيا تغيرت منذ تناوب 2019.. ماذا دعاكم لمثل هذا التصريح؟
بيرام الداه اعبيد: طبعا، تلك هي الحقيقة. التغيير الحاصل في موريتانيا، كما صرحت به خلال المؤتمر الصحفي المذكور، يتأكد أولا بالنظر إلى انفراج الجو السياسي، ثم بالانفتاح الحاصل بين المعارضة والرئيس الجديد الذي بادر إلى رتق حبل الحوار الذي كان مصروما، وأطلق لقاءات لتبادل الآراء مع الطبقة السياسية من كل الاتجاهات. وهكذا طوينا صفحة الإهانات والشتائم والاتهامات التي كان سلفه يوزعها على معارضيه دون مَكابح. وأشير أيضا إلى رفع المتابعات القضائية التي كانت متبعة، بغير حق، ضد المعارضين والأشخاص المفترض أنهم قريبون منهم.
وجدير بنا أن نعرج أيضا على انفتاح الإعلام العمومي على الرأي المخالف. فاليوم ها نحن نلج منصته وبإمكاننا أن نمرر من خلاله رسائلنا. لقد كان محرما علينا حتى وقت قريب.
هناك أيضا تقدم آخر يستحق الإشادة: إنها إرادة رئيس الجمهورية في احترام فصل السلطات الذي تجسد في السعي المقبول للجنة التحقيق البرلمانية وتباشير تحقيق قضائي حول تقريرها بشأن الفساد المترتب على العشرية الفارطة.
أضيف إلى هذه اللائحة ما بدا من احترام متنام لمنتخبي الشعب الذين كانوا عرضة للدوس على الكرامة والذم من قبل النظام السابق وحاشيته. اليوم أضحى بإمكانهم أن يلعبوا دورهم بوصفهم رقباء على عمل السلطة التنفيذية وأوْجه صرف المال العام  واحترام دولة القانون. وفي إطار هذه المهمة، يتم استقبالهم، بكل وقار، في القطاعات الوزارية.
أعتقد أن الأمر يتعلق ببداية تغيير غير مسبوق وميؤوس منه (فيما سبق)، ما يمكننا من نقل شعلة الأمل إلى مواطنينا المكافحين من أجل القطيعة السلمية مع ممارسات الماضي في موريتانيا.
سؤال: خلال لقائكم مع الرئيس غزواني، تحدثتم عن التفاوتات والإقصاء. هلا حدثتمونا عن التفاصيل؟
بيرام الداه اعبيد: تناولت هذه القضايا مع رئيس الجمهورية، خاصة الإقصاء المتواصل للشرائح المنحدرة من النسيج الإفريقي أو النسيج المسترق. وهو وضع موروث عن الانحرافات الظالمة والمتعصبة للأنظمة منذ عدة عقود. وقد حان الوقت لتصحيح هذا الوضع لأنه يهدد السلم المدني والوحدة الوطنية وديمومة الدولة الموريتانية. والحقيقة أنه من الخطير ومما لا يمكن تصوره أن مختلف القطاعات المدنية والعسكرية تتشكل من مكونة اجتماعية واحدة. كما ليس من المقبول أن تبقى ثروات البلاد والسلطة السياسية قابعة بين أيدي الحصن المنيع المتكوّر حول الأحياء السكنية والإدارية المحيطة بملتقى طرق مدريد حتى تفرغ زينه والصكوك والمنطقة الشمالية من لكصر. الحقيقة أن القاطنين في هذا الجزء الهزيل من حوزة العاصمة هم من يحكمون موريتانيا في كل مراكز قرارها، وهم من يبددون الثروات، ويتوزعون بينهم الأراضي وتراخيص الصيد والمعادن والبنوك والعون المالي الأجنبي ووظائف القطاع الدبلوماسي. أما القاطنون خارج هذا الحصن، خاصة في الأحياء النائية المكتظة وفي قرى الداخل، فيواصلون مقاساة رعب البؤس والإذلال. وعندما تعودون إلى لائحة الأشخاص الذين تمت مساءلتهم أو وجهت لهم أصابع الاتهام في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، ستلاحظون النسبة الساحقة لقبائل البيظان. هذه الوثيقة، وحدها، تشهد، بصفة غير مباشرة، على حجم التفاوتات والتمييز في بلادي.
إننا نرجو من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني أن يأتي بحل لهذه الخريطة السوسيو-سياسية والاقتصادية المقرفة بغية تطويق هذا النوع من التفاوتات بين جزيرة البذخ الوقح وباقي موريتانيا التي خربها غياب التمدرس، ونقص التغطية والضمان الصحي وحتى الماء الشروب، وتهالك الطرق، والارتفاع الصاروخي للبطالة.
سؤال: هل وجدتم ضمانات بخصوص ترخيص حربكم: حزب الرك؟
بيرام الداه اعبيد: نعم، وهذه الضمانات ليست بالجديدة من قبل رئيس الجمهورية. لقد سمعت منه أن الموريتانيين سيستفيدون، كلهم، من الحقوق التي تمنحهم إياها القوانين والدستور، خاصة القدرة على الانتظام في روابط وحق الترشح والانتخاب.
سؤال: حسب بعض المصادر، فإن الرئيس غزواني، خلال لقائكم به، أخذ عليكم تحاملكم على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وطلب منكم الإلتزام بما جئتم من أجله.. ما حقيقة الأمر؟
بيرام الداه اعبيد: بالنظر إلى مقال للصحفي الشيخ حيدره، فقد عبر لي الرئيس عن نيته في عدم الترشح لمأمورية وأنه ليس مهتما بالمواصلة إدارة دفة الحكم، وأن انتقاداتي لسلفه أحرجته، ما حدا به إلى أن يأمرني بالتقيد بالهدف من طلبي للقائه… أقول بهذا الخصوص أنني أعرف جيدا المصدر غير العفيف لهذا الخبر وهذا التحامل. أود الإشارة هنا إلى أنني لست ملزما بإفشاء الفحوى الكلي للقاءاتي مع رئيس الجمهورية وليس من عادتي أن أفعل ذلك. ما أفشي من فحوى لقاءاتنا هو ما يغذي الأمل لدى الرأي العام ولدى الداعمين لي من أجل مستقبل أفضل. وإني لا أتقاسم مع الجمهور غير المعلومات الإيجابية بغية التشبث بالأمل وإعادة تأسيس الانسجام بين مواطنينا من أجل ازدهار أكثر ومن أجل التفاهم وطمأنة القلوب تحت يافطة دولة القانون.
إذن، أترك لهذا المتلاعب المفضوح فرصة أن ينشر، ما طاب له ذلك، هذه المعلومة المغلوطة لحاجة في نفسه خلفيتها أن يرى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ينسحب من الترشح لمأمورية ثانية سنة 2024. إنني لست المتحدث-ناشر الفرقة باسم هذا الشخص ذي النوايا الغير حميدة كما لست المتحدث باسم الرئيس غزواني.
بالنسبة لجهود تنقية المشهد السياسي، أي العلاقات بين النظام والمعارضة، فيبدو لي أن الرئيس غزواني مهموم بتحقيق هذا الهدف. وإن القول بأنني تطرقت إلى موضوع الرئيس السابق مع الرئيس الحالي كذب وافتراء، لا خلال لقائنا شهر أكتوبر المنصرم ولا خلال لقائنا يوم 28 أغشت الماضي.
لست ممن فروا يوم الزحف، وارتجفت فرائصُهم، عاجزين عن مواجهة الرئيس السابق لمّا انتصب كطاغية متجبر خلال السنوات الإحدى عشرة الأخيرة من حكمه. كما أنني لست من الذين بقوا في البلاد متوارين عن الأنظار، أو الذين ظلوا يلعقون أحذية الطاغية. لقد بقيت شامخ الرأس، سليطا، ما جرني للسجن، مكبلا، عدة مرات. لقد كنت متحديا ثابتا في وجه محمد ولد عبد العزيز، في منزلي وفي الشارع وخارج البلاد خلال أكثر من عشر سنوات، وقد أمضيت نصف فترة حكمه داخل الزنزانات. إذن ليس أنا من يحتاج إلى استدراك الزمن واستعادة الشجاعة واستجداء الجرأة، ولست أنا من يفقد كرامته بالتحامل على عزيز بعد أن أصبح مجرد مواطن عاد، يتحاشاه الجميع، ويذمه أول قادم، ويتحداه كل من تملقوا له أو الذين هربوا منه حتى نهاية حكمه. بالنسبة لي فقد صفيت حساباتي مع عزيز عندما كان قويا وخطيرا. واليوم على الجبناء، الهاربين ولاعقي الأحذية، أن يفعلوا ذلك.
أشير أيضا إلى أن المصدر الملفِّق الذي جر زميلكم الشيخ حيدره إلى الخطأ يتظاهر بأنه
يجهل صفتان لكل منا انا والرئيس غزواني. فالرئيس غزواني، بحكمي تربيته وبحكم ثقته في نفسه، لا يسيء الأدب أبدا، وليس من ذلك النوع الذي يقاطع كلام ضيوفه. إن إلصاق هذا النوع من الأمزجة به هو نوع من تلويث سمعته. أما أنا فلا أحد يمكنه أن يقاطعني أو يسكتني عن أي موضوع لأنني، ببساطة، كنت وما زلت حرا غير عابئ بالأوامر غير المتبصرة بشأن معايير الاستقامة والقانون. ولعله من الدليل على الجهل ببيرام أن نلصق به عيوب الحاشية.
وهنا أريد أن أخبر زملاءكم والرأي العام أن طبيعة لقائي مع رئيس الدولة لا يمكن وصفها بطلب بسيط. لا. فهذا اللقاء تم التحضير له لفترة طويلة، وكان منظما بإتقان، وقد نضجت شروطه. وبعناية فائقة، تمت معالجة مواضيعه من الجانبين قبل اليوم المحدد للقاء. وإنها لمناسبة جديدة، لأكرر شكري الخالص لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.
سؤال: بمَ تجيبون الذين يعتبرون أنكم كنتم حليفا للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز؟
بيرام الداه اعبيد: لعلي سأطرح عليكم السؤال التالي: في ماذا يتجلى تحالفي مع عزيز؟. الأمر ليس أكثر من تحامل الجبناء الذين لم يتمكنوا من مقارعة عزيز. هؤلاء الجبناء يحاولون استعادة الثقة في أنفسهم بعد مسار الأداء الفعال لمنظمة إيرا ورئيسها. هذه الشهرة استُحقت من الكفاح الرزين والتضحيات الجسام. وإن جبنهم لا يخول لهم المضي أبعد منا لذلك فهم مرغمون على اللجوء إلى الشائعات والثرثرة. إن قلتم بأن حزب تكتل القوى الديمقراطية كان حليفا لعزيز الذي سانده بعيد انقلابه على سيدي ولد الشيخ عبد الله، هنا أقول نعم. كما يمكن القول ان حزب حاتم كان حليفا لعزيز لأن بعض أعضائه اكتُتبوا في الحكومة التي أعقبت انقلاب 2008. وكان حزب تواصل حليفا لعزيز، وهو ما ظهر خلال انتخابات الشيوخ بتقديم لوائح مشتركة مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. وبالتالي يمكنني أن أفهم أن معارضي عزيز كانوا حلفاء له، وهم لم يعرفوا السجن مثل بيرام الذي قبع فيه حتى السنة الأخيرة من حكم عزيز، كما أنهم ظلوا موظفين، يتلقون رواتبهم، ولم يفصلوا من وظائفهم من قبل عزيز كما وقع مع بيرام. هؤلاء المعارضون كان عزيز يسوي همهم عكسا لبيرام.
إذن يمكننا القول أن أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني كانت حليفا لعزيز لأنه رخص لها أو مكنها من مواصلة عملها. أما بيرام فمنع له عزيز الترخيص لمنظمة إيرا ولحزب الرك. كل من ذكرتُ يمكنني القول بأنهم كانوا حلفاء لعزيز لأن تجمعاتهم وتظاهراتهم لم تكن تتعرض للقمع خلال حكمه، وعكسا لذلك تعرض مناضلو إيرا للقمع والتعذيب.
إضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء المعارضين لم تتم شيطنتهم تحت ظل حكم عزيز كما وقع لبيرام من خلال الدبلوماسية والمساجد وأحزاب الدُّمَى. ليس معارضو عزيز هم من تكسرت أقدام زوجاتهم وأبنائهم، بل زوجة وذوو بيرام هم من تعرضوا لذلك. إذن في ماذا تبدّى تحالفي مع عزيز؟ أهو في العنف ضد أسرتي؟ أم في قمع رفاقي؟ أم في سجني وتعذيبي وتعذيب رفاقي؟ أم في تحريم منظمتنا وحزبنا؟ أم في شيطتنا في المساجد وفي الصحافة وفي الأوساط الدبلوماسية؟ أم في مصادرة راتبي خلال كل الفترة التي قضاها عزيرا حاكما؟.
لقد اخترنا العمل الجبهوي واعتمدنا الخطاب الأقسى الذي تلخص في الشجب المنهجي، دون محاباة، لنظام عزيز سواء داخل أم خارج البلاد.
هذا الشجب عرفته كل المنابر (الإعلام، شبكات التواصل الاجتماعي، المنتديات الدولية…). لقد قدم خطابنا أقل قدر ممكن من التنازلات لعزيز بينما رافقت المعارضة عزيز في شيطنة بيرام وتشكيلة الرك المحرمة (الحزب الراديكالي من أجل عمل شامل). وهنا أكرر التساؤل: فيمَ يمكن أن يتجسد تحالفنا مع عزيز؟ لابد أن يقدم المتقولون حجة ملموسة. خلال الاقتراعين الرئاسيين الأخيرين (2014-2019) كنت المرشح الأكثر استماتة ضد عزيز. كل المرشحين استفادوا من توقيعات عمد ومستشاري الحزب الحاكم. وقد استفدت منها مثلما استفاد منها محمد ولد مولود وكنْ حاميدو بابا وباقي اللائحة.
ربما أن هذا التقارب المزعوم تجسد في كون عزيز سجنني على أعتاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة الأمر الذي منعني من الفوز ببلديات وبأقلية قوية من النواب والمستشارين الجهويين. وإذا كان سجني الهادف إلى منعي من منافسة الأغنياء يشكل برهانا على التحالف، فأي ربح استفدته في النهاية؟. ولعله من الجدير بلجنة التحقيق البرلمانية وبشرطة الجرائم الاقتصادية وبالمحاكم أن تفتح ملفا لتكشف النقاب عن المبالغ التي وهبني عزيز مقابل السنوات الطويلة التي أمضيتها في السجن، وتعويضا لرفاقي في إيرا ولأسرتي عن العنف الذي تعرضوا له، وتعويضا عن التشويه الذي تعرضت له في الداخل وفي الخارج. هذا المبلغ يمكن أن يكون ضخما خياليا. وعلى لجنة التحقيق البرلمانية والشرطة أن لا يتغاضوا عن هذه الأموال التي لا تقع تحت الحصر. لكن كم منح عزيز لعشرات آلاف الأشخاص الذي لعبوا، لصالحه، أدوارا مشهودة في مسرحياته؟ وما هي طريقة الدفع لهذه الجموع التي دعمت بيرام؟ وكيف وقّع المناضلون هذه الاتفاقيات؟ ومن هم الممثلون الآخرون في الجوق المسرحي العشري الذي لعب فيه بيرام دورا مع عزيز؟.
أذكركم بأن هيئات التحكيم التي منحت لبيرام الداه اعبيد جوائز وميداليات هي، من بين أخريات، هيئة الأمم المتحدة، وفرون لاين دفاندير، وويمار، والخارجية الأمريكية، والخارجية الهولندية، وجائزة لوثر كينغ، وجامعة لوفين ببلجيكا (الدكتورا الفخرية)، ومجلة التايمز (المئة شخصية الأكثر تأثيرا في العالم)، كما اعتمدتني صحيفتا ماغازين أفريكان وجون أفريك ضمن الـ 15 شخصية الأكثر تأثيرا في إفريقيا، بالإضافة إلى جائزة الشجاعة بجنيف في مجال الدفاع عن حقوق الانسان.
كل حُكام هذه الهيئات، مع استقامتهم ونزاهتهم الخلقية، كانوا أعضاء في الجوق المسرحي لعزيز وبيرام من سنة 2008 إلى غاية 2019؟. هل اشتراهم عزيز وهل دفع لهم بيرام؟ أم يتعلق الأمر بكوميديا خاصة؟ لقد 

لقد اعترفوا بجهود مانديلا ومارتين لوثر كينغ وجيمي كارتر بوسائلهم القادرة على كشف القادة ذوي الأحقية، وعندما تعلق الأمر ببيرام أصابهم العمى فأخذوا الشخص الخطأ حسب أنشودة الجبناء؟
اليوم، رحل عزيز، وسوف نرى ما سيكون بيرام وإيرا والرك. ربما سيكون عليهم اختلاق مشغّل جديد لبيرام ولإيرا إذا أرادوا تحاشي الغرق أو أرادوا أن يقنعوا غزواني بالدخول معهم في نفس المسرحية.
أجرى المقابلة باكاري غيْ

نقلا عن أخبار الوطن